يقول المؤلف توماس عن جغرافية كردستان
:- تمتد من جبال زاغروس جنوب غرب إيران وتمتد من فارس جنوباً وحتى كرمنشاه وهمدان شمالاً وجبال طوروس جنوب تركيا تمتد من قيصرية ونهري سيمان وجيحان شرقاً وحتى انطاليا غرباً وبين زاغروس وطوروس غرباً تقع سلسلة جبال كردستان شمال غرب إيران وشمال العراق.
*المعنى الحرفي لكلمة كردستان (هو بلاد الأكراد): -
وقد استخدمت الكلمة لأول مرة (من قبل السلطان سنجار في القرن الثاني عشر عندما أسس مقاطعة كبيرة بهذا الاسم إلا أنها تمتد عبر خمسة أقطار: إيران تركيا، العراق، سوريا، الاتحاد السوفييتي، و كردستان مجمع من شعاب جبلية عالية ووعرة تتراوح من (6000 قدم في تركيا إلى 14000 قدم من إيران) و في كردستان العراق ترتفع الشعاب الجبلية الكلسية لجبال زاغروس إلى 10000 قدم وتمتد كردستان العراق عبر ثلاث محافظات هي راهوك و اربيل والسليمانية و أنشأ سنجار قلعة صيفة ( بهار) التي تقع شمال غربي همذان جبال زاغروس وولايات شهر زور وسنجار غربي هذه السلسلة وحتى القرن الثاني عشر لم تكن هذه المقاطعات تعرف إلا تحت عنوان ( جبل الجزيرة ) أو ديار بكر. *تاريخ الكرد وكردستان:-
ألف السيد محمد أمين زكي كتاب باللغة الكردية عام 1931 من جزئين وقام بنقله إلى اللغة العربية الأستاذ محمد علي عوني عام 1936 ويعتبر أول كتاب علمي حول تاريخ الأكراد يكتب باللغة الكردية.
* وقسم المؤلف الجزء الأول: -
حول موقع المنطقة الكردية والتي كانت عبارة عن خوزستان، الجبال، العراق، أرمينية، آران، أذربيجان، وان لفظ كردستان قد أطلق من قبل السلاجقة على المناطق الواقعة بين ايالتي أذربيجان ولورستان وكرفشاه أردلان وصاوجيلا والجنوب الشرقي من ولاية أذربيجان وكذلك توجد بعض القبائل الكردية المقيمة في طهران وخراسان وهمدان ومازندران و فارس والمنطقة الواقعة بين قزوين وجيلان.
*الفصل الثاني: يتطرق إلى منشأ الكرد ويأخذ برأي المستشرق ولادمير مينورسكي، الذي يرى أن الشعب الكردي قد هاجر في الأصل من شرق إيران إلى كردستان الحالية واستوطن في هذه المنطقة منذ فجر التاريخ واختلط بالأقوام القاطنة في هذه الأراضي وصاروا أمة واحدة على مدى الأيام.
الرأي الثاني: يقول المستشرق (سيدني سميث) أن كردستان كانت تسكنه في فجر التاريخ، شعوب جبال زاغروس بينما يقيم الشعب العيلامي في أقصى الشرق الجنوبي منه وقد أبدت شعوب زاغروس نشاطاً سياسياً كبيراً في عهد كل من السومريين والأكاديين وفي أوائل عهد الآشوريين ويبدو أن سيول مهاجرات العنصر الآري (هندو-اوروبي) إلى جبال زاغروس أولاً والى شرقيها وغربيها أخيراً قد أوقعت بقايا السكان الأصليين لمنطقة جبال زاغروس وبلاد كردستان تحت سلطان هؤلاء الوافدين فجعلتهم آريين وعلى هذا فإن ثمة علاقات وثيقة بين أصول الأكراد ومنشئها الأول وبين مجموعة شعوب زاغروس المكونة من شعوب لولو، جوتي، كاسي، خالدي، والسوبارو.
*أما الفصل الثالث: فيذكر الكاتب بداية نبذة حول الشعوب الكردية وأوضاعهم السياسية من الميديين حتى عصر الإسلام ويذكر أن الشعب الكردي قد اعتنق الديانة الزرادشقية عندما كان لها الذيوع في فارس وميديه قبل الميلاد بستة قرون ورغم نشاط الدعوة للدين المسيحي في ارمينيا منذ عام 33 م إلا أنه لم يلق نجاحاً كبيراً بين الأكراد ومع ظهور الإسلام واتصال الكرد بالمسلمين الأولين وجدوا أن مبادئ هذا الدين تتفق وسجاياهم فأقبلوا عليه عن طيب خاطر.
