من العدم إلى كل شيء: ماذا حدث قبل الانفجار الكبير؟
تجادل مراجعة جديدة بأن النسبية العددية الحديثة قادرة على دفع علم الكونيات إلى ما هو أبعد من اختصاراته المعتادة، واختبار الأفكار حول ما حدث، إن وُجد، قبل الانفجار العظيم. النهج بسيط في صياغته، وصعب التنفيذ: حل معادلات أينشتاين على الحاسوب، حيث تفشل حيل التناظر التقليدية.
وقال المؤلفون: “إن هذه المراجعة هي سرد محدث لاستخدام النسبية العددية لدراسة بيئات الجاذبية القوية والديناميكية في سياق كوني، ونحن نقترح اتجاهات يمكن من خلالها متابعة العمل المستقبلي بشكل مثمر”.
فهم النسبية العددية
النسبية العددية هي في الأساس الطريقة التي يستخدمها العلماء لأجهزة الكمبيوتر “لإجراء” عمليات حسابية مثل حل ” معادلات أينشتاين” عندما تصبح معقدة للغاية بحيث لا يمكن حلها باستخدام القلم والورق.
تشرح معادلات أينشتاين كبف ينحني الزمكان عند وجود المادة أو الطاقة. لكن هذه المعادلات مُعقدة، وفي معظم الحالات الواقعية – كما هو الحال عندما يلتحم ثقبان أسودان باتجاه بعضهما البعض – لا يُمكن إيجاد حلٍّ واضح ودقيق.
وبدلاً من ذلك، يقوم علماء الفيزياء بتقطيع المكان والزمان إلى شبكة، وإدخال المعادلات فيها، والسماح لأجهزة الكمبيوتر العملاقة بتحليل الخطوات لإظهار كيفية تطور النظام لحظة بلحظة.
تشغيل المحاكاة النسبية
يرسم المؤلفون خريطة لكيفية تشغيل عمليات المحاكاة النسبية التي لا تفترض أن الزمن سلس تمامًا في الفضاء، ثم يظهرون ما علمتنا إياه تلك المحاكاة بالفعل وأين يمكن أن تذهب بعد ذلك.
إنهم يقسمون القصة إلى بدايات الكون المبكرة، والانفجار الكبير الساخن من خلال إعادة التركيب للكون المتأخر ذو البنية واسعة النطاق.
كما أنها توضح العوائق الفنية التي تعيق الباحثين، بدءًا من تحديد بيانات أولية متسقة إلى اختيار مقاييس إحداثيات مستقرة مع تطور الكود بمرور الوقت.
إن الهدف ليس فقط الدعوة إلى الحساب، بل هو توحيد الأساليب حتى يتمكن علماء الكونيات والنسبيون من فهم نتائج بعضهم البعض.
لماذا النسبية العددية مهمة
خمسون عامًا من العمل حوّلت النسبية العددية من مجرد أداة متخصصة إلى المحرك الأساسي لاجراء نمذجة دقيقة لموجات الجاذبية، بدءًا من التطورات المستقرة الأولى للثقوب السوداء الثنائية عام ٢٠٠٥. عندما التقطت كواشف مثل ليغو أخيرًا تلك الموجات عام ٢٠١٥، تطابقت الإشارات مع توقعات الكمبيوتر بشكل شبه مثالي.
هكذا عرفنا أن الاكتشاف حقيقي، وهكذا نُحوّل نظرية أينشتاين إلى شيء يُمكننا اختباره فعليًا.
بالقرب من التفردات، أو في المراحل العنيفة من إعادة التسخين والانهيار، تنهار افتراضات التناظر التحليلي، لذا فإن الطريقة الوحيدة الصادقة للمضي قدمًا هي تطوير النظام الكامل غير الخطي على شبكة.
من الثقوب السوداء إلى الانفجار العظيم
إذا رجعنا بالزمن إلى الوراء، فستصطدم المعادلات القياسية بحائط مسدود، وتتباعد الكثافات ودرجات الحرارة، بينما تفقد الصورة المتجانسة والمتساوية الخواص المعتادة مصداقيتها. تُمكّن المحاكاة النسبية الكاملة الباحثين من التساؤل عن كيفية تفاعل المادة والانحناء وتباين الخواص فعليًا عند عدم السماح بأي تبسيط.
