ملف صغير من الوثائق البريطانية التي أفرج عنها مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي حمل اسما غريبا، ومحتويات أغرب، اسم الملف الذي يحتوي على أربع وثائق فقط لا تتعدى التسعمائة كلمة (بحث في موثوقية مخطوطة تتضمن رسالة النبي محمد)، أما المحتويات الأغرب فتكمن في فكرة فجرها اللورد جون كير على خلفية معلومات وصلته بامتلاك أرملة فيصل الثاني ملك العراق للنسخة الأصلية من رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى هرقل، (امبراطور الروم) وذهبت الفكرة الى دخول معركة الحصول عليها لتوظيفها سياسيا والتقرب من خلالها للعاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز في زخم استخدام سلاح النفط وحظره عام 1973 مع وبعد حرب اكتوبر (تشرين الاول) بين العرب واسرائيل ليحتدم الجدل بين بيروقراطيي الخارجية البريطانية حول جدوى شرائها وتقديمها للملك فيصل وما اذا كان ذلك سيجوز، أي تقبله لتسلم وثيقة بهذه القداسة من أيدي اجانب غير مسلمة. طرافة المحتويات تمتد أيضا لتشير الى دخول الحكومة المصرية طرفا في الحصول عليها، وكذلك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم دولة الامارات العربية المتحدة.
* الوثائق البريطانية
* المقال الأول
* وثيقة رقم:1
* التاريخ: 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973
* الى: مستر رايت، ادارة الشرق الأدنى
* مستر كريغ، ادارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا
* من: أيه. دي. بارسونز، سري للغاية
* الموضوع : رسالة النبي 1 ـ تلقيت محادثة بالأمس من اللورد جون كير، رئيس أدارة الكتب القديمة بثوثباي . لديه هذه القصة ليرويها:
2 ـ من الواضح أن هناك أربع وثائق في العالم اليوم يقال انها الصورة الأصلية من حوالي سبعين رسالة بعث بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم الى شخصيات مرموقة يدعوهم فيها لاعتناق الاسلام. اثنتان من هذه الرسائل على قدر معقول من التوثيق أو الصدقية، إحداهما في حوزة الحكومة التركية، والثانية بحوزة أيد خاصة في بيروت فيما هناك قناعة عامة بأن الرسالة الثالثة مزيفة.أما الرابعة الموجهة الى الامبراطور هرقل فهي في حوزة أرملة ملك العراق فيصل الثاني، وهي تنوي بيعها وقد أتت الرسالة لسوذبيز. من الواضح أن الحكومة المصرية ظلت تحاول الحصول عليها لبعض الوقت وعرضت على أرملة فيصل الثاني معاشا في مقابلها ولكنها رفضت، وهناك الشيخ زايد على الخط أيضا.
3 ـ يقول اللورد جون كير أن أناس سوذبيز عرضوا الرسالة لاختبارات أولية وقالوا انها والى حد ما أصلية ـ اختبارات عمر الورقة وجلدها... الخ فيما سيتم في القريب الاختبار النهائي على الخط نفسه وسيقوم بهذا البروفيسور بيستون من جامعة أكسفورد ليقرر جماعة ثوثباي بعدها ما اذا كانت الرسالة أصلية، واذا لم تكن كذلك فسيسقطون كل الفكرة.
4 ـ اذا قرروا أنها أصلية، فانهم يريدون منا أن نضع في اعتبارنا أمر حيازتها فيما سيكون الأمر وببساطة بيعا خاصا وبلا منافسة. فكرة اللورد جون هي أن بوسعنا اعتبار التعويض السياسي لهذه الرسالة، وقال بتقديمها للملك فيصل كحارس للمناطق المقدسة. وقال انه ربما يعتقد أن من الممكن لمثل هذا المسعى أن يكون جيدا في المناخ الحالي لقرارات الحظر في النفط...الخ. قلت اننا سنضع الاقتراح قيد الاعتبار من الوجهة الافتراضية في انتظار بحوثه حول موثوقية الرسالة.
