وثيقة رقم:11
* التاريخ: 14 يوليو 1976
* من: آي. إل. بلاكلي، السفارة، دمشق.
* الى: بي. إيفاريت/ الخارجية، إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.
* الموضوع: سورية ولبنان
* عزيزي بيرنارد 1/ أحاطني جيم هوبر، السكرتير الثاني بالسفارة الأميركية بدمشق، أن سفيره لم يستطع مقابلة الرئيس الأسد يوم 14 يوليو ليكمل بذلك أكثر من ثلاثة أشهر على آخر لقاء، فيما ظل رد فعل السوريين على رسائل الأميركيين لهم حول عملية السلام وقفا على كلمة (لا تعليق في الوقت الحالي). وقال هوبر أن من الواضح أن الخارجية الأميركية بدأت من التحقق بأن الأسد مشغول كليا بالوضع اللبناني وأنه لا يستطيع وضع المقترحات الأميركية بشأن تحركات أكثر في مسألة الجولان قيد الاعتبار الى أن يرى مخرجا من الورطة اللبنانية.
2/ هوبر يرى أن السوريين ماضون في تقسيم للبنان يأخذون فيه البقاع تحت إدارة سورية مؤقتة فيما يستعيد المسيحيون مواقعهم في جبل لبنان بعد انسحابهم من صيدا وصوفر وطرابلس وجنوب لبنان، تاركين البقاع الجنوبي للمسلمين والفلسطينيين الذين بقوا على قيد الحياة، والى ذلك، فهناك وسلفا نوع من استصلاح زراعي بالطريقة العلوية في البقاع. أما الفلسطينيون الذين أهينوا خلال القتال، فسيجدون أنفسهم مطوقين بالمسيحيين اللبنانيين من الشمال، والسوريين من الشرق، والإسرائيليين من الجنوب، فيما ستقدم أي إثارة منهم للإسرائيليين فرصة طيبة لتعويقهم بصورة أعمق، ولكن هوبر لم يعط انطباعا بأن خطوة كهذه من إسرائيل يمكن أن تلقى معارضة أميركية قوية.
3/ والى ذلك، وإذا ما كان لهذا السيناريو أن يحدث، فالمشهد سيعد لمفاوضات كبيرة في الربيع القادم يحصل فيها السوريون على تنازلات أكثر في الجولان، فيما تتم مكافأة الإسرائيليين بمساعدات عسكرية واقتصادية مجزية.
4/ ورغم أن هوبر يفكر بصوت مسموع، (وأرجوك أن تحترم سرية ما قال)، فربما يعكس الى حد ما تخطيط وزارة الخارجية الأميركية. أما الصدع في هذا المشروع فيكمن في الافتراض بأن السوريين يمكن أن ينسقوا أو يتواطأوا في هذا الحل الساحق للقضية الفلسطينية وأن يحيوا بعده . ومن هنا، ففرضية كهذه لا تبدو محتملة بعد ثلاثين عاما من الكفاح ضد إسرائيل ودعم الفلسطينيين، كلاهما قد وضع بين وقت وآخر سورية في قيادة العالم العربي.
* توقيع ـ آي.إل. بلاكلي ـ السفارة، دمشق
* وثيقة رقم : 22
* التاريخ : 23 سبتمبر
* من: جي . هانكوك ، السفارة بيروت.
* الى: بي. وييلر، الخارجية، عاجل وسري.
* الموضوع: لبنان، وخطابك بتاريخ 16 سبتمبر 1976 1/ دعمت ملاحظات قالها لي القائم بالأعمال الأميركي في بيروت الانطباعات التي قال بها ريتشارد موير من واشنطن، ففيما وافق على أن لدى السفارة الأميركية في دمشق إمكانيات اتصال ودخول مباشر على مكتب الرئاسة هناك، علق بأنهم يتسلمون معلومات قليلة صلبة حول النوايا السورية في لبنان، وأضاف أن السفير الأميركي ميرفي عربي جيد وصاحب خبرة في العالم العربي، وأنه يتوقع أن يأتي جديد أكثر من دمشق.