هذا مهمٌّ لأسئلة مثل ما إذا كانت المتفردة الكونية محلية ومتذبذبة، أو ما إذا كانت الفيزياء الجديدة تُخففها إلى ارتداد. كما أنه مهمٌّ لتحديد العناصر القابلة للرصد التي يُمكننا الوثوق بها، لأن المتوسطات عبر الفضاء تختلف عن ما يقيسه المراقبون الحقيقيون على مسارات زمنية أو ضوئية.
اختبار التضخم بواقعية
يفسر التضخم الكوني لماذا يبدو الكون متشابهًا تقريبًا في جميع الاتجاهات ولماذا تتبع التقلبات البدائية نمطًا بسيطًا، ويظل متسقًا مع قيود الدقة العالية التي وضعتها ثوابت بلانك.
لكن أغلب الدراسات التحليلية للتضخم تبدأ بافتراض السلاسة التي من المفترض أن ينتجها التضخم.
تُغني المحاكاة النسبية عن الافتراضات المُبسّطة. فهي تُتيح البدء بمخالفات كبيرة وحركات مُعقّدة، بل وتسمح حتى بتكوين ثقوب سوداء.
ومن هناك، لا يزال بإمكانك استكشاف ما إذا كان التضخم يحدث على الإطلاق، ومدة استمراره، ومدى اعتماد النتيجة على شكل الإمكانات بدلاً من الاعتماد فقط على التناظر.
النسبية العددية خارج كوننا
تصل هذه الأدوات نفسها إلى فرضيات كانت بعيدة المنال سابقًا. ومن الأمثلة على ذلك الاوتار الافتراضية ، وهي عيوب يمكنها تفريغ الطاقة في خلفية من الموجات الثقالية ذات الطيف الذي تتشكل ديناميكياته الشبكية.
باستخدام النسبية الكاملة، يمكننا اختبار كيفية اعتماد هذه الموجات على الانحناء والتوسع وتفاعلات الأوتار دون خطية المقياس.
وهناك ظاهرة أخرى هي الكون المتعدد، حيث تصطدم فقاعات الفضاء ذات الطاقات الفراغية المختلفة، وترسم من حيث المبدأ توقيعات خفية على الخلفية الكونية للأمواج القصيرة.
ويتم بالفعل استخدام النسبية العددية لحساب أزمنة تصادم واقعية وترجمتها إلى اضطرابات في الانحناء ودرجة الحرارة يمكن للمراقبين البحث عنها.
ماذا نشاهد بعد ذلك
تسلط المراجعة الضوء على العديد من العوائق الفنية التي لا تزال تشكل تحديات بحثية نشطة.
وتشمل هذه الجهود إيجاد ظروف حدودية أفضل لتوسع الأكوان وتطوير مقاييس تظل مستقرة عندما تحدث مناطق الانهيار (في المجموعات المجرية المحلية)جنبًا إلى جنب مع التوسع الإجمالي.
كما يؤكد على الحاجة إلى أدوات مجتمعية مشتركة يمكنها توليد بيانات أولية متسقة لمحاكاة علم الكونيات، والتحرك إلى ما هو أبعد من الإعدادات القياسية المسطحة المطابقة.
رغم أن قوة الحوسبة تشكل أهمية بالغة، فإن التقدم لن يأتي من السرعة الصرف وحدها.
تشكل الصياغات الأكثر ذكاءً واختبارات التقارب الصارمة والتشخيصات القائمة على الجيوديسية مفتاحًا لجعل الجيل القادم من المحاكاة الكونية أكثر دقة وقابلية للمقارنة بشكل مباشر عبر مجموعات البحث.
وهذا ما يحول الأفكار المتعلقة بالأجزاء الأولى من الثانية في الكون إلى علم قابل للاختبار.
Reviews in Relativity