نحن نطالب كافة السوريين بالتفكير في توحيد سوريا عن طريق مؤتمر سوري عام نرحب باستضافته في عاصمتنا متى شاؤوا. لقد جد أوان الجد فالمسألة خطيرة، والمستقبل يتطلع إلى العرب ليرى ماذا يفعلون لاستعادة مجدهم التليد وتوحيد أراضيهم الممزقة" من كلمة الأمير عبد الله إلى السوريين، 11 أبريل 1943.
حسين شحادة: كان على الرئيس بشارة الخوري وفريقه قيادة السياسة الخارجية اللبنانية بحذر وسط محاولات الهيمنة المحيطة به، بدورها واجهت سوريا أخطار الضم إلى العراق في إطار مشروع الهلال الخصيب أو إلى الأردن في إطار مشروع سوريا الكبرى، ساهمت هذه الضغوط في تحويل أنظار الساسة السوريين عن لبنان.
حسين شحادة: اختار لبنان مشروع إنشاء جامعة الدول العربية لتفادي المشاريع الوحدوية الهاشمية ومن ثم الانحياز إلى المعسكر المعادي للهاشميين بقيادة مصر صاحبة مشروع الجامعة العربية وحليفتها العربية السعودية.
حسين شحادة: على الصعيد الدولي كان صراع من نوع آخر يستعر إذ أخذ الاهتمام الأميركي بلبنان يتعاظم وسط سعيها إلى تحطيم الإمبراطوريات القديمة، ذلك ما تكشفه الوثائق التي استخرجناها من الأرشيف الفرنسي ومن بينها رسالة كان الجنرال بينيه المبعوث العام الفرنسي إلى بيروت قد أرسلها إلى بيدو وزير الخارجية الفرنسي قائلا "إن وادز وورث رئيس البعثة الأميركية في بيروت يواصل دعايته المضللة ضدنا وقد بدأ الآن يعرض على شخصيات لبنانية عدة نص المذكرات المتبادلة حديثا بين مبعوثنا في واشنطن وسكرتير الدولة الأميركي بخصوص موضوع الاستقلال السوري واللبناني، وقد أوضح وادز وورث بهذه المناسبة أن حكومته قد كلفته إبلاغ الحكومة اللبنانية بأنها تعارض توقيع معاهدة بين فرنسا ودول المشرق".
عاصم الدسوقي/ أستاذ في التاريخ المعاصر بجامعة حلوان- مصر: وقتها كانت لسه الولايات المتحدة ماهياش دولة استعمارية فكانت داخلة على العالم كله بمنطق أنها تدافع عن الحريات وأن إحنا أصلا ثوار يعني هم كانوا مستعمرات بريطانية وقاموا بثورة وأعلنوا جمهورية فضغطوا على الإنجليز وعلى الفرنساويين أن هم لازم يتركوا سوريا ولبنان.
شارل سانو/ مدير معهد الدراسات الجيوسياسية- فرنسا: لم نكن بحاجة إلى اتفاق ومرة أخرى لا أفهم ما الذي تقصده، ولكن فرنسا لم تكن بحاجة إلى إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة أو أي بلد آخر لسحب قواتها، طالما كانت تعترف باستقلال لبنان وسوريا كان يمكنها سحب قواتها من دون الحاجة إلى وصاية ولكن الأميركيين لديهم الهوس بضرورة أن يكونوا هم الأوصياء والمنظمين.
كمال صليبي/ مؤرخ وأستاذ في التاريخ- لبنان: فرنسا ما كانت باغضة للبنان وكانت تريد لهم الخير وكان في بفرنسا ناس يقولوا محبة اللبنانيين لفرنسا هي كثير أهم من وجود عسكري وكثير أهم من يكون في اتفاقية مكتوبة.
حسين شحادة: كان لا بد لنا من أن ننتقل بالبحث إلى الأرشيف الأميركي في واشنطن للتعرف إلى الرؤية الأميركية للموقف السياسي في لبنان، وبالفعل وجدنا رسالة كان وادز وورث قد أرسلها إلى الخارجية الأميركية والتي توضح وجود خطة لدى جماعة من الضباط تتمتع بميول سياسية يمينية متطرفة بتنظيم مظاهرات حاشدة تؤيد الانتداب بمذاق مسيحي مناوئ للمسلمين مما يخلق المتاعب ويوفر ذريعة للتدخل المسلح، ويقول إنه علم أيضا بمحاولة أخفقت لحسن الحظ لحمل الكتائب أي حركة الشبيبة المسيحية على الاشتراك.
شارل سانو: لم تحاول فرنسا قط تشجيع طائفة لبنانية ضد أخرى ولطالما أكدت فرنسا -وهذه سياستها حاليا- أنها صديقة كل اللبنانيين سواء كانوا من الموارنة أو الأرثوذوكس، الدروز، السنة أو الشيعة.
