تكتيك فعّال يحدد مدى طول العمر
يعتمد عيشنا حتى سن 75 أو 90 أو 100 عام على ظروفنا الحياتية وجيناتنا وعوامل أخرى كثيرة. لكن نفسيتنا وموقفنا من الشيخوخة يلعبان أيضًا دورًا مهمًا.
يعيش الناس اليوم عمرًا أطول في المتوسط مما كانوا عليه قبل 100 أو 200 عام. ويعود ذلك إلى عوامل عديدة، كالتقدم الطبي، وتحسين الوقاية من الأمراض وعلاجها، والتزايد المستمر في المعرفة بالتغذية الصحية. لكن هذه الجوانب الجسدية ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على سرعة شيخوختنا وشدتها، فحالتنا النفسية تلعب دورًا رئيسيًا أيضًا.
كيف يؤثر موقفنا على الشيخوخة
تجري عالمة النفس البروفيسورة وورم أبحاثًا حول كيفية تأثير عقليتنا على صحتنا وشيخوختنا. ترأس قسم أبحاث الوقاية والطب الاجتماعي في معهد طب المجتمع بالمركز الطبي لجامعة غرايفسفالد. في بحثها، اكتشفت العالمة أن النظرة الإيجابية للشيخوخة تُسهم في إطالة العمر بما يصل إلى 13 عامًا.
العقلية السلبية قد تزيد من معدل الوفيات
تصف البروفيسور وورم كيف كنا ننظر إلى مسار الحياة كسلم: صعودًا حتى منتصف العمر، ثم هبوطًا. ويوضح عالم النفس: “نظرتنا الحالية هي أن النمو يحدث في كل مرحلة عمرية. يحتاج الناس في كل مرحلة من مراحل حياتهم إلى شيء يدفعهم ويلهمهم ويثير فضولهم”. لذا، لا يقتصر الأمر على تجنب المرض والخسارة فحسب، بل يشمل أيضًا مواصلة التخطيط للمكاسب، الأشياء التي تجلب الفرح أو الرضا – حتى في سن الشيخوخة.
إذا فشلنا في ذلك، فقد ينشأ نوع من النبوءة التي تحقق ذاتها: نتوقع الأسوأ، وأن الأمور ستزداد سوءًا في الشيخوخة – وهذا بالضبط ما يحدث. “إذا أخبر الشخص نفسه أنه لا يستطيع فعل أي شيء حيال معاناته على أي حال، وأن هذا أمر طبيعي في الشيخوخة، فإن الإحباط يسيطر عليه بسهولة. قد يتقبل الأمور التي كان بإمكانه تغييرها مبكرًا جدًا، ولا يبذل جهدًا لاتباع نمط حياة أكثر صحة.” وهذا الموقف يساهم حتى في ارتفاع معدل الوفيات.
تاريخ ميلادنا وعدد السنوات التي عشناها لا يُخبراننا في الواقع بما نعتقد. يوضح البروفيسور وورم: “كلما طالت حياة الناس، قلّت أهمية أعمارهم الزمنية”. ويضيف: “مع ازدياد العمر، يختبر الأفراد عوامل مختلفة أكثر فأكثر، وتزداد سيرهم الذاتية تنوعًا. هناك أشخاص لم يدخلوا المستشفى قط حتى بلوغهم سن الثمانين”.
التكتيك الفعّال: المتع الصغيرة
بالنسبة للنساء تشير الدراسات إلى أن ذروة الجمال الجسدي للمرأة قد تكون في الثلاثينات، وقد تبدأ علامات الشيخوخة بالظهور بعد سن الأربعين. ومع ذلك، تزداد جوانب أخرى من الجاذبية مثل الجاذبية العاطفية والنفسية بفضل النضج، الخبرة، والثقة بالنفس التي تتراكم مع التقدم في العمر.
حيث تتطور القدرة لدى المرأة على التواصل العاطفي بشكل أعمق، مما يجعل العلاقة الحميمية وسيلة للتعبير عن الارتباط بدلاً من الغريزة.إضافة للخبرة الحياتية المتراكمة تجعل المرأة أكثر جرأة وانفتاحًا في الحديث عن رغباتها واحتياجاتها، وهذا يعزز ثقتها بنفسها ويجعلها أكثر جذبًا.
لهذا السبب، من المهم للغاية ألا ننجرف وراء معتقدات بالية تحاول إقناعنا بأننا لم نعد نافعين بعد سن معينة، وأن الحياة لم تعد تستحق أن تُعاش. بدلًا من ذلك، يجب أن نحاول يوميًا اكتشاف الجديد والجميل ، وما الذي ينجح رغم أي اعتلالات جسدية، وما الذي يمكننا أن نكون ممتنين له.
توصي سوزان وورم بما يُسمى “الارتقاءات اليومية”، وهي متع صغيرة في الحياة اليومية.تأتي من خلال تغييرات صغيرة في السلوك والعادات ,تكسر الروتين,وتفتح نوافذ جديدة لمشاركة هذه المتغيرات مع الأحباء والأصدقاء,إن متعتك الصغيرة هذه تأتي من خلال ما تتركه عندهم من أثر جديد ولو كان صغيرا ,ولكن مع الأيام سيتردد صداه بلمسة أو إطراء أو ابتسامة ,هذا النوع من(المكافئات الصغيرة) يعزز ثقتك ,ويبقي لديك الحافز والدافع لاحتمالات جديدة ,وفي النهاية هناك شيء نعيش لأجله بسعادة.
(بريجيت,المركز الطبي لجامعة غرايفسفالد)