أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 7 أكتوبر، أنه أجاز رفع السرية عن رسائل البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، واصفا ما ورد فيها بـ “الجريمة” في تاريخ أمريكا، جاء الإفراج كجزء من الحملة الانتخابية لترامب في مواجهة منافسة الديمقراطي، جو بايدن. وتكشف تلك الوثائق تورط إدارة أوباما في دعم الخراب الذي حل بالوطن العربي منذ عام 2011 تحت مسمى “الربيع العربي”، وكذلك حجم الدعم الأمريكي المقدم لجماعة الإخوان الإرهابية في مصر.
وفيما يلي نظرة مختصرة على أبرز ما جاء بتلك الوثائق :
الدعم الأمريكي للإخوان
• في البداية، يبدو أن الولايات المتحدة كانت قلقة من وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر إذا ما غادر الرئيس الراحل حسني مبارك الحكم، فقد أشارت وثيقة بتاريخ 29 يناير 2011، إلى مخاوف أمريكية من خلق إيران أو كوبا جديدة إذا ما اعتلى الإسلاميون سدة الحكم، بما يزيد من زعزعة استقرار المنطقة.
• لكن سرعات ما تبدل الموقف الأمريكي إلى الدعم الكامل للجماعة في الوصول إلى رأس السلطة في مصر، ولعل أخطر وثيقة في هذا الشأن، هي تلك المتعلقة بالاجتماع الذي جمع هيلاري كلينتون بمرسي في 14 يوليو 2012، للتهنئة بالفوز في الانتخابات التي جرت في يونيو.
وخلال الاجتماع وصفت كلينتون انتخاب مرسي بأنه “علامة فارقة” للديمقراطية المصرية، مضيفة أن الطريقة الوحيدة للحفاظ على مصر قوية هي “من خلال الانتقال الناجح إلى الديمقراطية”، /على حد زعمها/.
• وقد تضمن اللقاء عرضا بإرسال فريق من الشرطة وخبراء الأمن الأمريكيين إلى مصر “بشكل سري”، لإعادة هيكلة جهاز الشرطة المصري.
• وتظهر وثيقة أخرى دعوة نائب وزير الخارجية، توماس آر نيدس، كتب لمرسي في 24 سبتمبر 2012، للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن سوريا وإيران.
تسريب الاجتماعات السرية لواشنطن
• وبما يثبت وجود قنوات اتصال مفتوحة بين جماعة الإخوان وواشنطن، فقد تم تسريب محتوى جلسات سرية عقدها المرشد الأعلى، محمد بديع، ومستشاروه، بمن فيهم محمد مرسي، الذي كان رئيس حزب الحرية والعدالة حينها، خلال منتصف يناير 2012، للتخطيط لكيفية تعزيز مكاسب الجماعة عقب فوزها في انتخابات مجلس الشعب، حيث أشارت وثيقة بتاريخ 14 يناير 2012، مرسلة من شخص يُدعى Sid، ويَدّعي أن له إمكانية الوصول إلى أعلى مستويات الإخوان المسلمين في مصر، إلى أن بديع يخطط للتحالف مع حزب النور داخل مجلس النواب بما يجعل الإسلاميين يسيطرون على ما بين 65 إلى 70% من المقاعد. ومع هذا المستوى من السيطرة، سيكون الإخوان قادرون على صياغة الدستور الجديد، وقد يكونوا قادرين على تشكيل حكومة مؤقتة قبل الموافقة على الدستور.
• قبل ذلك التاريخ، وتحديدًا في 16 ديسمبر 2011، بعث Sid أيضًا ببريد إلكتروني، يكشف فيه أن المرشد الأعلى محمد بديع ومستشاريه المقربين يطورون خططًا لإدارة الدولة المصرية بعد اعتماد دستور جديد للبلاد، وانتخاب حكومة جديدة في 2012، على أن تكون مصر الجديدة دولة إسلامية على غرار النموذج التركي.
• لكن الخطير في هذه الوثيقة، أنها تكشف مخطط الإخوان تجاه القوات المسلحة، الذي يبدو أنهم أرادوه على غرار النموذج التركي أيضًا، حيث بينت رغبة الجماعة في الإطاحة بقيادات الجيش الحاليين، وتصعيد جيل جديد من القادة الصغار المؤيدين للمشروع الإسلامي _على حد زعمهم- والذين يكنون العداء لإسرائيل والولايات المتحدة.
• كذلك تم تسريب فحوى اجتماع عقده بديع مع قيادات للإخوان، أشاروا فيه إلى أن الدول الغربية تقبل نظام الإخوان في مصر وأنهم يقومون بتعديل سياساتهم الخارجية والاقتصادية وفقًا لذلك، معربين عن سعادتهم بالاهتمام الذي أولي لمصر خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، بسويسرا.