صراع مع الخارج.. وفي الداخل
حسين شحادة: آنذاك أعيد ترتيب التكتلات السياسية والحزبية والطائفية في لبنان إذ كان حزب الكتائب اللبناني المؤسس على يد بيير الجميل هو البوتقة الجامعة للموارنة والكاثوليك ضد النزعة القومية ومع الاتجاه نحو فرنسا، بينما مثل التيار السني منظمة النجادة الذراع العسكري لجمعية الكشاف المسلم المؤسسة على يد محي الدين النصولي إلى جانب الكتلة الوطنية بقيادة إميل إده والكتلة الدستورية بقيادة بشارة الخوري والحزب القومي الاجتماعي بقيادة أنطون سعادة الداعي إلى نبذ فكرة انعزال لبنان عن محيطه العربي، إلى جانب عصبة العمل القومي وحزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب إضافة إلى الحزب الشيوعي اللبناني السوري الموجود منذ العام 1924.
كمال صليبي: بقي في يمين متعصب ولكن في هالتيار هذا لا، كان من الأساس من أول أيام الانتداب يفكر بهالطريقة هذه.
جرام بنرمان/ أستاذ في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط- أميركا: تطلع المسيحيون إلى الغرب بسبب العلاقة التاريخية للمارونيين مع فرنسا وأوروبا والتي تعود إلى العصور الوسطى بينما رأى المسلمون أنفسهم جزءا من العالم العربي وكانت تلك هي هويتهم.
حسين شحادة: استمرت حكومتا بيروت ودمشق بالإلحاح في طلب جلاء الجيوش الأجنبية عن أراضيهما واستمرت الحكومة الفرنسية في رفض كل المطالب اللبنانية والسورية وتأكيد أن أي تفاوض لا يمكن أن يتم إلا في إطار ما تصبو إليه فرنسا ويترجم في معاهدة تضمن لها حقوقها في دولتي المشرق.
كمال صليبي: هون إجت شطارة اللبنانية من ناحية وإجت بريطانيا والأميركان بدهم يخلصوا من هالقضية قضية فرنسا وشو بدها فرنسا من المنطقة يعني مثل ما بيقول المثل إنه الناس بالناس والقطة بالنفاس، في حرب عالمية على وشك الانتهاء وبدهم إياها تنتهي بسرعة بأقل شيء ممكن من الخسائر وبعدين بيشوفوا، ما بدهم يدقّروا أنه فرنسا بدها هيك وفرنسا بدها هيك، فرنسا عم تضغط عليهم.
حسين شحادة: كانت الاحتفالات التي شارك فيها الجنود الفرنسيون في بيروت ودمشق ابتهاجا بانتصارات الحلفاء قد أدت إلى اشتباكات بين الجنود الفرنسيين وبعض الأهالي.
غسان عيسى/ باحث في التاريخ- لبنان: طلعت الطائرات الفرنسية مع الجيش الفرنسي واقتحموا البرلمان وبالطيران قصفوا دمشق وقصفوا البرلمان وقصفوا مدينة دمشق كلها وقتلى وجرحى بالمئات، ضهروا اللبنانيون تأييدا للسوريين بمطالبهم بالحالة اللي وصلت لهون واشتبكوا كما ذلك بس اشتباكاتهم كانت أخف من الاشتباكات اللي صارت بين السوريين والفرنسيين.
حسين شحادة: في تلك الأزمة وفر دعم الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي المزيد من القوة للبنانيين والسوريين، وعربيا يخبرنا الأرشيف الأميركي أن الملك عبد العزيز آل سعود دعا الولايات المتحدة إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه فرنسا تتضمن تهديدها بعقوبات اقتصادية إذا استمرت في طغيانها وامتناعها عن الخضوع للحق.
غسان عيسى: الدول العربية كلها كانت من ضمن المجموعات اللي وقفت مع لبنان بالجلاء وضغطت الجامعة العربية ضغطت على موضوع الجلاء، كانت بعدها ببدايتها الجامعة العربية أو الوفود العربية كلها اللي تحركت باتجاه دعم الخطوات اللبنانية والسورية وأميركا وحتى بريطانيا هددت فرنسا بأن تسحب قواتها من الشارع وتفتح المجال أمام عملية الجلاء، مفاوضات الجلاء بين الطرفين.
شارل سانو: فرنسا قررت بفضل الجنرال ديغول الاعتراف باستقلال الدول وهذا ما فعلته وأرادت المحافظة على العلاقات الودية مع هذه الدول بحيث يبقى التعاون موجودا وهذا ما حصل بشكل واضح مع سوريا وبشكل أوضح مع لبنان.
كمال صليبي: من لبنان راحوا على باريس واتفقوا معهم وقالوا لهم باليوم الفلاني بتستلموا كل شيء بما فيه السرايا -السرايا كانت مركز الانتداب كان يسكن فيها المفوض السامي- تستلموا السرايا وآخر جندي بينسحب. وفعلا راح الجيش اللبناني ضرب له 21 مدفعا على الـ port وداعا وإجوا سلموا عليهم وراحوا بطريقة كثير حضارية ورايقة.