ويفصل المؤلف الحديث حول كيفية اتصال الشعب الكردي بالجيوش الإسلامية بداية عام 16 هـ وفتح مدينة تكريت (بقيادة سعد بن أبي وقاص) ومن بعدها نصبين و الرها ومادرين و ديار بكر، وارمينيا وشهرزور مشيراً إلى اشتراك الكرد مع الفرس في الدفاع عن الأهواز وبسا، دار ايجود ضد الجيوش الإسلامية والثورات القلاقل التي قام بها الكرد في الأهواز وفارس وكردستان وهمدان والموصل وأصفهان وفارس حتى تم تأسيس أول حكومة كردية عام (340هـ -951م ) في شمال أذربيجان والجنوب الغربي للقوقاز ودامت حتى عام (595-1164 م ) كما تم تشكيل الحكومة الكردية الثانية عام (1348 - 959 م ) في بلاد الجبال و دامت حتى عام 406هـ - 1015 م.
ويذكر عن الكرد في عهد الإغارات التركية وهزيمة جيوش الغزنويين المكون أكثر من الكرد أمام طلائع السلاجقة من الغز الذين أغاروا على البلاد الغربية عام( 430هـ- 1029 م) ، وتأسيس الحكومات الكردية في تبرير وفارس والمواجهات التي كانت بين جيوش الغزو والقبائل الكردية في نصيبن وديار بكر والموصل وخضوع جميع البلاد الأرمنية وكردستان تدريجياً إلى حكم ألب ارسلان السلجوقي.
الجزء الثانــي
*الأكراد في عهد الدويلات الأتابكية: -
كانت هناك علاقات وثيقة بين الكرد و كردستان وبين الدويلات الأتابكية التي تأسست في كردستان وما جاوره من بلدان فكثيراً ما قامت الاشتباكات بينهما حتى استقلت الدولة الأيوبية الكردية عام 569هـ - 1173 م، و اتسع سلطانها في مصر و سوريا و الجزيرة وكردستان و أرمينيا و تألفت معظم جيوشها من العشائر الكردية حتى وافت السلطان صلاح الدين المنية عام (589هـ - 1193م ) واسترد أبناء ارسلان شاه مكانتهم في كردستان.
ومعاهدة (1049هـ - 1639 م)، بين الحكومتين العثمانية و الإيرانية لم تمنع إيران تماماً من تخطي جبال زاغروس إلى الغرب غير أن الحكومة العثمانية استولت تدريجياً في عهد الصفويين على المقاطع الغربية الإيرانية وعلى البلاد القوقازية وكان من نتيجة هذا التبادل في الحدود السياسية أن دخل معظم الكرد وكردستان في الحكم العثماني وخاصة في عهد نادر شاه الذي قتل عام 1747 أثناء زحفه على أكراد خراسان للتنكيل بهم واشتد نشاط أكراد إيران من بعده وتأسست الحكومة الزندية الكردية عام 1166هـ -1753م، سرعان ما سقطت بسبب قلة عددها وضعفها وبعد زوالها عام 1209هـ - 1794 م، اضطهد أغاخان القاجاري أكثر العشائر الكردية و فتك الكثير من زعمائهم وعمل على تشتيتهم وإحلال قبائل التركمان محلهم.
*أما في عهد شريف باشا أخذ على عاتقه تمثيل الجماعات السياسية الكردية جميعها وقدم مذكرتين وخريطتين لكردستان إلى مؤتمر الصلح ضمنها مطالب و حقوق الأمة الكردية في عام 1919 وتفضي معاهدة سيفر عام 1920 بإنشاء نوع من الحكم الذاتي للأكراد من منطقه شرقي الفرات وجنوبي بلاد أرمينيا شريطة أن يقوم أهالي هذه المنطقة الكردية باستفتاء إذا كانوا يريدون الانفصال عن الترك أم لا، أم إذا كان الأكراد جديرون بالاستقلال أم لا، وعلى هذا النحو لم تسفر هذه المعاهدة عن أي نتيجة مرجوة للأكراد.
ويقول عن اللغة الكردية: أن اللغة الكردية واللغة الفارسية أنها من أصل واحد و انقسمت على عدة لغات، وتأسست أول جمعية كردية في الآستانة عام 1908 باسم جمعية ( تعالي وترقي الكرد)، وجمعية (نشر المعارف الكردية) وجمعية (استقلال الكرد).
*كما أشار المؤلف إلى إمارة السويدية التي ينتمي أفرادها إلى البرامكة الذين قدموا إلى كردستان من قلعة السويداء الواقعة بين آحد والرها، وكان لها الدوام في فترة طويلة في عهد العثمانيين.
و إمارة أخرى أشار إليها المؤلف باسم البازوكيين، أسستها عشيرة البازوكي الإيرانية و شق أمراؤها عصا الطاعة على إسماعيل الصفوي ولجأوا إلى السلطان سليم، وإمارة أخرى هي إمارة مرده سي التي أسسها الشيخ بير منصور، بمعاضدة العشيرة المرداسية وكان مقرها قلعة أكيل، وظلت هذه الأسرة تتوارث الإمارة حتى تم ضمها إلى العثمانيين في عهد الشاه إسماعيل الصفوي، و إمارات أخرى مثل إمارة حصن ليف و إمارة سليماني و إمارة زراكي وإمارة الهكارية و إمارة المحمودي وإمارة الدنايلة و تناول أيضاً المجموعة المكارية الجنوبية و إمارات إيران الشرقية و إمارتا خراسان، منهياً حديثه عن إمارات جبل لبنان: مثل إمارة مشايخ العماديين الدروز وإمارة بني سيفا و إمارة رأس نماش وكان أفرادها من الأكراد الذين أسكنهم السلطان سليم العثماني في مقاطعة الكورة بجبل لبنان لحماية الجبل وحراسته من الإفرنج.