2/ أملك انطباعا بأن مدى تبادل وجهات النظر بين أميركا وسورية حول لبنان أقل الآن مما كان عليه في مايو ويونيو، يوم أن كان دين براون على رأس العمل. أحد أسباب ذلك، وكما أوضحتها السفارة الأميركية هنا، يعود الى أن السوريين وضعوا جزءا من عتابهم على النكسات العسكرية لهم في صيدا وصوفر في يونيو على الأميركيين. وتمتد شكواهم الى أنه رغم موافقة الحكومة الأميركية على التدخل السوري، جاءت إنذاراتهم بأن على السوريين أن يستخدموا أقل قوة، خوفا من رد فعل إسرائيلي يصعب التنبؤ بحجمه، ألزم السوريين بنشر قوات غير كافية لإنجاز المهمة، فقد أعطاهم الأميركيون ضوءا أصفر مكان إعطائهم ضوءا أخضر. وسبب آخر لعدم ثقة السوريين بالدور الأميركي في لبنان يعود إلى أن تقاريرهم الاستخباراتية عن اجتماعات دين براون مع القيادة المسيحية كانت غير دقيقة ومضللة، وقد رفع هذا من الشكوك السورية بأن أميركا تغرر بهم.
3/ انطباعي هنا أن الأميركيين أبقوا الإسرائيليين على اطلاع على النوايا السورية في لبنان في يونيو كجزء من الجهد الأميركي لمنع رد فعل إسرائيلي عسكري، ولكنهم لم يعودوا يمارسون مساومات للنشاطات السورية مع إسرائيل.
4/ نتيجة غير سارة لتلك الأحداث، ان السوريين أصبحوا الآن متطرفين أو قل جامحين في شكوكهم حول النوايا الأميركية في لبنان وهذه الحيثية في حد ذاتها ستقاوم أي حوار مفيد.
5/ القائم بالأعمال الأميركي أشار أيضا الى إمكانية قيام رابطة مباشرة بين الأسد وكيسنجر، ولكنه زعم عدم معرفة محددة بوجودها.
6/ قد يكون بوسع سفير جلالة الملكة، والموجود الآن في لندن، وقد تعامل مباشرة مع دين براون، أن يتوسع أو يصحح المشار اليه أعلاه.
* توقيع ـ جي .أف . هانكوك
* رسالة من 66 كلمة: السفير كريغ يلمح لإخفاء واشنطن الحقائق عن لندن
* وثيقة رقم: 24
* التاريخ: 20 سبتمبر 1976
* من: السفير جيمس كريغ، دمشق.
* الى: أف. بي. ويلر، الخارجية، سري للغاية وعاجل.
* الموضوع: هذا لبنان 1/ تعليق قصير واحد على خطاب ريتشارد موير من واشنطن اليك بتاريخ 3 سبتمبر حول وصول الأميركيين الى طريقة التفكير السورية.
2/ زميلي السفير الأميركي هنا، حينما زرته الأسبوع الماضي في زياراتي العادية له، اشتكى، (كما أي شخص أقابله هنا)، من سرية السوريين. وبالتأكيد لم يعط انطباعا بمعرفته بما يدور هنا، تماما على عكس الذي يحدث.
3/ السؤال التالي لذلك إذن هو: على أي بعد نحن من الوصول لطريقة التفكير الأميركية؟ (الوثيقة تحمل خطا تحت كلمة الأميركية، في إشارة واضحة الى نوع من التمويه والتضارب بين غموض سفير واشنطن بدمشق، ووضوح القائم بالأعمال في حديثه أعلاه مع جي. هانكوك في بيروت، والإيضاح من «الشرق الأوسط»).
* توقيع ـ جيمس كريغ السفير ـ دمشق
* معارضة التورط السوري في لبنان
* وثيقة رقم: 25
* التاريخ: 23 /09/1976
* من: جي. هانكوك، بيروت
* الى: أيه. ايرويك، الخارجية، سري وعاجل.
* الموضوع: سورية ولبنان، برقية دمشق رقم 501 1/ يثير احتمال تحركات عسكرية سورية هنا الكثير من الاهتمام، على خلفية فرضية أن المؤسسة السورية منقسمة بين حمائم وصقور، فهل لي أن أتقدم ببعض التعليقات منطلقا من وجهة نظر الحمائم.
2/ سيجذب عدوان سوري عام المزيد من القوات الى لبنان تاركا الجبهة العراقية، حيث تتمركز قوات عراقية بسلاحها في حالة من الخطورة. وبما أن القوات العراقية متورطة سلفا في لبنان، فمن الممكن أن تتصادم معها القوات السورية، لتصبح مسألة تقدم عراقي مسلح على الجبهة الشرقية السورية أكثر احتمالا.