هموم.. زائدة عن الحاجة
حسين شحادة: هزيمة الجيوش العربية وتأسيس دولة إسرائيل عام 1948 لم تكونا فحسب صدمة عربية عامة بل كان لهما الأثر الأكبر على الساحة اللبنانية فقد نزح نحو 120 ألف فلسطيني من أبناء الجليل واستقروا كلاجئين في لبنان، على الجانب الآخر وكنتيجة للمقاطعة الاقتصادية العربية لإسرائيل أخذت بيروت دور حيفا باعتبارها مرفأ الداخل العربي وارتفعت حركة السلع من 301,500 طن عام 1946 إلى 400,051 طن عام 1950، و887 ألف طن عام 1955، وتضاعف حجم تجارة الترانزيت التي تمر عبر مرفأ بيروت 27 ضعفا قياسا إلى عام 1948. لكن الصناعة اللبنانية تلقت ضربة قوية بإقفال السوق الفلسطينية في وجهها إذ كانت قيمة صادراتها إلى فلسطين تفوق صادراتها إلى فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة مجتمعة، وعلى صعيد آخر نزح إلى لبنان عدد كبير من أبناء الطبقتين الثرية والمتوسطة من الفلسطينيين حاملين معهم رؤوس أموال لا تقل عن خمسين مليون ليرة لبنانية.
جرام بنرمان: اللاجئون الفلسطينيون الذين نزحوا من شمال فلسطين غيروا ميزان القوى العرقي داخل لبنان، بإمكانك أن ترى كيف عامل اللبنانيون الفئات الفلسطينية المختلفة، إذا كنت فلسطينيا مسيحيا توفرت لك فرصة أفضل لتكوين علاقات أسرية في لبنان والحصول على الجنسية اللبنانية أما إذا كنت فلسطينيا مسلما فسوف تجد صعوبة أكبر للحصول على الجنسية.
حسين شحادة: في هذه الأجواء بدأت طبقة من كبار التجار وممثلي العائلات والطوائف بالسيطرة على مقاليد السياسة والاقتصاد إلى حد أنها كانت الوريث الوحيد للمصالح المشتركة لفرنسا والتي كانت تدار من قبل سلطة الانتداب مباشرة ومنها مراقبة الشركات ذات الامتياز، الجمارك، النقد، شركات سكك الحديد إلى جانب المصارف والأشغال العامة والبريد والبرق. كانت الطبقة التجارية المالية التي تولت السلطة الاقتصادية في لبنان تضم نحو ثلاثين أسرة تلتف حول كل من شقيقي الرئيس وأبنائه ونحو دزينة من الأسر الحليفة، وقدرت ثروات 15 أسرة بـ 245 مليون ليرة لبنانية أي ما يعادل تسعة أضعاف خزينة الدولة للعام 1949 وأكثر من 40% من الدخل الأهلي لعام 1948. خلال تلك الفترة انتخب 13 من أبناء الأسر النافذة نوابا في البرلمان واحتل خمسة منهم مناصب وزارية وعين أحدهم رئيسا للوزراء وفرض معظم نوابهم على مناطقهم من أعلى حيث لعبوا دور ممولي اللوائح الانتخابية، هكذا وفي عهد بشارة الخوري كان 36 نائبا، 26 منهم من المسيحيين يملكون أكبر 230 شركة في البلاد أو هم أصحاب حصص راجحة فيها.
شارل سانو: المؤسسات الموجودة التي كانت عرضة للانتقاد وكانت أفضل ما يمكن أن تؤيده فرنسا آنذاك فقد عملنا على الاتفاق الوطني بحيث تحصل كل طائفة على نصيبها من السلطة والنفوذ فيكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا ورئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا. لقد حاولت فرنسا أن تعطي لكل طائفة دورها في الاتفاق الوطني آملة أن يحدث الاتحاد بينها في السنوات المقبلة بحيث يتوصلون إلى وحدة وطنية تتجاوز كل الانقسامات الطائفية.
كمال صليبي: يمكن لو كان في طبقة معينة حكمت لبنان كان يمكن في اتفاق بيناتهم أكثر أنه مثلا لو كلهم تنقول إقطاعيين كان صفى في مصلحة إقطاعية بتجمعهم وتخليهم ينتصروا على أي شيء بيفرق صفوفهم لحد ما يصير في ثورة تطير الإقطاع وتجيب شيء محله ولكن ما كانت هيك ما كان في شيء يجمعهم.
جرام بنرمان: هذا سؤال يراود الكثير من الأميركيين، لماذا تكون الحكومة في لبنان ضعيفة؟ لكن اللبنانيين ينظرون إلى الأمر من زاوية تختلف عن الأميركيين فاللبنانيون يعتقدون أن حكومتهم على الأرجح سوف تضرهم أكثر مما تنفعهم لهذا أرادوا حكومة ضعيفة لأن الحكومة القوية سوف تسلبهم بعض المزايا.
