هذا المساء، عرضت القناة الخامسة في فرنسا (آرته) فيلم الديكتاتور لشارلي شابلن...
أنا لم أكن أعلم عن هذا الفيلم سوى أنه يتضمن مقطعا حيث يقوم الديكتاتور، يعني هتلر، بالتلاعب بالكرة الأرضية... طبعا هذا المقطع نجده أيضا في فيلم "أوستين باور، الجاسوس الذي طبقني" حيث يقوم الدكتور الشيطاني بالتلاعب بالكرة الأرضية...
أقول: لم أكن أعلم أي شيء آخر عن هذا الفلم، لم تسبق لي مشاهدته -رغم أنه يعتبر must و لكن يحق للشاعر أن يمسط ما لا ينمسط، أليسه؟
فقررت أن أخصص هذا المساء للثقافة و أن أتفرج على هذا الفلم الذي طالما سمعت عنه... و هذا ما فعلته... و كانت النتيجة...
كانت النتيجة أنه فيلم رائع، ثم إنه رائع، ثم إنه رائع (قال ثم من؟ قال ثم أباك). الفيلم يستحق كل ما قيل فيه، لا بل و أكثر...
أرجو أن تعذروني أيها الأحبة، أنا لست ناقدا سينمائيا، و بالتالي لن أتمكن أن أوضح لكم -يعني بأسلوب محترف- لم أحببت هذا الفلم... لكن دعوني أتحدث ببساطة و أصف لكم بعض جوانب روعته...
أولا: المريخ يهاجم (Mars Attacks).
من شاهد هذا الفلم الرائع لسيدنا تيم بيرتون قدس الله روحه يتذكر و لا شك خطابات سفير المريخ: أت أتأت أت آآآت أت! أت أت أتأت!
خطابات الديكتاتور في فلم شارلي شابلن -و التي يفترض أنها باللغة الألمانية- كانت مماثلة تماما، و منه نستنتج أن سيدنا تيم برتون -قدس الله روحه- إنما استلهم خطابات سفير المريخ من هذا الفلم...
ثانيا: لذا (ضيعة تشرين) (*)
تذكرون و لا شك حين كان دريد لحام في ضيعة تشرين (*) يلعب دور "ضارب آلة كاتبة أنموذجي" فيأتي البدوي ليملي عليه "عرض حال"، فيقوم دريد لحام بضرب حرف واحد مقابل كل جملة يمليها عليه البدوي لكن حين يقول البدوي "لذا" فإن دريد لحام يطرق مئات الحروف (و منه -وفقا لاعتقادي- جاء تعبير "هاذي لذا، مش حيثما!").
في فيلم الديكتاتور هناك مشهد مماثل: الديكتاتور يملي خطابا على السكرتيرة، فيقول (يفترض بالألمانية):
"جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر جعر!"
فتطرق السكرتيرة بضعة أحرف،
فيضيف الديكتاتور:
"جعر جعر!"
فتطرق السكرتيرة عشرات الحروف.
و منه، أعتقد أن سيدنا دريد لحام، حفظ الله سره، قد استوحى المقطع أعلاه من فلم شارلي شابلن...
ثالثا: القطارات الإيطالية...
تتميز القطارات هنا في فرنسا بدقتها... يعني لا أبالغ إن قلت أنك تستطيع أن تضبط ساعتك على موعد انطلاق القطار و على موعد وصوله...
فحين ذهبت لإيطاليا، توقعت نفس المستوى من الرقي... و منه، فإني أخذت بطاقة من محطة نابولي -بورتا سوزا- لمحطة آستي مع فاصل عشر دقائق عن القطار الذي سأصل به... مفترضا أني بحاجة لدقيقة واحدة للإنتقال من أول سكة للثانية و بالتالي فلدي تسع دقائق احتياط...
طيب...
فوصلت للمحطة (بالقطار الفرنسي) في الساعة المتوقعة... و ذهبت لسكة انطلاق القطار الذي سينقلني لمحطة آستي و بدأت تسع دقائق الإنتظار...
و انتظرت... و انتظرت...
و بعد نصف ساعة، ذهبت لمكتب الإستعلامات... فأخبروني أن القطار... انطلق متقدما عن موعده!
فنعود لفلم شارلي شابلن حيث نجد الديكتاتور -الألماني يعني- و بدقة الألمان الشهيرة، ينتظر صديقه الديكتاتور الإيطالي و يفرش له السجادة الحمراء في موقع وصوله بالضبط... و لكن القطار الإيطالي يتوقف بعد موقع التوقف بعشرة أمتار...
فيحمل الألمان السجادة الحمراء و يهرولون بها إلى مقابل باب القطار و يفرشونها مجددا... و لكن في اللحظة التي يحاول فيها الديكتاتور الإيطالي أن يهبط من القطار... يتحرك القطار مجددا و يعود عشرة أمتار للوراء...
هذا المقطع جعلني أقهقه بأعلى صوتي: سيدنا شارلي شابلن سبق له و تنبأ بأن الطليان عمرهم لن يصيروا بشرا و أنهم سيبقون عربانا جربانا للأبد...
لكن هناك أيضا المقاطع الحزينة... المشاهد في حارة اليهود حين تأتي الميليشيا -يعني أنجاس الـ SS - فتقوم بترويع البشر... و فيها تجد وصفا دقيقا لكل نجاسات العسكر -و خصوصا الميليشيات- في كل زمان و مكان.
هناك أيضا مشاهد الخوف و الضعف الإنساني التي تميز اليهود في مواجهة الميليشيا -و كيف لمن يواجه عسكريا نجسا أن لا يخاف؟
باختصار أيها الأحبة: شاهدت فلما رائعا...
-------------------
(*)عم قول لحالي... في شي مو مظبوط...
طبعا المشهد هو من مسرحية غربة... و أعتذر عن الخطأ و منكم السماح...