تم إيراد تعريف للطائفة وهذا جيد في الشكل ولن أقوم بتفنيد ذلك الآن بل في فقرات لاحقة, وهومنقولا عن رأي ل د .خالد الأحمد , لكن وسريعا تم القفز لعرض الرأي بطائفة بعينها من موقع الطرف الآخر , حيث ألبس الناقل نفسه لبوس هذا الطرف .
إذا يفهم من هذا أن الطائفية تعني هنا , طائفة بعينها , وإن نقد الطائفية يعني كما هو واضح من التتمة نقد طائفة بعينها ليس من موقع الباحث في الطائفية ومصدرها وماهيتها , وهل هي ظاهرة سياسية أم اجتماعية أم دينية ,بل من موقع الطرف الآخر الذي وضع الناقل نفسه بدون مبرر وداعي ممثل له وكأنه يختزل برأي أو بشخص .
وفي هذا ضعف , وحجة فورية لإسقاط الرأي جملة وتفصيلا , فماهو الذي سيقوله الأخصام في قضية ما ببعضهم هل يتوقعن أحد أنهم سيكيلون المدائح !؟ فلا يجب على أي كان إن كان موضوعيا أن يضع نفسه في موقع " الطرف" ويتناول الآخر في هكذا أمر, ثم يقول أنه موضوعي , من سيجد وقتا للإهتمام بهذا .
وهذا أمر يقع فيه معظم ما نراه ونقرأه عن موضوع الطائفية .وهذا يدخل في باب التراشق الطائفي وليس في باب التناول والبحث والتحليل والحوار الجدي.
إن تناول المسألة الطائفية من قبل "الطائفيين" أنفسهم هو ملهاة-مأساة مستمرة منذ قرون لم تنتج سوى التكفير والإقصاء والحروب الداخلية والقتل على الهوية , هذا هو الحوار الغيبي بامتياز .
ثم لا يجد من يلجأ لهذه التعريفات أمرا ومفارقة مضحكة:
فهو يعرّف الطائفة أنها:"وجود جماعة تؤمن بما تعتقد أنه مثاليات تميّزها..."
ثم يقول : (إن ديني يوسّع ...ويفتح لي نوافذ...فشتان ما بين الإنتماء للكل وللجزء".
أي أنه طبّق هذا التعريف بحذافيره ثم يقول : لست طائفيا , والسبب وهنا الطامة الأخرى "لأنني الأكثري".
وهنا يجب أن يبرق لصاحب التعريف فورا , لكي يضيف : هي جماعة ليست أكثرية تؤمن بما تعتقد ..الخ
ولا يجد حرجا وتناقضا من يقول بذلك في أن لا يقول لنا,الكل من ماذا والجزء من ماذا ؟
هل الكل من الإنسانية , قد يقول بسيطة : الكل من الإسلام .وحتى نعفيه من هذه الورطة نقول: وماذا عن أولئك البشر "الأكثرويون هنا" الذين لا يعتقدون بعقيدتك .. وماذا عن انتماء الناس للكل هنا!؟
بالعودة للتعريف , نتفهم د.خالد الأحمد ككاتب منسجم مع قناعاته التي تستمد من طروحات الإخوان , ومن يقرأ له على الشبكة يجد أنه يستحضر الطائفية بمناسبة وبدونها , ويعتمدها معيارا للتحليل والطرح ,ويتناولها بسطحية دأبه دأب من ينهج الفكر الغيبي في تحليل الظواهر والأحداث .
فهذا الفكر ببساطته يخفي العلاقة التي تربط الظاهرة السياسية بالقاعدة اللازمة , وتختفي بالتالي السلطة السياسية بالطبقة المسيطرة اقتصاديا , فيحل منهج وصفي سطحي لظاهرات منفردة اقتطعت عن بنيانها .
ومع أن هذا الفكر تطور ومر بمراحل كثيرة وتشعبات وتطييفات , إلا أن هذه بقيت كاغصان متفرعة ومتشابكة ولكن بقي الجذر والمنبع واحد .
من هذا التبسيط تأتي مقولة الأكثرية والأقلية , وكأن الحدث والفعل يقاسان بالكيلو أو يعدان بالأنفار وكأن الأثر الحضاري ومقاييس الصح والخطأ للأمم يقاس بكثرتها أو قلتها , ولو جارينا هذا الفكر في هذا لوجب أن تكون مصر مثلا متقدمة جدا على سويسرا ولوجب أيضا أن تكون الهند في مقدمة الأمم الراقية والمتطورة .
إن هذا الفكر يلجأ لطرح هذه المقولات , كونها تريحه ظاهريا , وتعطيه إحساسا واهما بالتفوق , وتريحه من عناء الدخول في خصائص وتعقيدات البنى الإجتماعية والإقتصادية المكونة لمختلف المجتمعات , وهو لا يخدع أحدا سوى نفسه , فهو غير قادر على فهم العلاقة بين عوامل التحديد الإجتماعي من حيث هي علاقة تفاوت وعلى التمييز بين عامل محدد وهو الإقتصاد وعامل مسيطر وهو السياسي .
وبديهي أن تجريد المسألة من شروطها بهذا الشكل سيحوّلها إلى مسألة دينية مطروحة في فضاء عبثي لا حدود له خارج الزمان والمكان وغير قابلة للمناقشة .
"يتبع"
إضافة تعليق جديد