-------------------------------
كنا قد أشرنا في مقالنا السابق الى الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه أجهزه السلطه وصناع القرار
عندما قللوا من شأن ردات الأفعال أو ما أسميناه بتداعيات الأحداث غير المتوقعه أو البجعات السوداء
,
والآن نعود لنحلل الطرف الثاني في الازمه, أي المعارضه , وتحديدا الجزء المثقف منها :
لم تكن المعارضه بأقل جهلا في التنبوء بمدى حجم وتأثير ردود الفعل الواسعه التي رافقت انطلاقه الازمه , فالمبالغه في تقدير مدى حجم وتأثير ردات الأفعال وقدرتها على احداث تغييرات كبرى في مدى زمني قصير جدا , أدت الى الدفع بالكثيرين الى التوغل عميقا في طريق تصعب العوده منه , في حال سقوط تلك التقديرات المغاليه
آفه التعميم الساذج :
لوحظ على مفكري المعارضه وأفرادها عدم تشكيلهم لوعيهم الخاص
ووقوعهم تحت ما يمكن ان نسميه آفه التعميم الساذج , من خلال استحضارشعارات
وآليات الحركات المعارضه في الدول المجاوره , من دون ايلاء كبير اهتمام للخصوصيه السوريه ,
التي أثبت الواقع أنها حقيقه قائمه لا يمكن القفز فوقها بكل سهوله.
التسرع أو الجنوح الى بناء الاستنتاجات بسرعه كبيره , بل يمكن وصف منظريها بأنهم شديدي العمى بالنسبه للاحتمالات ,
وعلى الأخص عند دراسه المتغيرات الواقعه خارج الأقليم السوري
غياب الرؤى المستقبلية:
إذا سلّمنا أن الثقل التراكمي لمجموعة من الممارسات الجزئية والتي تحدثنا عنها سابقا قد كان له دورا في بروز الحدث النوعي المفرد ,
ولكن هذا الأمر يقتصر على تفسير حدوثه -تاليا- ولا ينسحب على بقية التداعيات ,
خصوصا وسط غياب أية رؤى وبرامج مقنعة ,وأية خطط اقتصادية ,اجتماعية
وبالتالي أية خيارات سياسية كبرى .
تم اجترار مقولات عامة للإستهلاك بدون تحديدها وإبراز كيفية تطبيقها مثل الدولة المدنية ,الحرية,الديموقراطية ..
ثم وبعد وقت قصير , بدا واضحا أن العصب الذي يشد هو العصب الديني فقط الذي يتناقض مع هذه المفاهيم ,أو على أقل تقدير له تفسيره الخاص والضيق لها.
وهذا يفسر الخلافات الكثيرة وسط من تداعوا لعقد المؤتمرات وتشكيل المجالس المتعددة , منذ أول مؤتمر حيث رفض الأكراد تسمية الجمهورية العربية السورية مثلا .
الانحياز :
لاحظنا ان كثير من مثقفي المعارضه - وربما جميعهم - يتخذون قاعده ثابته
في اذهانهم , لا يأتيها الباطل من فوقها ولا من تحتها ! يعبرون عنها بقوالب كلاميه جاهزه
وشديده الشيوع الى درجه غريبه !
وعلى الرغم من تغير الأحداث وتطورها , بقي المثقف المعارض ثابتا بصلابه عند قاعدته الافتراضيه التي كونها في ذهنه ,
فعلى سبيل المثال ظل الكثير من مثقفي المعارضه ثابتين عند ادعائهم بأن التظاهرات سلميه وغير طائفيه ,بالرغم من ان الوقائع على الارض أثبتت عكس هذا منذ الأيام الأولى للتظاهرات,
الازدواجيه :
في استعمال منطق معين لتبرير رد فعل معين, ومن ثم استعمال نفس المنطق
لتبرير نقيضه التام ! مثلا اتهامهم للنظام بالعماله لاسرائيل ! وفي نفس الوقت اتكالهم الكامل
على الدعم الخارجي الذي تقدمه لهم الولايات المتحده , الداعم الاساسي لاسرائيل ,بل واستجلاب التدخل علنا!!
القدره المحدوده على النظر الى العواقب , و ربما كانوا هنا واقعين تحت اغراء ان عواقب عملهم الايجابيه ستنعكس عليهم , جاهلين او متجاهلين أن العواقب السلبيه ستنعكس عليهم وعلى الآخرين ,
مع تكلفه صافيه يدفعها المجتمع , ولفتره طويله قادمه.