Skip to content
الخميس 2025-08-07
Edit Content
جبلة جبلة
  • most recent news
  • trending news
  • most read
  • All Video
  • Image gallery
  • more
من نحن

موقع جبله

2025-03-13
  • Accessibility
  • Help
  • Contact
  • About qoxag
جبلة جبلة
مراسي
أخلاق ابن المحافظ !
دورة محو أمية
فانك
يا سوريا
جبلة جبلة
  • الرئيسية
  • أدب وحياة
    • أدب
    • إضاءات
    • حياة
  • سياسة
    • تقارير
    • رأي
  • فوتولوجي
  • مراسي
  • عن الموقع
  • اتصل بنا

فردة الحذاء البيضاء

 فردة الحذاء البيضاء
حياة

فردة الحذاء البيضاء

- عمار سعد 2025-07-20

فردة الحذاء، ورفعت الشمالي، وبيت شباط

(قصة قصيرة من قصص جبلة وحي العمارة)

في بيت عمتي المطلّ على شارع العمارة، كانت الرطوبة تزحف على البلاط كضوء خافت من عالم لا يُرى.

رائحة صابون الغار والماء البارد, بخار طبخة نائمة على موقد الغاز, عَرَق سامح وهو يركض حافيًا من المطبخ إلى الباب…

وكل شيء في ذلك البيت، بطابقه الواحد، يشبه ذاكرة تُخفي أشياء لا تُقال.

كنت في السابعة، وسامح في الثالثة.

حين فتحت الباب الرمادي وخرجت به، لم أكن أبحث عن شيء, كنت أهرب من كل شيء, وكان شارع العمارة صامتا,لامعا,واسعا بلا سبب.

الرصيف دافئ تحت قدميّ، ورائحة بحر تأتي من بعيد وتختلط بروائح مجهولة: دخان، خبز يابس، وزهر ليمون مجروش تحت العجلات.

مشينا غربًا، حتى وصلنا الزاوية التي يعرفها قلبي: بناء “نصّور”، الواقف كحارس أصفر يُشرف على شارعين.

هناك، عند التقاطع، لم أُكمل الطريق نحو شارع الفوّار ولم أنعطف ,اجتزنا الشارع مباشرة باتجاه بيتنا.

بناية “شباط”، ذات الواجهة المقوّسة، شُرفتُها تشبه فمًا صامتًا يراقب كل شيء.

على يميننا، بقي شارع الفوّار بما يحمله: بيت القسّام، بيت علي ميّا، بيت إبراهيم الزوزو والطريق إلى المركز الثقافي…

كلها بقيت هناك، كأنها صفحات في كتاب أردت فتحه، ثم أغلقته فجأة.

ذاك المركز الثقافي، كان بوابة سريّة لطفولتي.

كنت أدخله وحدي، أسلّم البطاقة الورقية بخجل، وأخرج بكنز من الكتب.

هناك قرأت لأول مرة «ألف ليلة وليلة» في طبعة شعبية ممزقة.

وقرأت طه حسين و«دعاء الكروان» دون أن أفهمه.

وقرأت نجيب محفوظ، وإحسان عبد القدوس، وحنّا مينه الذي كنت أظنه يكتب عن البحر الذي أراه من سطحنا.

ثم ماركيز… ظننت أنه يروي حكايات جبلة.

كنت أخرج بالكتب تحت إبطي، وأعود بها إلى بيت شباط، حيث النور الخافت والرطوبة ومكتبة أمي.

سحب سامح يده, وركض.

ركض كمن يعرف الطريق، كمن يشعر أن البيت بابه مفتوح الآن فقط.

ثم جاءت الشاحنة ,صوت فرامل ,ارتجاج في الهواء …فراغ ,إلّا من جسم صغير على الإسفلت.

لم يكن هناك وقت لأي شيء.

رجل نزل من سيارة داكنة توقفت فجأة , جسمه نحيل، شعره رطب، خطواته تشقّ الحصى.

رفعت الشمالي.

لم أكن أعرفه، لكنني شعرت أن الأرض خفّت لحظة وصوله.

التقط سامح كأنما يُعيده من موتٍ لم يكتمل.

وضعه في سيارته، واختفى.

أنا… بقيت ,نظرت حولي ,كان الشارع فارغا كما كان ,وكان الهواء يحمل شيئا من رائحة المطاط الحار والغبار.

ثم رأيتها.

فردة الحذاء ,بيضاء ,صغيرة مائلة قليلاً، كأنها تهمّ أن تمشي وحدها.

حملتها وصعدت الدرج.

شجرة المشمش قرب المدخل، أوراقها تهتزّ بلا ريح.

باب الطابق الأرضي أصفر كقشرة موز ذابلة.

الدرج الأبيض صامت، بلا صدى,صعدت وطرقت الباب …

فتحت أمي.

كانت تحمل منشفة، شعرها مشدود، وجهها مليء ببخار شيء لم يكتمل.

مددت يدي و فردة الحذاء في يدي .

في لحظة، انهار شيء لا يُرمَّم.

عاد رفعت صحبة والدي بعد دقائق,وسامح في حضنه …خدوش فقط.

قالوا إن الهواء الطارد لعجلات الشاحنة الكبيرة دفعه.

لكنني عرفت…

أن ذلك الهواء، لم يكن هواءً.

كان بيننا وبين العالم.

منذ ذلك اليوم، بقي شارع الفوّار على يميني.

كما تبقى الحياة على يمين من نجوا.

ولم أعد أثق بالأحذية الكاملة،

ولا بمن لا أتمكن من إنقاذه،

ولا باليد التي تفلت منك دون إنذار.

أما رفعت الشمالي،

فقد بقي في رأسي رجلاً نزل من سيارة،

و أمسك بالزمن…

ومنعه من أن ينكسر.

...

المقال السابق
المقال التالي

تابعنا:

© حقوق النشر محفوظة 2025. موقع جبلة