*القومية الكردية المنشأ.
يقول د. صلاح سالم زرنوقة يتراوح عدد الأكراد ما بين 30 - و 38 مليون نسمة ويتوزعون على أربع دول، من أكثر دول منطقة الشرق الأوسط تشبثاً بكياناتها القومية هي تركيا (12- 16 مليون) و (إيران 6-7) ملايين (و العراق 4-5 مليون نسمة) وسوريا ( 1.5 مليون نسمة). *ينقسم الأكراد من الناحية الدينية إلى أغلبية كبرى من المسلمين السنة، وهي:-
1- المسلمين السنة حوالي 70%.
2- المسلمين الشيعة حوالي 22%.
3- الأقلية الزيدية والمسيحية حوالي 4%.
*اللغة الكردية: -
* لا يتحدث الأكراد لغة واحدة وهي تتكون من أربع لهجات أهمها: -
1- اللغة الكرمالنجية ويستخدمها 70% من أكراد تركيا.
2- اللغة الصوراتية ويستخدمها أكراد العراق وإيران.
3- يقرأ الأكراد ويكتبون بثلاث أبجديات وهي، اللاتينية في تركيا والعربية في إيران و العراق، والكيريلية في أرمينيا وجورجيا وأذربيجان.
*الانقسامات الداخلية بين الأكراد: -
يعاني الأكراد من الانقسامات الداخلية التي تجد أساسها في الروح القبلية أو التنظيم القبلي العشائري وتعد البرزانية والزيبارية والقادرية أشهر قبائلهم ويطابقه ذلك خط الانقسام السياسي والحزبي فالحزب الديمقراطي الكردستاني أكبر الأحزاب. الكردية في العراق يمثل البرزانية في حين أن خصمه الرئيسي هو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني عبارة عن ائتلاف بين قبائل الزيباربيين والقادريين و الحرقيين ويعتبر الاقتتال بين الأكراد عموماً الملمح الأساسي الواضح، والعريض في تاريخهم الطويل، وإزاء هذه الصور يرى البعض من المؤرخين أن الأكراد جماعة قومية والبعض الآخر يرى أن الأكراد عبارة عن جماعة عرقية لا يشكلون حتى قومية بالمعنى المعروف ولا يمكن اعتبارهم أمة وأنهم حصدوا ويحصدون ما يستحقون و هو ما يعد نتيجة تلقائية لصراعاتهم الداخلية.
*العلاقة بين الأكراد والعرب.
إن حركات كردية حاولت الاستفادة من الخبرة المصرية في بناء جيش عصري بل و يؤكد البعض على أن مصر ساعدت الأكراد في إقامة صناعة للأسلحة في راتوز (كردستان إيران) كما أن ثورة الشيخ عبد الله النهري بمثابة صدى للثورة العرابية في مصر ونلاحظ أن أول صحيفة كردية صدرت في مصر كان عام 1898 وفي مصر ظهر كثير من الكتاب والأدباء من جذور كردية.
ولم يكن أوجه التعاون بين الأكراد قاصرة على مصر إنما حدث أن التحم الأكراد مع العرب في كردستان العراق فيما أطلق عليه ثورة العشرين 1920 فكانت أول ثور شعبية ضد الاحتلال الإنجليزي وفي سوريا حارب الأكراد مع العرب ضد الاحتلال الفرنسي وإن تكن هذه الوقائع ضعيف الدلالة فيما يتعلق بالتعاون العربي الكردي وعلى عكس ذلك كانت العلاقة بين الأكراد وكل من الأتراك و الفرس فقد كانت في أغلب الانتفاضات موجهاً ضدهما (الترك والفرس)، وأحياناً تعاون الأكراد مع الإنجليز ضد الأتراك مع العلم أنهم تعاونوا أيضاً مع الأتراك ضد الإنجليز وكثيراً ما تعاون الأتراك مع الفرس ضد الأكراد وكثيراً أيضاً ما تعاون الأكراد مع كليهما ضد الآخر.
فعلى سبيل المثال: انحاز الأكراد السنة إلى جانب العثمانيين السنة ضد الفرس الشيعة في معركة تشالندران 1514 التي دارت رحاها بين الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية وكانت النتيجة هي أن تقاسم كردستان بين هاتين الإمبراطوريتين.
و يمكن أن نستخلص من هذه العلاقات المضطربة هي التنسيق التركي الإيراني كخط عام لضرب الحركات الكردية وذلك لمصلحة مشتركة وهي عدم استقلال الأكراد عن جسم الدولتين.