3/ سيبخر نشاط عسكري سوري متزايد في لبنان رغبات السوفيات التي قيلت أخيرا لصالح تسوية سياسية. ووفقا للسفارة الإيطالية في بيروت، (أرجو حماية هذا المصدر)، فالإمدادات السوفياتية من قطع الغيار، وخاصة للقوات الجوية بدأت سلفا في التباطؤ بتأثير تلقائي على تدريب القوات الجوية السورية. وأخبرتنا السفارة الإيطالية كذلك أن الشحنات السوفياتية خلال الأسابيع الأخيرة الى ميناء اللاذقية كانت في الأساس سيارات نقل وأن شحنات الذخيرة السابقة لها، أوقفت فيما تم سحب بعض الخبراء الروس وكذلك ازدادت كلفة البقية المتبقية بزيادة أتعابهم. الاستهزاء بالرغبات السوفياتية مع المسألة اللبنانية سيزيد من مخاطر تحجيم الدعم العسكري السوفياتي لسورية.
4/ كذلك، سيزيد المزيد من النشاط العسكري السوري في لبنان من مخاطر تطورات غير مرغوب فيها بالنسبة للنظام، على صعيد جبهته الداخلية، خاصة حين تشحن جثث الجنود السوريين من هنا الى قراهم لتشيع وتدفن هناك، فيما سيضع كل ذلك الدعم الاقتصادي السعودي أو الكويتي أو كلاهما معا لسورية في خطر.
5/ من شأن عدوان سوري على غرب بيروت، حتى بمشاركة هجمات مسيحية، أن يصبح مأزقا مطولا. إذ سيكون هناك تبادل للاعتداءات وخسائر ثقيلة في المواد المستخدمة، لأن السوريين ميالون، في ما يبدو للاعتماد على الجبال، التي ستكون عرضة للقصف المضاد بالدبابات على طول الطرق الجبلية الضيقة. ومن هنا فتسوية عسكرية سريعة ليست بأمر عملي، وأن تتم محاولتها فذلك سيقود الى توريط السوريين والمسيحيين في إعادة لما حدث في تل الزعتر وبشكل أكثر اتساعا.
6/ من شأن معركة مطولة ضد الفلسطينيين والمسلمين في لبنان أن تضع سورية في صورة تتقاطع مع بقية العالم العربي، فيما سيجعل أي دعم قوي من العراق (ومن الممكن من المصريين والليبيين والجزائريين) للفلسطينيين والمسلمين اللبنانيين مع تطور الحملات، سيجعل نصرا سوريا أمرا بعيد المنال.
7/ ستبدد مسألة محاولة حل عسكري الجهد المقدر الذي بذل والنجاح الذي تحقق للوصول بسركيس الى منصب الرئاسة، لأن المتوقع من سركيس وأي مجلس يقوم بتعيينه، أن يكونا متجاوبين مع الرغبات السورية، وفي نفس الوقت عليهما الحفاظ على وحدة لبنان. ومن هنا فالحل العسكري سيهدد بتدمير سركيس ويمكن له بالتالي أن يجيء بالتقسيم الذي تحاول سورية تجنبه.
8/ في نهاية التحليل، فالهدف الكلي للاسد هو أن يبقى في السلطة، ولكن حملة عسكرية في لبنان ستهدد بقاء النظام.
9/ قدمت هذه التعليقات مع اعتذار لسفير جلالة الملكة بدمشق وهو في موقع أفضل مني لتقييم المواضيع التي تمت مناقشتها.
* توقيع ـ جي. هانكوك ـ السفارة، بيروت
* خطة سورية لإعادة تنظيم القوى السياسية الموالية في البقاع
* في ورقة من الوفد الإيطالي لدول التحالف عن خرافة سورية الكبرى:
* وثيقة رقم:30
* التاريخ: 25 نوفمبر 1976
* من: الوفد الإيطالي الى: (الجهة المخاطبة غير محددة.. ولكن الواضح من الرسالة أنها معممة لما يعرف بوفود التحالف في إشارة أقرب الى الطبيعة الأوروبية للتحالف أو الناتو مثلا، الإيضاح من «الشرق الأوسط») الموضوع: أزمة لبنان وخرافة سورية الكبرى.
الأسئلة على السطح، وفيما تدخل القوات السورية بيروت، بمباركة من أشقائها العرب، لإعداد نفسها لاحتلال معظم الأراضي اللبنانية تقريبا، تلك الأسئلة التي تطفو على سطح الأزمة، لتعيد ضوءا لا تخلو من مخاوف حول النوايا الحقيقية لقادة دمشق.
والى ذلك، ومن بين المثير للشكوك، ما إذا كان، والى جانب الأهداف المعلنة، (وبينها تجنب تقسيم لبنان وحماية المقاومة الفلسطينية)، لا يحملون أجندة أخرى خفية، وانهم لا يهدفون حقيقة إلى إدارة كل، أو جزء، من ذلك البلد الجار.
