وجبلة تلك لمن لا يعرفها ,هي مدينة صغيرة حجما لكنها كانت نموذجا على مر الأيام في الوطنية والتلاحم المجتمعي (ولا نقول التعايش)
هذه اللحمة نسجها أبناؤها عبر السنوات بقصص وسيروحكايات لا يتسع المجال لها ,معجونة بالملح والصخروعرق الشغيلة والصيادين والعشاق
جبلة التي صدّرت الشيخ عز الدين القسام مبكرا ليوجه البوصلة نحو الخطر الحقيقي الذي يهدد هذه المنطقة,وصدّرت أدونيس ليفتتح آفاقا جديدة في الثقافة والشعر
وصدّرت وديع اسمندر صاحب رواية (اللبش)ونعنبر واحدة من أجمل ماكتب عن البحر والتي أهداها لشهداء لقمة الخبز للصيادين في ميناء جبلة
وصدّرت محمد سعيد يونس البطل الفذ الذي قاوم هو وجنوده الجيش الإسرائيلي في موقع القلع المتقدم في الجولان ليومين كاملين ,بعد انقطاع الإمدادات عنه إثر تدخل الطيران.
وصدرت حسن الخيّر الذي لقب ب(لوركا العرب) وقصيدته الشهيرة التي ألقاها على الملأ (ماذا أقول).
والعشرات من الرواد في الثقافة والأدب والفن والرياضة ...
هذه المدينة تجرح في كبريائها ,وتمتهن كرامتها وتصبح ساحة مستباحة لغرباء منبوذين من أوطانهم يبحثون عن رزقهم باستغفال الناس واللعب بالنار في مجتمعاتهم
وهي التي كانت عصية على الدوام على كل محاولات سابقة من أطراف غريبة عن المجتمع السوري لتغيير هويتها وشخصيتها
فقد فشلت فرنسا سابقا في جعلها تنسلخ هي وشقيقاتها الأكبر عن وطنها السوري,وفشلت إيران في أن تصنع لها ولو موطىء قدم فيها وفشل النظام السابق في أن يضرب وحدتها وبقيت المدينة الوحيدة التي لم ينتصب فيها تمثال واحد للحكام
والموديل التمثال المرفوع فيها هو خارطة فلسطين .
جبلة هذه استباحها في ليل غفلة مجموعة غرباء لا يعلم لهم أصل سوى أبو فلان وأبو علان ,وأتوا ليزاودوا على الناس في طريقة الحياة والعيش بل والدين
وبرشوة بسيطة ووعود بجوائز قيمة وتحت حضور السلاح لموا مجموعة من الأولاد والغافلين والفضوليين,وبدأوا بجلدهم (وتقريعهم)بخطابات لا تنتهي تفوح منها رائحة الطائفية والكراهية
وبضاعة هؤلاء التي تفوح منها كل هذه الروائح ,مثلها مثل شوارع الوطن التي امتلأت بالبضاعة المهربة والمسروقة والمجهولة المصدر.
ثم يكتشف الناس أن هؤلاء يشحذون تحت كل هذه الخطابات والتحريض ,فطلبوا علنا من الميسورين والتجار التبرع بمبالغ بحجة بناء مدارس لتحفيظ القرآن!
هذه هي القصة إذن ؟!
تهينون مدينة بأكملها وتزاودون على الناس يدينهم وتضحكون على أولادها وتحرضون شعبها على بعضه وتتدخلون في معيشة الناس ولباسهم وفي النهاية تشحذون ؟
كم من ماء البحر المالح تحتاجين يا جبلة لتغسلي ما تركه هؤلاء وراءهم
نعلم أنهم عابرون,ولكن أقول لك :الرياح الصفراء تهب من جميع الأنحاء ,والوطن بأكمله في أضعف حالاته,وجميع الدول تمد يدها إليه,وهناك خطط تقسيم يروج لها
فسامحينا إن عفلنا عنك ,وسط ذلك كله
ونعلم جيدا أنك مثل بحرك تلفظين ما علق بك ,ولو بعد حين.
إضافة تعليق جديد