وأشار كتاب (المعجم التاريخي للغجر) إلى القوانين الألمانية في منتصف الثلاثينيات التي حرمت الزواج بين الغجر والألمان كما جرت محاولات لإصابة الغجر بالعقم وكان هتلر يرى أن الغجر لا يقلون خطرا على نقاء السلالة الألمانية من اليهود وبدأ في عزلهم وانتهى الأمر بتدميرهم لكنهم لم يمنحوا تعويضات مثل اليهود.
والكتاب الذي ترجمته حنان صديق من تأليف دونالد كينريك بمساعدة جيليان تيلور وصدر في الآونة الأخيرة عن دار شرقيات بالقاهرة ومعه قاموس عربي-غجري ترجمته داليا البدوي.
وذكر الكتاب الذي يقع في 362 صفحة على أن الغجر كانوا يساقون إلى معسكرات الإبادة في عهد النازي وغالبا ما يكونون في منازلهم المتنقلة ويتم إطلاق النار عليهم أو إعدامهم بالغاز جنبا إلى جنب مع اليهود.
وقال إن مصير الغجر منذ وصولهم إلى أوروبا تشابك بمصير اليهود.
ونوه إلى أن بعض الغجر الناجين تمكنوا بعد نحو عشرين عاما من سقوط هتلر من جمع أدلة ووثائق على وجود إبادة جماعية للغجر تحت حكم النازي.. ولم يمنحوا تعويضات عالمية .
وقال إن جهودا تواصلت بشأن تعويضات الغجر عن معاناتهم كتأسيس منظمة واتحاد وجمعية للمواطنين الألمان الذين تعرضوا للاضطهاد العنصري ولا يدينون باليهودية وذلك عام 1956 مشيرا إلى صعوبة الحصول على مثل هذه التعويضات.
وأضاف أن الغجر لم يحصلوا على تعويضات رغم توالي انعقاد مؤتمرات دولية للغجر وإنشاء منظمتين دوليتين لجمع الأموال لمنح معاشات للضحايا الناجين.
وأشار إلى أن الغجر كانوا من أوائل السجناء في معسكرات الاعتقال النازية في بولندا وأشهرها معسكر أوشفيتز الذي افتتح عام 1940 حيث تم إرسال 20 ألف غجري إلى هذا المعسكر واحتجازهم في ظروف مثيرة للشفقة مما أدى إلى ارتفاع معدل حالات الوفاة بسبب المرض وسوء التغذية وخاصة بين الأطفال السجناء.
في عام 1944 أرسل عدد كبير من المعتقلين إلى معسكرات أخرى للعمل أما السجناء المتبقون وكانوا حوالي 2800 سجين من النساء والأطفال والشيوخ فقد تم إعدامهم بالغاز السام ليلة الثالث من أغسطس (آب) عام 1944.
وأضاف أن ما وصف بسياسة تحرير ألمانيا من الغجر انتهت بالتخلص من 15 ألف غجري في معسرات الاعتقال أي ثلاثة أرباع عدد الغجر في ألمانيا .
وعلق قائلا سجلت ذكرى الملايين الذين قتلوا في أوشفيتز بلغة الغجر.
وتعود نظرة الاستعلاء للغجر إلى قرون سابقة ففي عام 1493 طردوا من مدينة ميلانو الايطالية وفي 1504 صدر قرار بطردهم من فرنسا وفي القرن السادس عشر توالت القرارات بطردهم من دول أوروبية منها بريطانيا والسويد وإسبانيا والبرتغال وبولندا ولتوانيا وفي 1589 حكم في الدنمرك بالإعدام على الغجر الذين لم يرحلوا عن البلاد .
ولم يكن هتلر أول زعيم ألماني يعتبر الغجر خطرا قوميا.
فالكتاب يسجل أن أتوفون بسمارك (1815 - 1898) عند تعيينه مستشارا للإمبراطورية الألمانية عام 1886 أرسل خطابا إلى جميع الدول التي تتكون منها الإمبراطورية للاتحاد على الأقل في تطبيق الأحكام القانونية ضد الغجر. أوصى بسمارك بطرد الغجر الأجانب ليحرر البلاد بالكامل وإلى الأبد من هذا البلاء.
وبعد قرون من التمييز والاضطهاد بدأ ما يمكن وصفه بالمراجعات كتأسيس منظمة الغجر في المجر عام 1958 وإنشاء لجنة الغجر الحكومية في النرويج 1962 وتأسيس اللجنة الدولية للغجر في فرنسا 1965 وقضت المحكمة في ألمانيا الاتحادية عام 1962 أن الغجر تعرضوا للاضطهاد لأسباب عنصرية وفي بريطانيا تأسست مجلة الغجر 1966 وتأسس مجلس التعليم القومي للغجر 1970 ونقابة الغجر 1972 وفي باريس انعقد مؤتمر الغجر الدولي 1986.
وقال الكتاب إن أصول الغجر تعود إلى الهند حيث رحلوا منها ما بين القرنين السادس والحادي عشر ثم وصلوا إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط وإن كلمة غجري هي اختصار لكلمة إيجيبشيان وهو أول اسم أطلق على المهاجرين من الغجر في غرب أوروبا لأنه كان هناك اعتقاد أنهم أتوا من مصر.
وأشار إلى أن الغجر هم الشعب الوحيد الذي رفض أن يتم تقييده بذلك الحاجز المصطنع على أنه حدود قومية. وأوضح أنهم جماعة عرقية وليسوا طبقة اجتماعية مشيرا إلى أنهم يمارسون مهنا متعددة ومنهم الغني والفقير.
وأشار إلى أن الكتاب المقدس ترجم كاملا لأول مرة إلى اللغة الغجرية عام 1837 على يد جورج بورو. واضاف أنهم كانوا يميلون إلى اعتناق ديانة البلد الذي يعيشون به أو يسافرون إليه فمنهم المسيحيون البروتستانت والكاثوليك والأرثوذكس إضافة إلى من يعتنقون الإسلام.
وقال الكتاب إن لعدد من المشاهير في مجالات مختلفة أصولا غجرية ومنهم الممثل والمخرج السينمائي البارز شارلي شابلن (1889 - 1977) الذي قال في سيرته الذاتية إن والدته كانت نصف غجرية وكذلك الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي ينحدر من أصل غجري اسكتلندي حيث كان جده وليام جيفرسون كلينتون يحمل لقب تشارلز الغجر الأول عام 1847.