حسين شحادة: في ظل تحالفات الطبقة الحاكمة أراد الرئيس بشارة الخوري تعديل الدستور وتجديد ولايته في وجود المجلس النيابي الذي وصف بأنه مجلس الـ 15 رأسماليا والأربعين من أذنابهم، وفي غياب الشريك السني رياض الصلح الذي اغتيل عام 1951 على يد مجموعة من الحزب السوري القومي الاجتماعي ثأرا لإعدام زعيمه أنطون سعادة انعقد تحالف معارض ضم شخصيات بقيادة كمال جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وكميل شمعون وريمون وبيير إده إضافة إلى أحزاب الكتائب والنجادة والسوري القومي الاجتماعي والشيوعي، وتشكلت بموجب هذا التحالف الجبهة الوطنية الاشتراكية التي أقرت برنامجا طموحا من السياسات الديمقراطية والمعادية للاحتكارات يستلهم أفكار كمال جنبلاط وبرنامج حزبه.
شارل سانو: مشكلة لبنان هي التفاوت الطبقي والظلم الاجتماعي فهناك إقطاعيون أثرياء جدا في مقابل الفقراء جدا، مشكلة لبنان تتمثل في النمو الاقتصادي والاجتماعي المناسب وسنرى أن كل الطوائف تنفق جيدا، المشكلة أن هناك الكثير من الفقراء، هناك أشخاص يجدون صعوبة في الحصول على العلاج أو تعليم أبنائهم، هذا هو واقع الحال.
غسان عيسى: عندما انفجر الصراع بلبنان بالاعتقاد كان يظن أنه بين مطالب إسلامية بدها تنتزع مطالب من الفئة المهيمنة على السلطة كما يقال بالزمانات، بين هلالين، الفئة المهيمنة للسلطة اللي كانت ماسكة من المسيحيين والموارنة بالذات.
حسين شحادة: كان الخوري والصلح قد رفضا منذ مطلع عام 1950 عرضا بريطانيا بانضمام لبنان إلى الحلف العسكري المناهض للاتحاد السوفياتي الذي أطلقته بريطانيا والولايات المتحدة ومعهما فرنسا وتركيا ودعيت مصر وسوريا ولبنان إلى الانضمام إليه. انفجرت الخلافات داخل الكتلة الدستورية بين دعاة الحماية الأجنبية ودعاة الحياد، أما كميل شمعون المعروف بولائه الغربي وحميد فرنجية المعروف بمواقفه الحيادية فقد قررا الترشح لخلافة بشارة الخوري وبانسحاب فرنجية فاز كميل شمعون وانتخب رئيسا للجمهورية في 23 سبتمبر/ أيلول عام 1952.
شمعون.. وجه آخر
حسين شحادة: يوصف عهد الرئيس شمعون في الذاكرة الجماعية للطبقة الوسطى وخاصة في عنصرها المسيحي بالازدهار الاقتصادي ومع ذلك مثل عهده مرحلة جسدت التداخل الحاد للمسألة الطائفية مع حساسية لبنان تجاه محيطه حيث تحول إلى ساحة للاستقطاب الإقليمي بين القومية العربية والسياسة الغربية.
غسان عيسى: شعر كميل شمعون أن هذه القوة الجديدة اللي آتية هي هذه اللي أنا لازم أتعامل معها، وهو بالأساس توجهه غربي يعني ما في ملامة عليه أنه هو مثلا غير خطه بس هو كان يخدع بأنه هو اشتراكي وهو ما له علاقة بالاشتراكية فمن هون دخل على خط أميركا بكل طيبة خاطر.
شارل سانو: كان شمعون عميلا بريطانيا، كان عميلا بريطانيا لم يكن يريد السخرية من فرنسا ولكنه لم يشأ معارضة أسياده البريطانيين، شمعون من الأشخاص الذين ألحقوا أكبر الضرر بالقضية العربية وبلبنان لأنه كان عميلا أجنبيا للإنجليز والأميركيين والصهاينة.
عاصم الدسوقي: صناعة العروبة كقومية لمواجهة الدولة العثمانية كان بدأ من عند المسيحيين فهنا.. والعروبة بحد ذاتها بالنسبة للمسيحيين رابطة علمانية لأنه مالهاش علاقة بالدين هي علاقتها باللغة والأرض المشتركة والتاريخ إلى آخره.
دانييل نيب/ محاضر في الشؤون الدولية بجامعة إكستر- بريطانيا: كان شمعون يترأس حملة أساسية لتغيير مبادئ السياسة اللبنانية، من الناحية الاجتماعية كان يحاول ميدانيا منع الزعماء السياسيين في الريف من المشاركة في النظام السياسي واستبدالهم بالزعماء المتأصلين في التقدم المدني.
