كشفت إسرائيل في ساعة متأخرة من مساء اليوم عن الشخصية العربية الكبيرة التي أبلغت إسرائيل بالموعد الدقيق لبدء العمليات العسكرية المصرية ـ السورية في تشرين الأول / اكتوبر 1973 . وبحسب ما سربته جهات أمنية إسرائيلية لصحيفة هاآرتس ، فإن هذه الشخصية ليست إلا أشرف مروان ، السكرتير الشخصي لشؤون المعلومات في مكتب الرئيس المصري الراحل أنور السادات . وجاء الكشف في الصحيفة الإسرائيلية بعد عدة ساعات من العثور على جثة أشرف مروان بالقرب من منزله في لندن . وقالت الصحيفة إن " بوليس العاصمة البريطانية يحقق في ( ظروف ) وفاة الدكتور أشرف مروان ، عميل الموساد الكبير الذي عمل في مصر قبل حرب يوم كيبور ( أكتوبر / تشرين الأول 1973 ) الذي عثر على جثته بالقرب من منزله في لندن اليوم ـ الأربعاء " . وكانت تقارير صحفية قد تحدثت اليوم عن أن أشرف مروان سقط من شرفة منزله ، بينما أشارت تقارير أخرى إلى أنه انهار ( لأسباب صحية ) في الشارع القريب من منزله بلندن .
تجدر الإشارة هنا إلى أن صحيفة ها آرتس كانت قد نشرت قبل حوالي أسبوعين تقريرا عن أن محكمة إسرائيلية حاكمت الميجر جنرال المتقاعد إيلي زعيرا الذي كان على رأس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ( أمان ) خلال الحرب المذكورة بسبب تسريبه هوية رجل الموساد أشرف مروان معرضا حياته للخطر . وأنهت المحكمة بذلك منازعة قانونية بين الجنرال زعيرا و تسفي زامير الذي كان على رأس الموساد خلال حرب العام 1973 . وكان زعيرا ادعى على زامير في العام 2004 بتهمة القذف والتشهير على خلفية قيام هذا الأخير باتهامه بإفشاء هوية أشرف مروان كجاسوس للموساد . و قد حكمت محكمة العدل العليا في إسرائيل على زعيرا بدفع ثلاثين ألف شيكل لزامير ( حوال 15 ألف دولار ) فضلا عن نفقات الدعوى .
ومن المعلوم أن القضية بدأت قبل حوالي 14 عاما عندما نشر زعيرا كتابا بعنوان " الأسطورة في مواجهة الحقيقة ـ إخفاقات حرب يوم الغفران ودروسها " ضمنه محاضر لجنة تحقيق " أغرانات " التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية للتحقيق في ما أسمته بـ " التقصير " خلال الحرب المذكورة ، والتي وجدت زعيرا مسؤولا عن " إخفاق المخابرات العسكرية في إعطاء تحذير استباقي من وقوق الحرب " السورية ـ المصرية على إسرائيل . إلا أن زعيرا أكد في كتابه على أن " التقصير كان نتيجة لعملية خداع قام بها عميل مصري ( للمخابرات الإسرائيلية ) كان يعمل كعميل مزدوج لكل من إسرائيل ومصر " . وادعى زعيرا في كتابه أن العميل المصري ، الذي لم يشر إلى اسمه ، " احتفظ بالمعلومات المتعلقة بالاستعدادات المصرية للحرب ، جاعلا من منصبه الرفيع حجة لنفسه كمصدر موثوق يعول عليه " . في أثناء ذلك تم تسريب اسم أشرف مروان إلى الصحافة الأجنبية التي أعادت ها آرتس نشرها في العام 2003 . وفي مقابلة تلفزيونية مع القناة الإسرائيلية الأولى كرر زعيرا التأكيد على أن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا . و عقب المقابلة اتهم زامير هذا الأخير بأنه سرب اسم العميل أشرف مروان إلى العديد من الصحفيين ، وأجرى مقارنة بين تصريحات زعيرا في المقابلة التلفزيونية و أعمال مردخاي فعنونو الذي أدين بالخيانة على خلفية إفشائه أسرار برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلية . ورغم أن اسم أشرف مروان تم تداوله كثيرا، دون تأكيد قاطع ، باعتباره العميل المصري الكبير الذي سرب المعلومات المتعلقة بالاستعدادات العربية لحرب أكتوبر ، إلا أنها المرة الأولى التي يجري فيها الإشارة إلى اسمه بشكل واضح ومؤكد على أنه صاحب الشخصية المشار إليه