إدارة ترامب تتخذ خطوات أولى نحو تخفيف العقوبات على سوريا
منحت إدارة ترامب سوريا إعفاءات شاملة من العقوبات يوم الجمعة، في خطوة أولى كبيرة نحو الوفاء بتعهد الرئيس برفع نصف قرن من العقوبات المفروضة على بلد مزقته 13 عامًا من الحرب الأهلية.
على الرغم من اتساع نطاق هذه الإجراءات، إلا أنه من الممكن التراجع عنها. يقول السوريون إنهم بحاجة إلى إعفاء دائم لتأمين عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات اللازمة لإعادة الإعمار بعد صراع مزق البلاد، وشرد أو قتل ملايين الأشخاص، وخلّّف وراءه آلاف المقاتلين الأجانب.
ألغى إجراء صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية لمدة ستة أشهر مجموعة صارمة من العقوبات التي فرضها الكونجرس عام 2019. كما أوقف إجراء من وزارة الخزانة تطبيق العقوبات على أي شخص يتعامل مع مجموعة من الأفراد والكيانات السورية، بما في ذلك البنك المركزي السوري.
يقود سوريا الآن أحمد الشرع، قائد ميليشيا سابق ساعد في الإطاحة بالزعيم المستبد بشار الأسد من السلطة أواخر العام الماضي.
أعلن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة سوف تلغي العقوبات المالية الثقيلة في محاولة لإعطاء الحكومة المؤقتة فرصة أفضل للبقاء.
صرحت إدارة ترامب بأن الشركات والمستثمرين يحصلون على الحماية اللازمة من العقوبات للعودة إلى سوريا، واصفةً ذلك بـ”فرصة لبداية جديدة”.
وقال معاذ مصطفى، وهو ناشط سوري أمريكي ناضل من أجل تخفيف سريع وواسع النطاق للعقوبات: “كان الخيار الوحيد الآخر هو أن تتحول سوريا إلى دولة فاشلة وتشهد حربًا أهلية. الآن، ثمة أمل في مستقبل ديمقراطي لسوريا”.
كانت عقوبات الكونغرس، المعروفة باسم “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا”، تهدف إلى عزل حكام سوريا السابقين من خلال طرد كل من يتعامل معهم تجاريًا من النظام المالي العالمي. وتمنع هذه العقوبات تحديدًا إعادة الإعمار بعد الحرب، لذا فبينما يمكن إعفاؤها لمدة 180 يومًا بموجب أمر تنفيذي، من المرجح أن يحذر المستثمرون من مشاريع إعادة الإعمار في ظل إمكانية إعادة فرض العقوبات بعد ستة أشهر.
قالت إدارة ترامب إن إجراءات يوم الجمعة كانت “جزءًا واحدًا فقط من جهد حكومي أمريكي أوسع نطاقًا لإزالة هيكل العقوبات بالكامل”. وقد فُرضت هذه العقوبات على عائلة الأسد لدعمها الميليشيات المدعومة من إيران، وبرنامجها للأسلحة الكيميائية، وانتهاكاتها للمدنيين.
تتوقع إدارة ترامب إجراءات من سوريا.
صرح وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان يوم الجمعة أنه مقابل تخفيف العقوبات، يتوقع ترامب “إجراءً سريعًا من الحكومة السورية بشأن أولويات سياسية مهمة”.
أثار ماضي الشرع الشكوك. فالجماعة التي قادها، هيئة تحرير الشام، كانت في الأصل تابعة لتنظيم القاعدة، على الرغم من أنها تخلت لاحقًا عن صلاتها بالتنظيم واتخذت نهجًا أكثر اعتدالًا. ولا تزال الولايات المتحدة تُدرجها على قائمة المنظمات الإرهابية.
ولكن في حال فشل حكومة الشرع، تخشى الولايات المتحدة وجهات أخرى من تجدد الصراع في سوريا وفراغ في السلطة قد يسمح بعودة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجماعات متطرفة أخرى.
قال روبيو للمشرعين هذا الأسبوع: “إذا تواصلنا معهم، فقد ينجح الأمر وقد لا ينجح. وإذا لم نتواصل معهم، فمن المؤكد أن الأمور لن تنجح”.
التقى ترامب بالشرع الأسبوع الماضي في المملكة العربية السعودية، بعد يوم من إعلانه عن نيته رفع العقوبات: “سنرفعها جميعًا. حظًا سعيدًا يا سوريا. أظهر لنا شيئًا مميزًا.”
وقال روبيو إن تخفيف العقوبات يجب أن يبدأ بسرعة لأن الحكومة الانتقالية السورية قد تكون على بُعد أسابيع من “الانهيار وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد ملحمية”.
ولكن عندما سأل المشرعون هذا الأسبوع عن الشكل العام لتخفيف العقوبات، قدم روبيو شرحًا بكلمة واحدة: “تدريجيًا”.
التحرك نحو تخفيف دائم للعقوبات
في حين يمكن التنازل عن بعض العقوبات بسرعة من خلال إجراءات تنفيذية مثل تلك التي اتُخذت يوم الجمعة، سيتعين على الكونغرس رفع العقوبات التي فرضها بشكل دائم.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على الخطة، غير مخولين بالتعليق علنًا وتحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، فقد شدد اقتراح تم تداوله بين مسؤولي الإدارة هذا الأسبوع على نطاق واسع على اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة، في أسرع وقت ممكن.
وفي الأسبوع الماضي، اقترحت وزارة الخارجية الأميركية خريطة طريق من ثلاث مراحل تتضمن تخفيفا مؤقتا جزئيا للعقوبات في البداية ووضع شروط شاملة يتعين على السوريين الالتزام بها من أجل أي مراحل مستقبلية من التخفيف أو الرفع الدائم للعقوبات، بحسب أحد المسؤولين.
يأتي إبعاد “الجماعات الإرهابية الفلسطينية” من سوريا على رأس قائمة شروط المرحلة الثانية. ويقول مؤيدو تخفيف العقوبات إن ذلك قد يكون مستحيلاً، نظراً لطبيعة تحديد الجماعات التي تنطبق عليها هذه الصفة، ومتى يُمكن إعلان إبعادها.
من الشروط الأخرى للانتقال إلى المرحلة الثانية أن تتولى الحكومة الجديدة إدارة مراكز الاحتجاز التي تضم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وأن تمضي قدماً في ضم قوة كردية مدعومة من الولايات المتحدة إلى الجيش السوري.
للوصول إلى المرحلة الثالثة، سيُطلب من سوريا الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم – تطبيع العلاقات مع إسرائيل – وإثبات تدميرها للأسلحة الكيميائية للحكومة السابقة.
تشكك إسرائيل في الحكومة الجديدة، على الرغم من أن المسؤولين السوريين صرحوا علناً بأنهم لا يريدون صراعاً مع إسرائيل. منذ سقوط الأسد، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية واستولت على منطقة عازلة تحرسها الأمم المتحدة في سوريا.
ساهم في هذا التقرير
أفاد سيويل من بيروت.
ماثيو لي وفاطمة حسين من واشنطن.
(AP)