كمال صليبي: يعني ما بأعتقد أن كميل شمعون أو أي حدا من السياسيين اللبنانيين أنه كان عنده تصورات ميتافيزيقية وأشياء من هالنوع، كانوا سياسيين يعني كانوا سياسيين كانوا يعرفون كيف يدبرون الانتخابات كيف يصلون كيف يحافظون على شعبيتهم كيف ما يخسروا شعبيتهم مين يوظفوا ما يوظفوا كيف يحرضوا بعضهم كانوا يعرفون بهالأشياء كثيرا، لكن أنه كانوا فلاسفة زمانهم؟ لا، ما كانوا فلاسفة زمانهم.
حسين شحادة: زاد صعود جمال عبد الناصر في مصر من اهتمام الإدارة الأميركية بلبنان وصنف وزير الخارجية الأميركية جون فوستر دالاس لبنان ضمن المواقع الأميركية التي يتعين الدفاع عنها ضد تيار القومية العربية الصاعد.
غسان عيسى: توجه جون فوستر دالاس بطبيعة الحال إلى المنطقة العربية، زار سوريا ومصر والأردن والسعودية وفلسطين ولبنان، أكثر من رحب فيه هو شمعون.
عاصم الدسوقي: جاء قابل جمال عبد الناصر في مايو سنة 1953 أثناء التفاوض، أثناء التفاوض مع الإنجليز يعني، فمن هنا عرض على جمال عبد الناصر المشروع ده الدفاع عن الشرق الأوسط فعبد الناصر قال له الدفاع ضد من؟ قال له ضد الشيوعية، عبد الناصر قال له لا يوجد خطر على المنطقة من الشيوعية، إذا كان في خطر يبقى الخطر من إسرائيل وليس من الشيوعية.
حسين شحادة: سار شمعون ضد تيار سلفه بشارة الخوري إلى حد أنه انتقد قرار تأميم قناة السويس خلال الأزمة ورفض قرار القمة العربية بقطع العلاقات مع كل من فرنسا وبريطانيا وهو ما أحدث شرخا هائلا داخليا وعربيا أسفر عن خروج عبد الله اليافي وصائب سلام من الوزارة وإسناد وزارة الدفاع إلى قائد الجيش فؤاد شهاب والخارجية إلى واحد من أكبر مؤيدي السياسة الأميركية، شارل مالك.
أسامة المقدسي/ أستاذ في التاريخ المعاصر بجامعة رايس- أميركا: ثمة أسباب فلسفية والكثير منها كانت مغلوطة، وهناك أسباب سياسية فقد خافا من عبد الناصر والقومية العربية وطبعا تخوفا من الخصوم من اللبنانيين وأرادا المحافظة على دولة لبنانية يسيطر عليها الموارنة.
كمال صليبي: في ناس صاروا يسألوا هيك، إنه ولو! لا نستشار قبل اتخاذ قرار بهالشكل؟ بتجينا أوامر أنه اقطعوا علاقاتكم مع فرنسا وإنجلترا. بعدين سبق أن لبنان كان منمي علاقات وآخذ وقت حتى يبنيها ومطول باله مع هالدولتين حتى تمشي أموره بالعالم حتى يقدر يعيش، بتجي هيك الأوامر من فوق بدون استشارة -بدون شورة ولا دستور مثل ما بيقولوا- أنه اقطعوا علاقاتكم!
حسين شحادة: نعود مجددا إلى الأرشيف الأميركي لتبيان تأثير تلك التغييرات اللبنانية الداخلية حيث عثرنا على مذكرة حوار من الخارجية الأميركية تغطي لقاء الرئيس الأميركي مع رجل الخارجية الجديد شارل مالك وتركز على وجهة النظر التي تذهب إلى وقوع مصر وسوريا تحت الهيمنة الشيوعية، حيث يقول مالك إن سوريا ومصر وحتى السعودية تتدخل بلبنان وشؤونه الداخلية ويبرز نشاطهم في الوقت الحالي بالذات بسبب اقتراب الانتخابات البرلمانية. إذا لم تأت الانتخابات بالنواب اللبنانيين المؤيدين للغرب فسوف يتأثر مستقبل لبنان لأن هذا البرلمان سيطلب منه فيما بعد اختيار الرئيس ويرجو الدكتور مالك أن نجد طريقة لمساعدة لبنان في منع هذه التطورات.
غسان عيسى: بدأت الأموال تنزل رشاوى ومال بقلب الشارع للحصول على الأكثرية النيابية بقلب المجلس.
دانييل نيب: وكانت هذه الأشكال من الممارسة السياسية مختلفة جدا حيث اعتمدت على العلاقات الشخصية بين الأفراد وبين الزعيم الذي كان يؤمن لأتباعه الوظائف ويساعدهم ومن الممكن أن يؤمن المساعدات للقرى لحل المشكلات السياسية والاجتماعية، وبالمقابل كان أتباعه يصوتون له وهذا ما كان يضمن للزعيم مكانا في السلطة للحصول على المزيد من الموارد.