• وفضحت وثيقة أخرى اجتماع جمع مرسي وبديع مع وفد من كبار الحقوقيين في 25 نوفمبر 2012، في محاولة لتوضيح دوافع الإعلان الدستوري الذي صدر في 21 نوفمبر وتضمن تقليص سلطة القضاة، للحد من الاحتجاجات المناهضة للإعلان.
وكشفت الوثيقة أن بديع رأى في هذا التطور فرصة من أجل ترسيخ سيطرة الإخوان على المشهد السياسي في مصر، لكنه اعتقد أن العنف المصاحب للاحتجاجات يُمكن أن يعيق مشروع الإخوان المسلمين على المدى الطويل، وأن يؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية من مصر.
• تسريب الجلسات السرية لواشنطن لم يقتصر فقط على تلك المتعلقة بقادة الجماعة لعقد ترتيبات بشأن خططهم للسيطرة على الحكم، لكنها امتدت إلى الجلسات التي كانوا يعقدوها، والتي كان يعقدها مرسي بعد توليه الرئاسة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع، وهو أمر كشفته عدد من الوثائق، منها على سبيل المثال، وثيقة بتاريخ 10 أبريل 2012، وأخرى بتاريخ 14 يونيو 2012، وثالثة بتاريخ 14 يوليو 2012، ورابعة بتاريخ 21 ديسمبر 2012.
• والملاحظ أن الرسائل من هذا النوع، تكون تحت عنوان “سري”، وغالبًا ما تكون موجهة من Sid، وتبدأ بجملة “مصادر مطلعة على الإخوان المسلمين في مصر والمجلس الأعلى للقوات المسلحة والمخابرات الغربية وأجهزة الأمن”.
• وتشير الوثائق إلى أن هناك شخصا يقوم باطلاع الإدارة الأمريكية باستمرار على رؤية الإخوان ومرسي للأوضاع الداخلية ومخاوفهم بشأن التهديدات المحتملة لنظامهم، حيث تشير وثيقة بتاريخ 6 فبراير 2012، إلى مخاوف الجماعة من التهديد الذي يشكله التدريب المقدم للمنظمات غير الحكومية المعارضة في مصر.
• وتنقل وثيقة بتاريخ 14 أغسطس 2012، عن مصدر سري لديه إمكانية الوصول إلى قيادة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، قوله إن مرسي بينما يظل ملتزمًا بفكرة مصر كدولة إسلامية، فإنه يرى ضرورة السيطرة على الجماعات المسلحة في سيناء. ولفتت الوثيقة ذاتها، إلى أن مرسي ينظر إلى المخابرات العامة على أنها تهديد محتمل لنظامه، ويخشى أن تعمل على تقويض سلطته، وأنه استغل حادث رفح الأول في 5 أغسطس للإطاحة بقادة القوات المسلحة واستبدالهم بجنرالات أصغر سنًا.
• بينت وثيقة بتاريخ 23 سبتمبر 2012، تعرض مرسي للتوبيخ والتهديد من قبل الإدارة الأمريكية، بالتزامن مع الاحتجاجات التي شهدها محيط السفارة الأمريكية في القاهرة في سبتمبر 2012، فحسبما جاء في الوثيقة، صرح مرسي لمسؤول في الاتحاد الأوروبي يوم 14 سبتمبر أنه تلقى رسائل شديدة اللجهة من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وهو أمر جعل العلاقات الأمريكية – المصرية وأكثر من مليار دولار من المساعدات الأمريكية على المحك، ونظرًا لأن جزءا كبيرا من هذه المساعدات يذهب إلى الجيش المصري، فقد اتفق هو والكتاتني على أن هذا قد يضر بالعلاقة مع الجيش. لذا، أصدر مرسي تعليماته للجيش وقوات الأمن باستخدام القوة اللازمة لحماية المنشآت الأمريكية والغربية.
• الوثيقة ذاتها، التي تحمل عنوان سري للغاية، تكشف اضطراب العلاقات بين الإخوان وحزب النور، إذ أعرب مرسي لمسؤولي الاتحاد الأوروبي عن ظنه أنهم وراء تلك الاحتجاجات من أجل إظهار أن حكومته غير قادرة على حماية الأفراد والمنشآت الغربية في مصر. لذلك، طالب مرسي السيسي بتوجيه قادة المخابرات العسكرية لتكثيف عمليات جمع المعلومات عن أنشطة قيادة حزب النور.
