
في الوطن والأحزاب والطوائف! (2)
الموضوع طويل، وذو شجون..،
لذلك سأدلّل على الفكرة فقط ضمن خطوطها العريضة..، ربما تتيح الظروف مستقبلاً لتناول الموضوع بتفاصيله، وعلائقه التاريخية.
– تتميز سوريا عن غيرها من دول المنطقة بالتركيبة العرقية، والدينية، والطائفية. لديني المسيحية والإسلام.
تفرعات، وتشعبات كثيرة. إن من ينظر إلى خارطة تفصيلية بهذا المجال، يشعر وكأنه يسير في حقل ألغام.
– أثناء الاحتلال العثماني، كان هناك ظلم وتجهيل لعموم الشعب، ولكن تلك الأقليات نالت نصيبها السيئ من الاضطهاد والظلم والقتل، الأمر الذي أدّى إلى تكتّلها، وابتعادها، وتقوقعها، وانعزالها.
– لم تكد المنطقة ترى النور قليلاً، حتى جاء الاستعمار الأوروبي ليتابع ما فعله العثمانيون..، ولكن بوجه آخر.
– جاء الاستقلال، وجاءت معه حركة ثقافية نهضوية، وانتعشت الأحزاب القومية، التي كانت ملاذاً آمناً، طموحاً، للأقليات.
كان رفع السقف من مستوى العشيرة/الطائفة/المذهب، إلى مستوى (الحزب القومي) يعتبر (نقلة ثورية) ضامنة “للأقليات” (بمختلف تسمياتها الإثنية أم الدينية) لتشارك (الأغلبية) في العمل السياسي والاجتماعي، وبالتالي القيادة.
وشكّل العمل على المستوى الوطني الجامع، أو القومي بمفهومه الأوسع، انعتاقاً لجميع الأقليات من عزلتها، ووقفوا كتفاً لكتف مع الأطياف الاجتماعية الأخرى، في العمل السياسي والاقتصادي والثقافي.
هنا جاءت، ربّما، إحدى أفضل “فضائل” الأحزاب القومية، وأهمها البعث والقومي السوري! اللذان كان يؤمل منهما أن يكونا الحالة السياسية والاجتماعية الأرقى ضمن قانون الجدل الصاعد..، لكنّهما تعثّرا (لأسباب لا مكان لذكرها هنا).
– إن لبنان، كحالة وطنية، هو أصغر بكثير من طوائفه الملتهبة.
– أمّا سوريا، فكانت تمثّل حالة وطنية “مقبولة” لجهة المساحة، وعدد السكان، والاكتفاء الاقتصادي، والجيش الوطني، . ولكن يعيبها الاستئثار، واللون الحزبي الواحد!
– السؤال الآن، وضمن قانون الجدل، والنفي، والارتقاء:
1- ماذا يحدث للأقليات عند انكسار المشروع الوطني/ القومي؟
2- ماذا يحدث لها إذا “قادها” البعض ضمن تيار مناهض للمشروع الوطني/ القومي؟
الإجابة ببساطة، وكما علّمنا التاريخ، هو النكوص، والسقوط – ليس إلى المستوى الاجتماعي الذي تبنّت عنده، هذه الطائفة أو تلك، المشروع الوطني- وإنما إلى حالة رجعية أكثر: أي المستويات العشائرية والعائلية..وتناقضاتها البدئية!
إن البعض الذين يلعبون الآن بمصائر طوائفهم، أو انتمائهم الإثني، لا يفهمون هذا الكلام، وينكرونه حتماً، مأخوذين بنشوة اللحظة. اللحظة التي لاتمثّل شيئاً معتبراً في السيرورة التاريخية. هؤلاء البعض يضعون ” أقلّياتهم” بمواجهة باقي الطيف الوطني. وهي مواجهة خاسرة حتماً.. للجميع!