حسين شحادة: في شهر مارس/ آذار عام 1957 ربط الرئيس شمعون لبنان رسميا بمبدأ آيزنهاور من خلال بيان مشترك للحكومتين صوت المجلس النيابي بالموافقة عليه في 4 أبريل/ نيسان.
كمال صليبي: كميل شمعون قبل مشروع آيزنهاور على أساس أنه إذا صار أي هجوم على لبنان ووقتها كان في مشروع وحدة عربية، وحدة عربية عم تطالب بضم لبنان، إذا صار شيء من هالنوع بتيجي أميركا وبترد الطامع بأرضه، يعني كان فهما بسيطا لشيء عم تقوله أميركا يعني أميركا أوقات كثير بتقول أشياء بيطلع أنه هي بتعني العكس.
الانتخابات.. معارك أخرى
حسين شحادة: يصف ويلبر كرين إيفلند العميل الرئيس لوكالة المخابرات المركزية الأميركية في بيروت انتخابات مايو/ أيار من عام 1957 بأنها انتخابات وطنية اشترتها الـ CIA لصالح شمعون حيث يقول "طوال فترة الانتخابات كنت أتنقل بانتظام إلى القصر الجمهوري وبحوزتي حقيبة طافحة بالليرات اللبنانية ثم أعود إلى السفارة متأخرا في المساء ومعي حقيبة توأم لها أحملها إلى مكتب مالية الـ CIA لملئها من جديد". الأرشيف البريطاني بدوره يشهد بمثل ذلك حيث يقرر السفير البريطاني في بيروت أن "الانتخابات اللبنانية لم تكن حرة تماما في يوم من الأيام فهذا بلد صغير والحزب الحاكم فيه يمتلك الكثير من وسائل الإقناع إلا أنها استخدمت هذه المرة كما لم يحدث من قبل، ثم إن التخويف ليس مجرد تهديد أجوف فقد تعرض ناخب تعيس في دائرة الجبل تجرأ على معارضة المرشح الرسمي لتحطيم متجر المياه الغازية الخاص به على يد الشرطة المحلية، أما عن الرشوة والفساد فقد كان المرشحون والأصوات يباعون ويشترون علنا في الأسواق".
غسان عيسى: بعد إجراء الانتخابات وفوز مرشحي السلطة وسقوط زعماء المعارضة منهم كمال جنبلاط وأحمد الأسعد وصائب سلام وعبد الله اليافي تحرك الشارع وصار في صدامات بالشارع مع قوى الأمن، الساحة انفتحت على مصراعيها وخاصة بالنسبة للدخول الأميركي الذي يريد أن يفرض نفسه بطبيعة الحال بعد دفع كل هالمال بده يحقق شيئا ما من خلال حلفائه، وشمعون كان يريد ذلك.
عاصم الدسوقي: طبيعي هنا الولايات المتحدة ممكن تشتري أصواتا وتضغط، إذا كانت الولايات المتحدة لحد النهارده كانت بتضغط على الاتحاد الأوروبي علشان الدستور وضغطوا على بعض دول -يجي منها يعني- علشان ترفض الدستور وبالتالي ما يحصلش على الأصوات المناسبة.
جرام بنرمان: لقد تحرك الغرب ليس من أجل لبنان بحد ذاته بل لمنع التغيير الذي حدث في ميزان القوى الإقليمية من العمل ضد لبنان، ويجب أن نذكر أن الولايات المتحدة في ذلك الوقت كانت تعتبر مصر والجمهورية العربية المتحدة العدو الأول للمصالح الأميركية في المنطقة.
حسين شحادة: تذكر جريدة التايمز وجود تقارير مدعومة بأدلة عن تواطؤ مصري وسوري في تظاهرات المعارضة بالتزامن مع إنكار المعارضة لأي تدخل أجنبي.
شارل سانو: الكل يعلم أن الديمقراطية لم تكن قط حقيقية في لبنان وأن قوة المال والسلطة كانت السائدة، والمشكلة أنه عام 1957 أراد الوطنيون العرب والناصريون محاربة الفساد وتحسين الأوضاع من خلال الثورة الاجتماعية، أرادوا فرض نظام جديد ونزيه ولكنهم واجهوا المشكلات.
دانييل نيب: فقد رأوا أن النظام اللبناني يهمهم حيث جسد زعماء المناطق الريفية تحت حكم المسيحيين الموارنة الكثير من طموحات الأتباع وترجموها إلى أيديولوجية ناصر والتي هددت نظرة شمعون إلى الشؤون الدولية.
غسان عيسى: عبد الناصر كان اللاعب الأول بالساحة اللبنانية أولا على صعيد كون مصر عبد الناصر والتوجه الناصري ومفاعيله على الأرض اللبنانية من خلال تأثر المسلمين والعديد من المسيحيين بشخصية عبد الناصر والولاء له، ثالثا سوريا وما لسوريا من نفوذ.