والى ذلك أيضا، فالذين مع هذه الفرضية الأخيرة، يقحمون معها سلسلة من الإشارات التاريخية والأعراض السياسية، وجميعها يتلخص أو يندرج تحت عبارة (سورية الكبرى). والسوريون في حقيقة الأمر على وعي بانتمائهم الى كيان أكبر جغرافيا والذي وعلى مدار التاريخ شهد عنفا وتقسيما مصطنعا من قبل القوى الاستعمارية.
ذلك الوعي مسألة حقيقة: ولتكون مقتنعا بها، من الكافي إلقاء نظرة على الكتب الجغرافية والتاريخية التي تستخدمها المدارس السورية، أو استراق السمع لما يقوله الناس.
وعلى أية حال، فالذي يهمنا هو، إيضاح ما إذا كانت ظاهرة كهذه يمكن أن تتحول من كونها قاعدة لحالة نفسية جماعية الى قاعدة سياسية، وبكلمات أخرى، من الأهمية إيضاح ما إذا كانت خرافة أو أسطورة سورية الكبرى عرضة لأن تفرخ برنامجا سياسيا في ظل الظروف الحالية.
وهناك بالطبع حزب الشعب السوري (SPP) الذي تركز عقيدته السياسية على هذا الموضوع، فهذا الحزب، أو بالأحرى ما تبقى منه، لا يبدو من المرجح أن يمارس أي نفوذ، رغم أن كثيرين يذهبون الى أن حافظ الأسد نفسه، ومن قبل انضمامه للبعث، كان أحد كهنة ذلك الحزب. بالإضافة الى ذلك، فقد رفضت دمشق وباستمرار إقامة علاقات دبلوماسية مع بيروت، وتجنبت حتى فتح مكتب اتصال مثل الذي فعلته الحكومة اللبنانية في دمشق.
ولا شك أن فكرة أن لبنان عبارة عن ملحق استراتيجي وسياسي واقتصادي لسورية فكرة مألوفة لدى القادة السوريين، وقد برهن أداؤهم خلال كل الأزمة على ذلك. ومن الثابت أيضا أنهم ينوون، في السنوات القادمة، أن يمارسوا سيطرة أكثر تجويدا، عن ما سبق، على الحياة السياسية اللبنانية. أما أطماعهم الحدودية فتبقى قيد الإيضاح ما إذا كان هناك قدر منها، ولكنهم لا يتحدثون عنها إطلاقا، بل على العكس، فهم لا يتركون فرصة تمر دون استغلالها في تبديد المخاوف الناشئة منها.
وعلى كل، فهناك أعراض عدة تشير الى ذلك، برغم أنهم لا يناقشونها، ومع ذلك فهم يفكرون فيها. والقوات السورية في لبنان موجودة الآن لتبقى الى زمن طويل، والبعض يقول لعام، والبعض يقول لعامين، ولكن المؤكد أنها ستبقى لزمن طويل يكفي للاستمرار بعملية اختراق يكون أي ناتج يريدونه مع نهايتها احتمالا.
وشكرا لغطاء قواتهم المسلحة، فالسوريون يقومون وينفذون( وبصورة أساسية في البقاع )، خطة إعادة تنظيم عريضة للقوى السياسية ذات الولاء لهم. وهم يستهدفون بصورة خاصة (بعث) عاصم قانصوه الموالي لهم، والحركة القومية التقدمية لشاتيلا. ويبدو أن الاستراتيجية تهدف الى تفتيت حزب جنبلاط الشعبي الاشتراكي وملء فراغه السياسي آخذين لأنفسهم بعض شعارات الزعيم الدرزي.
وبهذه الطريقة يستثمر السوريون تأثيرهم على لبنان على مستويين: مستوى القمة بإدخال عناصر موالية في المواقع الحكومية العليا وفي كل المواقع الحيوية، ثم على مستوى تحتي، عبر الحركات السياسية، التقدمية نظريا، ولكنها سهلة الانقياد لجهة التعاون مع المسيحيين الموارنة. ومن هنا، وإذا ما كان لهذا البرنامج أن ينجح (والمؤسسات لإنجاحه قائمة بالفعل)، يكون من الواضح أن أي ناتج يكون محتملا، حتى لو كان مجرد نوع من الاتحاد الدستوري.
وخلال ذلك، لا بد من الملاحظة، ومؤخرا، أن هناك موقعا ظل يحفظ بصورة منتظمة ضمن وفود البعث السوري لما يسمى بـ(ممثل البقاع).
سيسعد الوفد الإيطالي أن يتعرف على وجهة نظر وفود التحالف الأخرى في الموضوع أعلاه.