اليوم السابع: لقاء بالطبيب الإختصاصي و كيف أفلتّ ُ بمعجزة من الموت.
قبل أن اروي التفاصيل الشيقة لهذا اليوم، دعوني أختم الحديث عن أقسام الإسعاف في فرنسا بقصة حقيقية، مقرفة و ذات مغذى (قحمذم)، روتها جريدة Le Canard Enchaïné ليوم 15/5
بطلة القصة تدعى "دلفين"، و هي سيدة في الثالثة و الثلاثين من العمر و أم لطفل واحد. قررت هذه السيدة أن تنتحر فابتلعت كمية من الأدوية... ثم غيرت رأيها، فاتصلت بالإطفائية و جاء رجال الإطفاء و قدموا لها الإسعافات الأولية ثم نقلوها لقسم الإسعاف.
التعاليم الخاصة بقسم الإسعاف تقتضي في هذه الحالة أن يوضع المريض تحت مراقبة مستمرة، لكن مريضا آخر بدأ يهيج و يصرخ فتوجه إليه فريق الإسعاف و تركت دلفين بمفردها لدقائق... فما كان منها إلا أن عادت لمنزلها و رمت بنفسها من الطابق السادس...
حتى هنا، القصة مثيرة للإشمئزاز و لكننا نبلغ حدود القرف السوريالي حين نعلم أن أمها رفعت دعوى على المشفى لأنه بإهماله -حسب ادعائها- تسبب بموت بنتها!
أنو هلق يا شرموطة المشفى هو المهمل أم أن تربيتك الخرائية هي المسؤولة؟ لاك تفوه!
أنا من ناحيتي أقول أن من يحاول الإنتحار يجب إعدامه و انتهينا. لكن لنعد للمشافي الفرنسية:
فعلى الرغم من أنني عانيت من تمسكهم الأعمى بالبروتوكول بحرفيته، إلا أنني أفهم السبب: لقد وصل بعض الفرنسيون من البطر بالنعمة حدا أنهم يرفضون أن يتحملوا أدنى مسؤولية: يريدون أن ينتحروا و أن تنقذهم الحكومة... فإن أخفقت الحكومة أن تحميهم من جحشنتهم يرفعون دعوى...
و في ظل هذه الجحشنة من الطبيعي أن تحاول المشافي أن تحمي نفسها بالتزام نص القانون -حتى و لو كان ذلك مضرا بصحة المريض....
ذهبت، إذا، لعيادة الطبيب الإختصاصي، و هو طبيبة. فبعد أن قامت بفحصي و قاست السكر في دمي -كان ذلك عند الصباح و كانت نسبة السكر 2.6 غ/ل، يعني 13ميللي مول بالليتر، وصفت لي جهاز قياس السكر -كي أقوم بنفسي بذلك القياس ثلاث مرات يوميا- و وصفت لي دوائين على أن آخذ من كل دواء حبة مع وجبة الغداء و وجبة العشاء -يعني أربع حبات باليوم.
اشتريت هذه الأدوية و عدت لمنزلي. عند الساعة الثانية بعد الظهر قمت بقياس السكر، كان 2.2 غ/ل، أي 12.1، أي نفس مستواه يوم الأمس عند نفس الساعة.
أخذت الحبتين الموصوفتين و تناولت وجبة الغداء.
بعد ذلك بأربع ساعات كنت أقوم بغسل بعض الكؤوس فلاحظت أن أصابع يدي ترتجف. ظننت أن ذلك بسبب الماء البارد، لكن حتى بعد أن أنهيت الجلي استمرت أصابعي بالإرتجاف... فقلت نفسي: "هذه هيه!"... إنها أزمة انخفاض السكر!
أخرجت جهاز قياس السكر سريعا جدا و قست السكر في دمي: 0.7 غ/ل، اي الحد الأدنى المقبول. يعني إن تذكرتم أن الغيبوبة -و يتبعها الموت- هي عند 0.5غ/ل، فأنا كنت قاب قرصين أو أدنى منها...
لم أضيع الوقت: سارعت بأخذ ملعقتي سكر صغيرتين، حللتهما في كأس ماء صغيرة و شربتهما، ثم انتظرت دقيقتين كي تفعلا فعلهما، و بالفعل: توقف ارتجاف أصابعي. ثم اخذت قطعة خبز فأكلتها -لتمديد مفعول السكر الذي أخذته، ثم قمت بقياس السكر في دمي: لقد عاد لوضع طبيعي 1.04 غ/ل...
اتصلت عندها بالطبيبة فعدلت وصفتها: طالبتني أن أتوقف عن أخذ أحد الدوائين و أن لا آخذ اي دواء لمساء ذلك اليوم، و أن أتصل بها مجددا ظهيرة يوم الغد...
و هذا ما فعلته، و ما سأرويه في الحلقة المقبلة...
اليوم الثامن: اتصال بالطبيب الإختصاصي و عصيان لنصائحه.
بداية، أقول: لعنة الله على ميكروسوفت!
اليوم بنشر ويندوز و ما عاد بدو يقلع... و يستحيل تصليحه مهما فعلت. النتيجة: إعادة تنزيله مع محو كل الديسك.... و لحسن الحظ لم يضع أي شيء من عملي: آخر مرة قمت بحفظه على CD تعود ليوم الجمعة
يوم الجمعة 7 أيار اتصلت بالطبيبة كما كان متفقا عليه، و نقلت لها أرقام السكر في دمي، فعادت و قررت أن أعيد استخدام الدوائين معا: استخدام الدواء الذي كانت قد حذفته بالأمس بمعدل نصف حبة كل يوم، و متابعة استخدام الدواء الثاني، و اسمه Glucophage بمعدل حبتين عيار 850 مغ كل يوم...
لكن، بصراحة ربنا كده، يعني هي تصف لي الدواء بالكمشة... و تغير رأيها كل يوم و الثاني... فقررت عندها أن آخذ أدويتي كما أشاء أنا، لا كما تشاء هي!
و هكذا قررت أن أكتفي بحبة واحدة من عيار 850 مغ من الغليكوفاج...
للتذكير، صباح الأمس كان السكر في دمي 2.6، و صباح هذا اليوم نزل لحد 1.6.
يتبع...