حسين شحادة: شكلت رغبة شمعون في ترشيح نفسه لولاية جديدة تهديدا جديا للحليف الكبير للبنان، هكذا تخبرنا رسالة الأرشيف الأميركي التي أرسلها السفير ماك كلينتوك إلى وزير الخارجية دالاس قائلا "إذا تكلل مسعى شمعون لإعادة انتخاب نفسه رئيسا بالنجاح فمن شأن هذا أن يؤدي إلى انقسام لبنان لا على محور إسلامي مسيحي فحسب بل على محور ماروني ماروني أيضا والمحصلة هي تقوية العناصر المسلمة المتعصبة وإضعاف العناصر الموالية للغرب، ورغم أن الضغط المصري قد يلزم العناصر المسيحية بالتعاون فيما بينها إلا أنه سيجذب العناصر المسلمة إلى حقل الوحدة العربية المغناطيسي. ترشيح شمعون لولاية ثانية من شأنه انقسام لبنان".
كمال صليبي: نحن شعب هيك تاريخنا وهيك تصرفاتنا كل عمرنا منحب نكيد منحب نزرك لبعضنا منحب نشبط ببعضنا، كل عمرنا هيك يعني بقى لا قصة مسيحي مسيحي ولا انقسام مسلم مسيحي، لا من شغل أميركا ولا من شغل روسيا ولا من شغل حدا، هذا كله من شغلنا.
جرام بنرمان: من الواضح أنه في أي وقت يحاول فيه زعيم لبناني تجاوز الحياد الذي مكن المجتمع من البقاء سوف يضع لبنان تحت ضغط كبير، وإذا نظرنا إلى الحروب الأهلية التي وقعت في لبنان خلال المائة عام الماضية لوجدنا أن هذه الحروب وقعت عندما حاول شخص أو طرف تحريك ميزان القوى لصالح وجهة نظره.
الانقسام..
حسين شحادة: في هذه الأجواء المشحونة ينبغي لنا أن نتساءل من كان يحاول نزع فتيل الأزمة؟ من كان حريصا على الوطن؟ هذا هو ما يخبرنا به مجددا أرشيفهم حيث تجيء رسالة ويلبر كرين إيفلند مسؤول المخابرات الأميركية في الشرق إلى رئيسه آلان دالاس مدير المخابرات حيث يقول شمعون دون مواربة إن الخيار الوحيد المتاح له هو تسليح العناصر المسيحية بشكل عاجل وحين أبدى إيفلند دهشته من هذا المنهج الذي يؤدي إلى حرب أهلية مسيحية إسلامية قال شمعون إن تسليح المسلمين من مصر وسوريا تسارع في الآونة الأخيرة ولا سبيل للرد عليه سوى تسليح المسيحيين، ثم أبرز الرئيس بندقية مصرية بلجيكية الصنع صادرتها الشرطة مؤخرا.
عاصم الدسوقي: لا، مصر لم تسلح المسلمين ومصر كانت بتدعم في إطار التيار العربي، في نفس الوقت الكلام ده الاندهاش ده معناه إيه؟ معناه بيعكس فكرة بسيطة خالص لكنها معقدة، يعني معقدة في إيه؟ أن الغرب لما بيصطنع عملاء له، العميل مشكلته إيه؟ أنه بيعتقد أنه أصبح على الحجر وأن هو يعني حتلبى طلباته، لا يعرف تغير الإستراتيجيات وتغير التناقضات.
كمال صليبي: كانت بداية الحرب الأهلية تبع سنة 1975 واللي كانت وقفتها أميركا بأنها إجت وقالت لكميل شمعون نحن بس أكثر شيء فينا نعمله نضمن لك أنك تظل رئيس جمهورية لآخر يوم.
حسين شحادة: قلة فقط هي التي وقفت ضد مصالحها إلى جانب مصلحة الوطن، إنه داء قديم، فبعد شهرين من القتال كانت المعارضة تسيطر على ثلاثة أرباع البلاد، التزم الجيش بقيادة فؤاد شهاب سياسة يمكن تسميتها بسياسة الحياد الفعال وقاوم أوامر شمعون باقتحام معاقل الثوار في أحياء البسطة والمسيطبة والطريق الجديدة إلا أنه نجح في تثبيت الجبهة في طرابلس وصد الهجوم الذي شنه أنصار كمال جنبلاط على محورين، محاولة السيطرة على طريق بيروت دمشق ومحاولة احتلال مطار بيروت. وفي القاهرة بعيدا عن ساحات المعارك التقى السفير الأميركي في مصر مع من يعده رأس الأفعى فيما يحدث، جمال عبد الناصر، وبعث في 21 مايو/ أيار بملخص للحوار إلى جون فوستر دالاس حيث ذكر ناصر أن المعارضة التي تضم معظم رؤساء الحكومات السابقة والرئيس الخوري والبطريرك الماروني وجنبلاط وفرنجية لا يمكن أن تكون كلها على خطأ ووحدهما شمعون ومالك على حق، فلماذا تصرون على تأييد شمعون في طريق ينتهي بالحرب الأهلية بينما تضعون ناصر في موقف يربطه بالروس؟
جرام بنرمان: وضعت الوحدة بين مصر وسوريا ضغوطا كبيرة داخل لبنان إذ قال السنة إن بإمكانهم الانضمام إليها وهو ما أفزع قطاعات أخرى من المجتمع اللبناني أصروا على أنهم لبنانيون وأن لبنان مختلف ويحتاج إلى استمرار الحل الوسط.
