
لا تتجاهلوا كلبه!
يتكاثر اليوم في العالم السياسي عدد التواقين إلي الظفر برضا الرئيس الأمريكي من دون أن يوفقوا أدني توفيق لكونه جفظاً جعظاً جنعاظاً حتي أنهم صاروا فرائس لقنوط يجعل الدم ماء وسخاً متناسين أن الحياة شجرة فاكهة لا تهب ثمرها إلا للمجتهد الأريب الذي ما إن يواجه باباً مقفلاً حتي يشمر عن ساعديه وركبتيه باحثاً عن المفتاح المناسب، ولا وجود في الأرض لباب بغير مفتاح.
ولا أحد منهم ليس بالمجتهد، وسيكتشفون بعد تفكير قصير خطأهم الجسيم عندما اهتموا بالرئيس وحده، ولم يهتموا بكلبه وما له من مكانة مرموقة لا تخفي علي كل ذي بصر وبصيرة، فالرئيس لا يدلي بتصريح بالغ الأهمية إلا ويده تلامس عنق كلبه، ولا يعلن قراراً خطيراً إلا وهو يداعب كلبه بأصابع تذوب حناناً ورقة، ولو حاولوا أولاً الظفر برضا الكلب لما كان الظفر برضا سيده صعباً، ولن يضيرهم نبذ أصواتهم البشرية وإتقان النباح بشتي أنواعه وأشكاله، فكل الوسائل مستحسنة إذا كانت الغاية سامية كغايتهم.
ولن يضيرهم أيضاً أن يتخلوا عن المشي علي قدمين، فهو موضة متخلفة لا تتلاءم مع ما في العالم من متغيرات ومستجدات جديدة، وسبق لهم أن كانوا رواداً في المشي علي أربع في المجالات السياسية والفكرية، وآن الآن لمشيهم أن يتطور ويتجدد، وسينسون كل عنائهم لحظة يبتهج كلب الرئيس وهو يراهم يدبون علي أربع مقبلين مدبرين.
ولن يضيرهم امتلاك الذيول الأصيلة، فلديهم الكثير من المال الآتي بغير تعب، وفي استطاعتهم إغراء أشهر مصممي الأزياء في العالم بابتكار ذيول بالغة الأناقة والفخامة، فهذا ذيل إيف سان لوران للنحيف، وذلك ذيل أرماني للسمين، وذاك ذيل شارل جوردان للبطين.
أما إضافة الذيول إلي الأجسام، فالطب الحديث يحوّل الكركدن عصفوراً دورياً. ولعل الرئيس حين يلمحهم يتهارشون مرحين مع كلبه سيُعجب بهم إلي حد أنه قد يطرد كلبه، ويستخدمهم بدلاً منه، فينالون ما كانوا يصبون إليه، ويصبحون من كلاب الرئيس لا من رجاله، والفرق لا يؤبه له إذا كانت الغاية سامية كغايتهم.
زكريا تامر