
أكثر ذكريات البشر سرية
الرواية السنغالية (أكثر ذكريات البشر سرية) (La Plus Secrète Mémoire des hommes) للكاتب السنغالي محمد مبوغار سار.
صدرت الرواية في 2021، بالتعاون بين دار النشر الفرنسية Éditions Philippe Rey ودار النشر السنغالية Éditions Jimsaan.
(1) الموجز//
تدور الرواية حول “ديغان لاتير فاي”، كاتب سنغالي شاب يعيش في باريس، يعثر على رواية غامضة نُشرت عام 1938 بعنوان “متاهة اللاإنسانية” من تأليف كاتب مجهول يُدعى ت.س. إيليمان، والذي أطلق عليه النقّاد لقب “رامبو الأسود”.
هذا الكاتب اختفى من الساحة الأدبية بعد أن اتُّهم بسرقة أدبية خطيرة، رغم أن روايته أثارت إعجاب النخبة الأدبية الفرنسية حينها.
تبدأ رحلة ديغان لاكتشاف الحقيقة وراء اختفاء إيليمان، وتتحول القصة إلى تحقيق أدبي يعبر القارات من فرنسا إلى الأرجنتين فالسنغال، ويكشف خيوطًا ممتدة بين الماضي والحاضر، وبين الشخصي والسياسي.
الرواية مستوحاة من قصة الكاتب المالي يامبو أولوغيم الذي واجه مصيرًا مشابهًا في السبعينيات.
وتسلّط الضوء على معضلة الهوية الأدبية لدى الكتّاب الأفارقة في المنفى أو في ظل الإرث الاستعماري، وتطرح أسئلة جوهرية حول: من يملك سلطة الاعتراف الأدبي؟ وهل يُسمح للكتابة غير الغربية بأن تكون “أصلية” و”رفيعة”؟
(2) اسلوب الرواية//
أسلوب الرواية مميز، حيث تمزج بين السرد التقليدي، والرسائل، واليوميات، والمقاطع التأملية، مما يمنحها بنية مركبة تعكس تعقيد موضوعها. عبر ذلك، يستعرض محمد مبوغار سار نقدًا للاستعمار الثقافي، ويقدّم تحية لأدب ما بعد الاستعمار، ويخوض في فلسفة الكتابة والذاكرة.
لا تُعنى الرواية فقط بكشف مصير إيليمان، بل تتجاوز ذلك نحو تأمل وجودي وأدبي في معنى أن تكون كاتبًا من الجنوب العالمي في عالم أدبي تُهيمن عليه أوروبا.
(3) التحليل الأدبي///
1.استلهام من الواقع:
& تستند شخصية إيليمان بشكل واضح إلى الكاتب المالي يامبو أولوغيم، الذي فاز بجائزة رينودو لكنه واجه لاحقًا اتهامات بالسرقة الأدبية واختفى عن الأنظار . 
2.البحث عن الهوية الأدبية:
& تستكشف الرواية موضوع الهوية الأدبية والبحث عن الذات،حيث يعكس ديغان رحلته في اكتشاف تاريخ الأدب الأفريقي وعلاقته بالأدب الغربي.
3.نقد الاستعمار والتبعية الثقافية:
& تسلط الرواية الضوء على تأثير الاستعمار على الأدب الأفريقي، وكيف يُنظر إلى الكتّاب الأفارقة في الدوائر الأدبية الغربية، مع التركيز على التحديات التي يواجهونها في التعبير عن أصواتهم الأصلية.
4.تداخل الأساليب الأدبية:
& تمزج الرواية بين أنماط سردية متعددة، مثل الرسائل، واليوميات، والمقابلات، مما يخلق نصًا متعدد الطبقات يعكس تعقيد البحث عن الحقيقة في عالم الأدب.
(4) ملامح عن نهاية الحبكة//
بعد رحلة طويلة ومعقدة، يتمكّن ديغان لاتير فاي من الوصول إلى الحقيقة الجزئية حول الكاتب الغامض إيليمان، الذي يُرجَّح أنه انسحب طواعية من المشهد الأدبي بعد الاتهامات التي طالته.
يتتبع ديغان آثار إيليمان في الأرجنتين وأماكن أخرى، ويقابل أشخاصًا عرفوه أو تتبعوا أثره، لكنه لا يحصل على “الحقيقة الكاملة” أو لقاء مباشر. إيليمان يبقى، في جوهره، شبحًا أدبيًا، رمزًا للكاتب المنسي، أو المرفوض، أو الخارج عن التصنيفات الغربية.
في النهاية، يدرك ديغان أن الرحلة الأدبية والإنسانية التي خاضها في محاولة فهم إيليمان هي في الواقع رحلة لاكتشاف ذاته ككاتب أفريقي يعيش في ظل إرث استعماري وثقافي معقّد.
يختار أن يكتب هو أيضًا، لا ليُكمل حكاية إيليمان، بل ليبدأ حكاية جديدة، من موقعه هو، بصوته هو.
مغزى النهاية:
& إيليمان لا يُستعاد كشخص بقدر ما يُستعاد كفكرة.
& تنتهي الرواية بلحظة وعي لديغان بأن الكتابة لا تحتاج لموافقة أحد، وأنه يجب أن يكتب لا ليقلّد أو يبحث عن اعتراف، بل ليوجد.
& إنها نهاية رمزية: “اختفاء الكاتب الغامض” يقابله “ولادة كاتب جديد”
(5) التكريمات//
نالت الرواية جائزة غونكور 2021، وهي أرفع جائزة أدبية في فرنسا، لتُتوّج بذلك نصًا يربط بين التجريب الفني وعمق الطرح الثقافي والسياسي.