كشفت مصادر إعلامية فرنسية أسرارا حول الحالة الصحية لرئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات قبل وفاته ، ورجحت هذه المصادر فرضية موت عرفات بالسم .
وأكدت صحيفة (لو كانار أنشيني) الأسبوعية الفرنسية بأن مناخا نفسيا شاملا رافق الرئيس إلى باريس مفاده بأن سبب المرض هو التسمم ،وهو الأمر الأرجح للظروف التي تم فيها نقل أبو عمار إلى باريس بعد أن نصح بذلك أطباؤه التونسيون والأردنيون.
ويود الأطباء في المستشفى أن يرفع خاتم السرية على الملف بعد أن جندوا فريق الاخصائيين المخبريين في معامل التحليل الدموي للتحقيق في إمكانية تواجد مواد مسممة دخيلة في دم الرئيس، كما قاموا بطلب تعاون المختبر المركزي لمعهد مقاومة الجريمة التابع للحرس الوطني الفرنسي ، وهذا المختبر ذو سمعة دولية في البحث الجنائي ، وتسلم الأطباء تقرير المعهد يوم الخامس من نوفمبر ومفاده بأنه ليس هناك تسمم في الدم بمادة مسممة معروفة ، والمعهد مقره في مدينة روسني سو بوا في ضاحية باريس الغربية. وتعرف ليلى شهيد سفيرة السلطة في باريس هذا التقرير، لكن إدارة المستشفى استغربت حين غيرت السفيرة من لهجتها بعد ذلك و أكدت بأنها تشك في تسمم حاصل للرئيس، وأفادت مصادر دبلوماسية أن الشك وارد في تقرير المعهد الذي نفي وجود مادة مسممة معروفة في دم الرئيس و لكنه لم ينف حالة التسمم بصورة قطعية وجازمة.
ويقول الأطباء بأن الرئيس عرفات وصل إلى مستشفى بيرسي في حالة ضعف وهزال وفراغ جزئي من الماء ( ديزيتراتاسيون ) وكان التشخيص الأولي السريع أثبت وجود اضطرابات في الجهاز الهضمي وتعقبها حالة إصابات في الكبد، وعادة ما تحال هذه الحالة الى قسم التحاليل الدموية لأن الكبد المصاب يؤثر على التكوين الدموي العام. و بينما استبعد التحليل مرض اللوكيمياء (سرطان الدم) فقد أكد بأن الكبد في حالة غير عادية وتم التشخيص بأن الحالة هي تليف الكبد الميكانيكي ( السيروز ) والميكانيكي تعني بأن هذا التليف ليس الناتج عن استهلاك الكحوليات مثل التليف العادي المعروف.
هذا و يقول الأطباء حسب صحيفة( لو كانار أنشيني) بأن سها عرفات كانت تراقب كل كلمة يعدها الجنرال الطبيب الناطق باسم المستشفى ، و يجمع الأطباء على أن الحصار الذي عانى منه الرئيس في رام الله المحتلة هو الذي منعه من تلقي العلاج النافع خارج الأراضي المحتلة. و تستنتج الصحيفة بان الوفاة ناتجة عن أسباب كثيرة اجتمعت في اللحظات الأخيرة و ختمتها حالة غياب الوعي العميق بسبب حالة الكبد و قروحها ثم النزيف الحاد في المخ الذي أدى إلى تعطيل الأجهزة الحيوية في الجسم .
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع قد طلب رسميا من الحكومة الفرنسية إمداد السلطة بكل تفاصيل التشخيص و أساليب العلاج في غرفة الإنعاش المركزية و معلومات كذلك عن تطور الحالة الصحية خلال الأربعة عشر يوما التي قضاها أبو عمار في باريس. و وصل الرد الفرنسي إلى أحمد قريع من وزارة الخارجية و وزارة الدفاع ، و كان الرد هو : ليس لنا حق التصرف في إفشاء سر طبي يتعلق بمريض عولج في فرنسا بدون الاذن الكتابي الصريح من ذوي المريض، وأضافت وزارة الخارجية توضيحا قصيرا جاء فيه بأن المقصود بذوي المريض في هذه الحالة هم أرملته سها وابنتها زهوة عرفات.