
بدوي الجبل والعجيلي
يقول الدكتور عبدالسلام العجيلي:
كانت حلقة الزهراء الأدبية الإجتماعية التي ترأسها وتديرها السيدة زهراء العابد تضم نخبة سيدات مجتمع دمشق وأدبائها وكتابها ومثقفيها وكنت أحضرها وأنا طالب في كلية الطب ثم نائبا عن الرقة في مجلس النواب السوري الذي يرأسه فارس الخوري وزميلي وصديقي الشاعر بدوي الجبل سكرتيرا للمجلس. في أمسية من امسيات هذه الحلقه دعوت شاعرنا الكبير لمرافقتي في حضورها فوافق بعد تعلل أنه سيُحضر لجلسة البرلمان قبل وصول رئيسه فارس بك الذي لايتهاون في التأخير.كانت ضمن سيدات هذه الحلقه فتاة من أصل عراقي تدعى سلمى وكانت على قدر فائق من الجمال والأدب والحضور المتميز الذي إستحوذ إهتمام وحديث شاعرنا البدوي حين تجاهل تذكيري المتكرر له بقرب موعد جلسة البرلمان.
وخلال جلسة اليرلمان كان مقعدي في المجلس مع مجموعة من النواب المستقلين فيما يدعى كتلة الشباب حين ناولني ساعي الرئاسة ورقة مطوية قادمة من سكرتير المجلس الشاعر وكان فيها البيت التالي:
لاتبالي والخير في أن تبالي
ألهجر تصد أم لدلال؟
أحسست بالذي حرك شيطان الشعر في نفس شاعرنا فأخذت قلما وكتبت في الورقة تحت البيت الأول متجاهلا أسئلة زملائي عن مضمونها،
لو تراها وأومضت مقلتاها
تسكب الشوق في ثنايا السؤال
أين، لا أين عاشقُُ بدويُُ
ملهم الروح عبقري الخصال
قلت ، أودى بلبه يا سليمى
خافق هام في فنون الجمال
كلنا في هواك صبُُ عميدُُ
مثل بدو السهول بدو الجبال
طويت الورقه وأرسلتها مع الساعي بين تطلعات الصحافيين في شرفة الصحافة واستغرابهم من هذه المراسلات بين سدة الرئاسة وكتلة النواب الشباب في المجلس.
قرأ البدوي الورقة التي أعطاها له الساعي والتفت يتلوها على الرئيس فارس بك الذي رأيناه جميعا وهو يهز هامته الكبيره، ليعود الساعي بعدها بقليل بورقة اخرى فيها بعد أن أفصح عن ماحرك الشعر لديه:
مال سلمى بعد المشيب ومالي
بدعة الحب صبوتي و أكتهالي
إن عشق الجمال أصبح عندي
بعد شيبي عبادة للجمال
أعشق الحسن نظرة وحنانا
ورؤى حالم وطيف خيال
كلما لاح بارق من سناه
جُن قلبي وضل أي ضلال
وأنا الضامئ القنوع كفاني
من ورود الحديقة ومضة آل
ذهبت الورقة إلى البدوي في سدة الرئاسة وتتابعت الأوراق حتى نهاية الجلسة ليحيط الصحفيون بعد إنفضاضها بالعجيلي في التساؤل والإلحاح عن محتوى هذه الأوراق وليجبهم العجيلي إنها تتعلق بأمور الدولة العليا لايمكن الإفصاح عنها.