لماذا نحتاج أن نشعر بأهميتنا
“هل أنا مهم؟” بالتأكيد! “الأهمية” تصف الشعور بأن تكون مهمًا للآخرين – وهذا يؤثر بشكل كبير على سعادتنا في الحياة.
عندما تُحضر لجارك قطعة من كعكته المفضلة من وجبة الفطور المتأخر. عندما تسأل عن رأيك في موضوع معين أو خبرما, عندما تطلب منك صديقتك نصيحتك,عندما يذكرك أحدهم بحديث ,أو يطري عليك أحدهم بكلمة تغزل. إن تلقي الاهتمام، والشعور بالتقدير، والأهمية لدى الآخرين: ما يسميه علماء الاجتماع “الشعور بالأهمية” هو عامل حاسم في رفاهيتنا. بل ربما هو سر حياتنا.
إن الشعور بالأهمية لدى الآخرين له تأثير كبير على صحتنا النفسية. فالشعور بأننا مرئيون ومطلوبون يعزز ثقتنا بأنفسنا ويمنحنا استقرارًا عاطفيًا، مما يقوي بدوره قدرتنا على مواجهة النكسات والأزمات. وقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يشعرون بالتقدير أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق.
“هل سيفتقدني الناس إذا لم أعد موجوداً؟”
صاغ مصطلح “الأهمية” – بمعنى أن يكون الشخص “ذا قيمة” أو “ذا دلالة” – عام 1981 عالما الاجتماع الأمريكيان روزنبرغ وماكولوغ. ركزت أبحاثهما على أسئلة مثل: “إلى أي مدى أنا مهم في نظرالآخرين؟” و”هل سيفتقدني أحد إذا لم أعد موجودًا؟”
نشعر بأهميتنا لدى الآخرين عندما يهتمون لرفاهيتنا ويبذلون قصارى جهدهم من أجلها. لكن الشعور بالأهمية ليس متبادلاً، بل يعني أيضاً، قبل كل شيء، الشعور بأننا نؤثر إيجاباً في حياة الآخرين. فقط عندما يتحقق كلا الأمرين نشعر بالأمان والاطمئنان الحقيقيين.
يمكن وصف الأهمية على 3 مستويات:
- الإدراك : نشعر بأننا مرئيون ومُدركون.
- الأهمية : ينظر إلينا الآخرون على أننا ذوو قيمة وأهمية.
- الموثوقية : يعتمد علينا الآخرون وسيفتقدوننا إذا لم نعد موجودين.
يُطلق على نقيض ذلك اسم “اللامبالاة”: وهو يصف شعورًا بانعدام الأهمية. فالأشخاص الذين يرون أنفسهم غير مهمين هم أكثر عرضة للمعاناة من الوحدة والاكتئاب والقلق. وقد يُؤدي ذلك إلى سلوكيات سلبية، استنادًا إلى المقولة: “الاهتمام السلبي خيرٌ من انعدام الاهتمام تمامًا”.
يمكن تعلم أهمية الأشياء
الخبر السار: حتى أولئك الذين عانوا من الإهمال العاطفي في طفولتهم يمكنهم لاحقًا التأثير على شعورهم بقيمتهم وتقديرهم في الحياة. ونُقل عن أستاذ علم النفس الكندي، غوردون ل. فليت، مؤلف كتاب “سيكولوجية الأهمية”، قوله في مجلة “Spektrum der Wissenschaft”: “يمكن للناس أن يتعلموا كيفية التفاعل مع الآخرين بطريقة تعزز شعورهم بأهميتهم”. وقد جمعت أكاديمية المرونة النصائح التالية التي يمكن أن تعزز هذا الشعور:
- أظهر اهتمامك : اسأل بنشاط عن أحوال من حولك واستمع إليهم جيداً.
- أظهر التقدير : قدم المجاملات الصادقة وأقر بإنجازات الآخرين ونقاط قوتهم.
- بناء الثقة : أظهر أن الناس يمكنهم الاعتماد عليك من خلال كونك جديراً بالثقة وكتوما.
- اقضوا وقتاً ممتعا معاً : استثمروا في الأوقات الممتعة مع الأصدقاء والعائلة، دون أي منغصات.
- الخصوصية:لا تكن عموميا بل استثمر في تنمية شيء خاص بك عند كل فرد من محيطك,فهذا ما يبقى لك.
أولئك الذين ينمّون هذه السلوكيات سيشعرون في النهاية بأنهم ذوو قيمة، وأنهم مهمون. وهذا لا يجعل حياتهم أفضل فحسب، بل حياة من حولهم أيضاً.
“Spektrum der Wissenschaft”