
لازلو كراسناهوراكي ,يحصل على نوبل
في مثل هذا اليوم من كلّ عام نتأهّب للفرح والزّغاريدِ الافتراضية، ونُشَيِّعُ اسماً جديداً إلى منصّات التّمجيد. إنّه حائزٌ جديدٌ لجائزة نوبل!.
في هذه اللعبة (السياسيّة) التي يديرها، بحنكةٍ خبيثة، أشخاصٌ لانعرفهم؛ نحتفي معهم، نصفّق، ننشر الصّور الباهتة في كلّ مَكَانٍ، ونحنُ —يا للخجل— لا نعرف عن هذا العبقري الفذِّ سوى تلك العناوين اللامعة التي صكّتها له لجنة الأَكاديميّة السويديّة المُتخمة بالغموض.
دائماً ومع إعلان اسمه (اسم الفائز الميمون) نستجمع ألفاظنا الرّنّانة عن “عمق التجرِبة الإنسانية”، و”قوّة السّرد الملحمي”، و”ريادة منهجه الجديد”، وكأنّنا حفظنا مكتبته عن ظهر قلب، وورثنا أسلوبه كابراً عن كابر، بينما الحقيقة العارية التي تصرخُ في أذْنِ القارئ الواعي: “من هذا؟” ويبقى السؤال مُتردّداً في عقولنا بصوتٍ أعلى من ضجيج الاحتفالات التي نحن أصلاً جزءٌ من مُسبّباتها.
إنّه مشهدٌ عظيمٌ من مسرحيّة “الجهل المقدّس” حيث نحتفي بمن لم نقرأْ له جملةً واحدةً، نُّبجّلُ رواياتٍ لَمْ تُترجم بعد، ونُقِيمُ سُرَادِقَ العزاءِ على أَحزان شاعرنا “أدونيس” الذي غبنت اللجنة الظالمة حظّه الموفور!.
هكذا نعيش، في هذا الوطن العربي الكبير المُحبّ للتّباهي، نضيف اسماً آخر لقائمة العظماء الميامين الذين لايعرفوننا ولانعرفهم، وننامُ مطمئنّين بأن أدّينا واجبنا في هذا الاحتفال العالمي؛ ليأْتيَ العام الذي يليه ونكرّر الطّقس ذاته ببذخٍ مُخجل، فهنيئاً لنا بجهلنا المُرصَّع بذهب الأكاديمية السّويديّة.
أمّا الهنغاري “لاسلو كراسناهوراكي” الذي حاز الجائزة اليوم فله روايتين مترجمتين إلى العربية، ترجمهما “الحارث النبهان” وصدرتا عن دار التنوير، هما: تانغو الخراب، وكآبة المقاومة.
يُعد من المجدّدين في السرد الأوروبي الحديث، إذ يجمع في كتاباته بين التصوف الفكري والتأمل الوجودي.
تُدرّس رواياته في جامعات أوروبا وأمريكا ضمن مقررات الأدب المقارن، لما تحمله من رؤى فلسفية عن الزمن، الفوضى، والمعنى.
من أقوال لازلو كراسناي، المستمدة من مقابلاته مع هاري كونرزو في مجلة The Yale Review، مقولته بأن “الفن هو استجابة البشرية الاستثنائية لشعور الضياع الذي هو قدرنا”، وقوله بأن “الإنسان العادي هو وحده الحقيقي، وهو مقدس”، مشيرًا إلى أن كل شخصية أدبية تأتي من خلال أشخاص عاديين في عملية سرية ومقدسة.