
الحكومة السورية الجديدة تتزين بتعددية رمزية
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع تطورات الوضع في سوريا، مركّزةً على الأهداف الإسرائيلية بعد انهيار نظام الأسد، كما استعرضت التشكيلة الوزارية الجديدة التي لا تزال تحت هيمنة الدائرة المقربة من أحمد الشرع، رغم طابعها الرمزي، وفي ظل رفض كردي لها.
حكومة الشرع: تمثيل رمزي وصلاحيات بيد الدائرة الضيقة
في تحليلها لتشكيلة الحكومة السورية الجديدة، أكدت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ أن تعيين شخصيات تعكس تنوعًا دينيًا وعرقيًا، بما في ذلك وزيرة مسيحية، يحمل معاني رمزية تهدف إلى تهدئة الأوضاع الداخلية وكسب ثقة المجتمع الدولي. ومع ذلك، فإن هذا التغيير لا يؤثر على حقيقة أن السلطة ما زالت مركّزة في أيدي مقاتلين سابقين من ميلشيا هيئة تحرير الشام.
وتحت عنوان “حكومة سوريا الجديدة: أحمد الشرع يعزز التنوع – ويركز السلطة بيد المقربين منه”، أوضح الكاتب ريفيرت هوفر أن الشرع، الذي أزاح الديكتاتور بشار الأسد في ديسمبر الماضي، أصبح رسميًا رئيسًا لسوريا منذ يوم السبت، بعد أن شغل المنصب بشكل مؤقت. ومن خلال صلاحياته الجديدة، عيّن الشرع 23 وزيرًا لتشكيل حكومة من المتوقع أن تقود البلاد في مرحلة ما بعد الحرب.
الشرع وقّع دستورًا انتقاليًا يمنحه صلاحيات واسعة، تشمل الحق في تعيين ثلث أعضاء البرلمان، وجميع قضاة المحكمة الدستورية.صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ
ومن أبرز ملامح التشكيلة الحكومية الجديدة تعيين امرأة في منصب وزاري للمرة الأولى. فقد أسندت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى هند قبوات، الناشطة المسيحية في مجال السلام. كما تضمنت التشكيلة وزراء يمثلون الأكراد، والطائفة الدروزية والعلوية، مما يعتبر خطوة رمزية تعكس التنوع على عدة أصعدة.
وبالنسبة للكاتب: ” “هذه التعيينات تشير إلى الضغوط التي تمارسها الدول الغربية التي تصر على حماية الأقليات كشرط لتخفيف العقوبات. وفي الوقت نفسه، تضمين الجماعات الدينية والعرقية السورية يعد رسالة موجهة للشعب السوري الذي فقد جزءًا من ثقته.”
ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن مشاركة مختلف الجماعات الدينية والعرقية في الحكومة الجديدة لا تخفي حقيقة أن المناصب الوزارية الحساسة، كحقيبة الخارجية والدفاع والداخلية، قد أُسندت إلى مقربين من الشرع. هؤلاء الرجال، وفق التقرير، ينتمون إلى ميليشيا “هيئة تحرير الشام” الإسلامية، التي كان يقودها الشرع خلال الثورة ضد نظام الأسد.
كما أفادت الصحيفة بأن الشرع وقّع في شهر مارس دستورًا انتقاليًا يمنحه صلاحيات واسعة، تشمل الحق في تعيين ثلث أعضاء البرلمان وجميع قضاة المحكمة الدستورية. وبحسب الصحيفة، فإن هذا الدستور سيكون نافذًا لمدة خمس سنوات، وهي فترة طويلة يستطيع الشرع خلالها الحكم دون رقابة مؤسسية حقيقية.
وعن الوضع الأمني في البلاد، أوضحت الصحيفة أن الحكومة السورية الجديدة لا تسيطر بعد على كامل الأراضي السورية، ولا يمكنها ضمان الأمن في جميع المناطق. وأشارت إلى أن إسرائيل أعلنت نفسها حامية للأقلية الدرزية وتنفذ غارات جوية منتظمة داخل سوريا، لا تملك حكومة الشرع القدرة على التصدي لها.
ونوّهت الصحيفة إلى أن الشرع، عقب أداء الحكومة الجديدة اليمين يوم السبت الماضي، لم يذكر صراحةً التحديات الأمنية أو مسألة السيادة الإقليمية. بل ركّز خطابه على القضايا المعيشية والاقتصادية، مؤكدًا أن الحكومة ستنصرف إلى تحسين نظام الرعاية الصحية، وتوفير الكهرباء، وجذب الاستثمارات، إلى جانب بناء البنية التحتية الرقمية وتوظيف الذكاء الاصطناعي في الإدارة.
ورغم التصريحات، يُرجّح أن تحتاج الحكومة السورية الجديدة إلى وقت طويل قبل الانخراط الجاد في هذه الملفات.
وخلصت الصحيفة إلى تشكيل حكومة أحمد الشرع الجديدة هي محاولة لتقديم صورة إصلاحية وتعددية، إلا أن الواقع السياسي يشير إلى تركيز فعلي للسلطة في أيدي حلفاء الرئيس، وسط تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، وضعف في السيادة الوطنية.