من المتضرر من الفشل؟

بالأمس ,خضت نقاشا على منصات التواصل ولا أصعب ,كان من الصعب تقبل أي رأي محالف لما هو سائد ومعمم حاليا.

مع أن المتحاورين منهم أصدقاء نلتقي بالفكرة والتحليل والرؤية البعيدة للأمور ,إلا أننا وصلنا لطريق مسدود فيما يخص تطور الأحداث الداخلية في سورية.

استغربوا أنني أتبنى مفهوم أن (السنة)هم أكبر المتضررين من الممارسات الخاطئة والتجاوزات المستمرة إن كان على المستوى الداخلي أو الصورة التي يتلقاها الخارج ,على عكس الشائع وما يروج له .

حاججوني بالصيغ المتداولة والتي تختصر بمقولة : بأن أيا يكن من الأغلبية حاكما هو أفضل من عقود الاستبداد والظلم الأقلوي ,لقد تنفسنا الصعداء أخيرا ,وأن من يحرر يقرر,وسوى ذلك .

والأقلية منهم جادلوني بالصيغة:يا أخي جربنا هذا الحكم على مدى عشرات السنوات واوصلنا إلى الحضيض ,دعنا نجرب شيئا مختلفا ولنحكم بعد حين على النتائج.

في الظاهر تبدو هذه الحجج مقبولة وتلقى رواجا كبيرا ,ويتم تداولها بغزارة على كافة المنصات ووسائل التواصل ولكن ,

دعونا نذهب لأبعد من هذا ..

ودعونا نطرح أسئلة فقط ,وهذا أدنى شيء يجب علينا القيام به .

بداية لا بد أن نعرف أن صلاحية النظام البائد كانت منتهية ,ليس الآن ولكن منذ زمن ,وقد فقد أي دور محلي أو إقليمي وأصبح يعيش على المساعدات التي كانت تأتي إليه بالقطارة ,واعتمد على تمويل نشاطاته الأخرى  على مصادر أخرى كالكبتاغون والتهريب والخوات .

ولكن لم يتخذ القرار إقليميا ودوليا باستبدال الحصان المريض بآخر فتي وقوي إلا بعد حرب غزة,لا لكي يقود العربة إلى حيث يشاء ويريد بل لكي بقودها إلى حيث يريدون هم.

وهذا جلي من عجز ذلك الحصان المتهالك عن تنفيذ أي شرط موضوع بدءا من جنيف و القرار 2254  وصولا للمبادرة العربية .

والآن بعد أن وضح أن القرار قد اتخذ بإنهاء الوجود الإيراني في المنطقة مع كل تبعاته  واستبداله بوجود آخر ,برز الصراع من جديد من يكون البديل :تركيا أم اسرائيل ؟

لقد اتفقت الأطراف على الخطوة الأولى ولكنهم اختلفوا تاليا على الخطوات المتبقية ,ومع جولات الحوار التي تتخللها ضربات بالنيران لرسم الحدود المسموح بها والمناطق المحظورة ,لا بد أنهم سيصلون لمنطقة وسطى تحدد دور كل منهم .

هذه هي باختصار حدود اللعبة والصراع الذي يجري حاليا.

وهنا يلح علينا السؤال :ولكن أين هو الشعب السوري من كل ذلك,والمطالب التي ثار لأجلها السوريون ودفعوا الأثمان الباهظة لنيلها.

يؤسفني أن أقول أن هذا لم يدرج في قواعد الاشتباك والصراع الذي يجري ,وهو خارج التداول وليس على قائمة اهتمام أي من الدول التي تتدخل في الشأن السوري ,ألم يحن الوقت لكي نعلم أنهم يسجلون كل ما يجري لكي يستخدموه كأوراق ضغط من أجل الحصول على تنازلات أكثر ,وهذاهو فقط ما يعنيهم.

لن أذكركم بقصة(الطريدة) التي طشت ,يوم اختلف الصيادون ,ولن أعيد عليكم التلميحات والتصريحات التركية والإسرائيلية ,والتي يدّعي كل منهما أنهم من هندس سقوط النظام ولكن دعونا نتكلم بما بين أيدينا وما ينعكس على واقعنا الداخلي طالما أتينا على هذا المسار.

وما يجري في الداخل هو تحميل الضمير الجمعي للأغلبية السنية كل ما يجري من فشل في بناء الدولة والإستفراد بها وكل ما جرى من ارتكابات وتجاوزات .

هل من المعقول أن لا نجد كفاءات على مستوى البلد إلا (مساعد أول) لنسلمه شرطة مرور دمشق ,ولا نجد في أهل المدن الكفاءات اللازمة لإدارة شؤونهم المحلية حتى نأتي إليهم بأناس من مناطق بعيدة عنهم وليس لديهم حتى الكفاءة والمعرفة وقس على ذلك من مستوى رئيس مخفر وصولا لمحافظ السويداء والذي ثارت عاصفة بشأن شهادته والأمثلة اكثر من أن تحصى.

ما يجري هو عملية (شيطنة) كاملة , وتحميل الجماعة آثام الأفراد وعيوبهم.

للقول أخيرا :لقد سقطت كل حججكم السابقة ضد النظام,ها أنتم ترتكبون نفس ما عانيتم منه وما مورس عليكم خلال تلك العقود ,وها أنتم قد تساويتم بالجلاد والفاسد ولا فرق بينكم وبينه سوى بعامل الوقت ,فما ارتكبه ببطء وخلال عقود ها أنتم تفعلونه وبوقت قياسي وسريع.

طالما أن الخارج وما يخطط له وما يقرره ليس بيدنا (وقد اعترفنا أننا لا نريد المشاكل مع أحد وخصوصا مع اسرائيل ),فدعونا ننظر قليلا بما يجري في الداخل ,دعونا لا نسير بهذا المخطط الجهنمي ,دعونا لا نورث الأجيال الأتية أحقادا إضافية وثأرا مؤجلا أخرا وفشلا في البناء ,دعونا لا نضيع البلد بعدما أتت الفرصة لبنائه وتقديم نموذج وطني يقوم على المفاهيم التي ناضل السوريون لأجلها, شيئا آخر يحفظ البلد ويعطيه فرصة لكي يبدأ على أساس نظيف وقوي.