عندما ينحدر، وينهار مستوى الصراع من المستوى الوطني/القومي.. لا يسقط إلى حالته الأدنى في سلّم التطور (الدولة هنا) ..
وإنما إلى مستوى التركيبات الاجتماعية الدنيا: الطائفة، العشيرة، العائلة. ليتحوّل صراع بيني، بين هذه المكونات.. الدنيا في سلّم التطور الاجتماعي .
لقد تصدّت الدول التي أنتجتها (سايكس- بيكو) لبناء مشروع "دولة نهضوي" تحت شعارات وطنية وقومية، بينما كانت تفتقر إلى الأدوات النهضوية الحقيقية اللازمة للتأسيس والنهوض، من جهة،
ومن جهة أخرى، لقد أغفلت مشاريع الهيمنة ومخططاتها التي لم تهدأ يوماً..
تلك المشاريع التي كانت دولها هي نتيجة لها.. فتعاملت نخبتها السياسية والفكرية معها بطريقة "رومانسية" لا تُحسد عليها،
ثمّ تحوّلت بالتدريج إلى عمالة وارتباط وترهّل وفساد إداري مريع! لقد وضعتُ النخب الفكرية في نفس الخانة مع النخب السياسية، لأنها كانت منافقة وقاصرة وجبانة.. بينما الأصوات الجريئة منها، كانت بعيدة ومنفصلة عن واقعها!
لا تستطيع أي دولة أن تتصدّى لمشروع نهضوي مستقل، بينما لا تزال خاضعة لشروط اللعبة الاستعمارية في الجيوسياسية والاقتصاد والفكر .. والتسليح..إلخ.
ضمن منظور الصراع هذا، كنّا نقول في سوريا: "إنّنا نتقن اللعب على حافة الهاوية"!.. ولكن اتّضح أن "أعداءنا" كانوا يسمحون لنا بالبقاء هناك! لم تكن حافة الهاوية، وإنّما حدّ الشفرة التي كنّا ننزلق عليها ببطء ..
ومع كلّ زيادة في نزيف الدّم، كان الانزلاق يتسارع، حتى أُغشي على أبصارنا ولم نعد نرى
من يوقف الانهيار النهائي نحو الكانتونات الطائفية والعائلية؟
لا أحد! سوى لعبة المصالح الإقليمية والدولية، التي قد تقرّر أن تضع حداً للانهيار الذي سيهدّد مصالحها، وخططها، ونفوذها إذا وصل إلى مرحلة حرجة!
إضافة تعليق جديد