عاصم الدسوقي: طبعا، دلوقت موقف كميل شمعون اللي هو وضح فيه انكشف فيه عندما قبل مشروع آيزنهاور وعندما وقف ضد الوحدة المصرية السورية، الجبهة كلها يعني لبنان كلها بكل جبهاتها المتعددة بقيت رجلا واحدا رغم إيه؟ اختلاف الناس، ضمت بقى إيه؟ المسلم مع المسيحي مع الدرزي للخلاص من كميل شمعون، من هنا كانت كلمة جمال عبد الناصر اللي هي بتعكس إيه؟ بتعكس كمان المعلومات اللي عنده وصحوته في فكرة العروبة، والمقاس عنده إيه؟ مقاس العروبة.
غسان عيسى: أميركا طلبت من شمعون تهدئة الخواطر، طلبت منه معالجة الموضوع بلبنان، الخلافات، وبالحرف قال لشمعون إنك لن تقدر على الوقوف بوجه عبد الناصر. من هنا بدأ التخلي عنه لشمعون.
حسين شحادة: في 14 يوليو/ تموز عام 1958 وقع الانقلاب الشهير الذي أطاح بالأسرة الهاشمية الحاكمة في العراق ومن ثم ساد الذعر في المنطقة برمتها وطلب كميل شمعون التدخل الأميركي، في اليوم التالي كانت القوات البريطانية تؤمن العاصمة الأردنية عمان وطلائع المارينز تنزل إلى شاطئ خلدة جنوب بيروت وسرعان ما احتلت المطار. ومع نهاية الشهر التأم البرلمان اللبناني لينتخب الجنرال فؤاد شهاب كخليفة لكميل شمعون وأدى شهاب القسم أمام مجلس النواب وكلف رشيد كرامي قائد ثورة طرابلس بتشكيل حكومة جديدة، ولما أعلن كرامي حكومة من ثمانية وزراء نظر إليها البعض على أنها شديدة الانحياز إلى المعارضة.
عاصم الدسوقي: طبعا اختيار شهاب اختيار أمثل، ليه؟ لأنه أولا طبعا هو ماروني يعني خلاص بالشكل ده ولكن هو عروبي ودي نقطة، طبعا بالنسبة للبنان بالنسبة للمارون كانوا بيعتبروه اختيارا غير أمثل، ليه؟ لأنه معناه حيحرف لبنان عن دوره، لبنان لما قامت كدولة مسيحية وخائفون من الولاءات اللي فيها، كان حاصل إيه في الميثاق؟ -علشان نبقى عارفين فلسفتهم- قالوا إحنا خلاص حنبقى دولة وما فيش فرق بين المسلمين والمسيحيين بس بشرط لا المارون ما يطلبوش دعما فرنسيا ولا المسلمين يطلبوا وحدة مع سوريا.
كمال صليبي: هو اتهم أنه يا لطيف شو هو صارم وأنه فارض الجيش على المعارضة وكذا، إيه أنه أيامه كان له نفوذ أو بالأحرى المكتب الثاني كان له نفوذ، النفوذ ما كان خفيا كثيرا بس كان خفيا كفاية أنه يمرقوها السياسيون لو هم فعلا بيحبوا مصلحة البلد، بس ما كانوا يحبون مصلحة البلد بقى بالآخر عملوا قصة طويلة عريضة من تدخل المكتب الثاني اللي هو كان وقتها ضرورة.
حسين شحادة: ما زاد الطين بله أن رئيس الحكومة أعلن أن حكومته تنوي جني ثمار الثورة، كما تم اختطاف فؤاد حداد رئيس تحرير جريدة العمل اليومية الكتائبية المعروف بتهجماته اللاذعة على الرئيس عبد الناصر. في اليوم التالي شهدت المناطق ذات الأغلبية المسيحية إضرابا عاما تلبية لدعوة الكتائب وعلى مدى ثلاثة أسابيع اندلعت أعمال عنف عرفت بالثورة المضادة تميزت بالصدامات الطائفية المسلحة والخطف على الهوية وخاصة في بيروت والجبل. لم يستتب الأمن إلا بعد تأليف وزارة رباعية متوازنة من كرامي وحسين العويني عن المسلمين وبيير الجميل وبيير إده عن المسيحيين، وانعقدت المصالحة تحت الشعار الخالد "لا غالب ولا مغلوب".
الجزيرة