5 ـ سأكون ممتنا اذا حصلت على تعليقات، وأرجو التشاور مع أي أنسان بالمكتب تأنس فيه الكفاءة، وبوسعي أن ارى أن بوسعنا الحصول على مجد وشهرة لدى الملك فيصل اذا اشترينا الرسالة وسلمناها له فورا كايماءة من بريطانيا للعالم الاسلامي. ولكن ليست لدي فكرة حول المبلغ الذي يمكن أن يتقاضاه منا أناس سوزبيز مقابل الوثيقة وعلينا أن نكون متأكدين جدا من حصولنا على قيمة المبلغ في قياسه بمصالحنا القومية. هناك مآزق بديهية أو مؤكدة. ومثلا، هل سيشعر الملك فيصل بالغضب من تلقيه أثرا اسلاميا مقدسا كهذا من أيدي اجانب..؟ وهل سيغضب المصريون إذا ما أحبطنا محاولاتهم في الحصول على الرسالة..؟ وهل سينطبق نفس الموقف على الشيخ زايد..؟
* توقيع ـ ايه. دي بارسونز
* وثيقة رقم: 2
* التاريخ: 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973
* الى: مستر كريغ، ومستر بارسونز، ادارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.
* من: بي. آر. رايت. ادارة الشرق الأدنى، سري للغاية.
* الموضوع: رسالة النبي 1 ـ رد فعلي المبدئي للاقتراح هو أنه واذا ما كانت الرسالة أصلية، فإن المبلغ النهائي لشرائها سيكون رقما فلكيا. وحتى اذا حصلنا على الموافقة على أموال كافية لشرائها، فتقديمها للملك فيصل سيسبب، حسب اعتقادي، مصاعب جمة مع المصريين والشيخ زايد (فقرتك رقم 5 في مذكرتك) وربما يثير غضبا لدى رؤساء الدول الاسلامية الآخرين بمن فيهم شاه ايران. وربما نجد أنفسنا أيضا متورطين في جدل مع العراقيين حول التبعات القانونية للرسالة. وباختصار، أعتقد أن الفكرة خيالية، وكما لو أنها قطعة بطاطس ساخنة تحاول أن تقدمها لآخر.
2 ـ أطلعت مستر بانيرمان والسير جي آرثرعلى مذكرتك، وكلاهما شاركني شكوكي حول الاقتراح، برغم كون أيهما لم يعن بربط أهمية كبيرة بالمخاطرة القائمة من تسليم أثر اسلامي بيد اجانب. وكلاهما، ولكن كلا على حدة ،أشار الى امكانية تعريض أنفسنا الى النقد من خلال انتحالنا لحق تقديم وثيقة من هذا النوع في مكان تركها للآخرين الراغبين في شرائها من السوق المفتوح. وقد تساءل السير آرثر في غضون ذلك ما اذا كان للوثيقة أن تكون حقيقية، بافتراض أنه لا يوجد فهم بأن الرسالة قد كتبت حقيقة بيد النبي (بما أن هناك، كما أفهم، عرفاً بأن النبي كان أميا).
3 ـ أخيرا، علينا وفي كل الأحوال أن نتخير التوقيت لمثل هذا التقديم بحذر متناه، واذا ما كان هناك أي تساؤل حول تقديمها في المستقبل القريب، فهناك خطر أكيد لجهة أن الأمر سيظهر وكما لو أنه رشوة واضحة في سياقات موقف العرب من النفط.
* توقيع ـ بي. آر. رايت ـ ادارة الشرق الأدنى
* وثيقة رقم: 3
* التاريخ: 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973
* الى: مستر كريغ ادارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، سري للغاية.
* من: أيه. دي. بارسونز
* الموضوع: رسالة النبي 1 ـ هاتفني اللورد جون كير هذا الصباح وتحدثت معه وفق الموجهات التي حملها خطاب مستر رايت بتاريخ 16 نوفمبر، واخبرته بطريق أو بآخر بأننا لسنا مبادرين في هذا الأمر.
2 ـ تقبل هذا الرأي دون اعتراض وقال انه يعتقد بأننا ربما نكون زاهدين فيه. وقال ان بحوثه حول الوثيقة والى الآن ايجابية فيما أشار آخر فحص للرسالة بأنها أصلية فيما أوحى اختبار بروفيسور بيستون للخط بأن هذه الوثيقة إما أن تكون النسخة الأصلية أو صورة منها استنسخت بعد قرن من الأصل. ويريد اللورد جون أن يمضي ببحثه خطوة للأمام ليجري اختبارات كيميائية على جلد الرسالة. ومن أجل القيام بذلك، احتاج الى القول انه لا يزال يملك مشتريا في الأفق، مهما كان في القول من غموض. قلت انني لن أعترض على هذا من أجل مصلحة البحث، فيما سأكون شديد الاهتمام لمعرفة النتيجة، ولكن عليه أن يتحقق من كوننا وبالتأكيد لن نكون المبادرين او البادئين.
* توقيع ـ ايه. دي. بارسونز