العلاقات بين الإخوان وقطر والأمريكان
• وفي شأن التعاون بين الولايات المتحدة وقطر والإخوان، كشفت وثيقة بتاريخ 14 سبتمبر 2012، عن خطة بين كلينتون والحكومة القطرية لإنشاء قناة إعلامية وصحيفة يومية على أن تمول الدوحة القناة الجديدة برأس مال مبدئي 100 مليون دولار ويتولى إدارتها القيادي الاخواني خيرت الشاطر، وأحمد منصور مديرًا تنفيذيًا لها. وذلك بعد أن اشتكى الإخوان من ضعف مؤسساتهم الإعلامية مقارنة بالمؤسسات الإعلامية الأخرى.
• كما كشفت وثيقة أخرى عن تعاون بين إدارة أوباما وقطر لإطلاق صندوق استثماري مصري أمريكي يستخدمه الإخوان كوسيلة للتدخل في الدول العربية في المنطقة. بمساهمة أولية قدرها 60 مليون دولار، ثم ضخ 300 مليون دولار أخرى كمساعدات من الكونجرس الأمريكي على مدار 5 سنوات، فضلًا عن 2 مليار دولار تعهدت بهم قطر لمصر، وهو الصندوق الذي تم تأسيسه بالفعل في سبتمبر 2012، دون أن يتم حينها الكشف عن تفاصيله، وقد انتُخب جيم هارمون، المصرفي الأمريكي المقرب من أوباما، لرئاسته الصندوق. وتشير الوثائق إلى أن القطريين سعوا لاستخدام الصندوق للتدخل في شؤون مصر بأموال مستمدة من رعاية الإخوان المسلمين.
• وتتجلى العلاقات بين إدارة أوباما وقطر وذراعها الإعلامية قناة الجزيرة، في رسالة بعثها حساب تابع للقناة بتاريخ 28 يناير 2011، تتضمن شكرًا للرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، على موقفه المبدئي الداعم للمتظاهرين في مصر خلال أحداث 2011، وتطالبه بالاستمرار في هذا الاتجاه في هذه “الأيام الحرجة
”.
وأظهرت وثيقة أخرى مسربة من بريد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، أن "الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أمر بالتدخل في ليبيا من أجل الحفاظ على نفوذ بلاده في المنطقة"، مشيرة إلى أن "من حرك فرنسا للتدخل في ليبيا من أجل الإطاحة بالقذافي، هو ما كان لدى الرجل من أطنان من الذهب، بالإضافة إلى المخزون الليبي الكبير من النفط".
ونقلت الوثيقة، التي تحمل تاريخ الثاني من أبريل/نيسان 2011، عن مصادر مقربة من مستشاري سيف الإسلام القذافي، أن "معمر القذافي كان يحتكم على 143 طنا من الذهب، وكمية مماثلة من الفضة".
وفي أواخر مارس/ آذار 2011، تم نقل هذه المخزونات الهائلة من الذهب والفضة من خزائن البنك المركزي الليبي في طرابلس إلى مدينة سبها، جنوب غرب ليبيا في اتجاه الحدود الليبية مع النيجر وتشاد.
وحسب تسريبات رسائل كلينتون، فإن "معمر القذافي كان يعتزم استخدام هذه الكميات من الذهب والفضة في إنشاء عملة أفريقية تستند إلى الدينار الذهبي الليبي، على أن تكون هذه العملة هي الرئيسية في الدول الناطقة بالفرنسية".
وتقدر قيمة هذه الكمية من الذهب والفضة بأكثر من 7 مليارات دولار، وقد اكتشف ضباط المخابرات الفرنسية هذه الخطة بعد فترة وجيزة من بدء الانتفاضة الشعبية في ليبيا ضد القذافي، وكانت أحد العوامل المهمة التي دفعت ساركوزي للتدخل في ليبيا.
وسردت الوثيقة المسربة من بريد كلينتون، 5 أسباب دفعت فرنسا إبان عهد ساكوزي للتدخل في ليبيا من أجل الإطاحة بالقذافي: أولا، الرغبة في الحصول على حصة أكبر من إنتاج النفط الليبي، ثانيا، زيادة النفوذ الفرنسي في شمال أفريقيا، ثالثا، تحسين وضعه السياسي الداخلي وسمعته في فرنسا، رابعا، منح الجيش الفرنسي فرصة لإعادة تأكيد مكانته في العالم، خامسا، منع نفوذ القذافي في ما يعتبره الرئيس الفرنسي "أفريقيا الفرانكوفونية".
وكان المسؤول السياسي لجبهة النضال الوطني الليبي، أحمد قذاف الدم، بدأ يوم الاثنين الماضي، أولى خطوات مقاضاة هيلاري كلينتون بتهمة نشر الدمار ودعم الإرهاب في ليبيا. وقال ابن عم الرئيس الليبي الراحل العقيد معمر القذافي، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" إنه كلف فريقه القانوني بمقاضاة وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة.
إضافة تعليق جديد