مؤلف الديكتاتور، وكارت بلانش، وشاعر قصائد ناقصة
وموقّع أرقى صفحة ثقافية في لبنان
دُعي بهذه الصفة إلى زيارة اطلاعية للعراق الشقيق وليلة وصوله
على الطائر الميمون، اقتحم غرفة نومه في الفندق عدد من حراب
الرئاسة في تلك الأيام واقتادوه إلى أعماق الصحراء لبضع ساعات
أعيد بعدها عبر أجواء الأردن الشقيق ومن ثم الأراضي السورية
الشقيقة، ليصبح بعدها شاعر المهدئات والمسكنات والمرتفعات
والمنخفضات والمنعطفات، وحوادث الطرق في لبنان والمنطقة كلها.
*
وفي ذروة الحرب الأهلية اللبنانية وهجرة العقول والبطون
الحالمة، حط به الزمان في فرنسا الصديقة وفي باريس بالذات حيث
كنت ألبي دعوة أدبية، فالتقينا في أحد مطاعم الحي اللاتيني أو
بالأحرى في كهف أو مسلخ يعج بزبائن من جميع الأجناس وضوضاء
وصراخ بجميع اللغات
موائد متلاصقة وجدائل وشرائط وأساور وأقراط وشم سيوف
ورماح وخناجر على كل صدر وجبين وظهر
ووضعت أمامنا بلاطة خشبية تكدست فوقها أكوام من أفخاذ
وأعناق الطيور والحيوانات الأليفة والمتوحشة، وساطور أو بلطة
بحجمها يقطر منها الدم للاستعمال الشخصي والجماعي.
وتأمل عصام المنظر برعب ودهشة وتمتم بلهجته الجنوبية الرائعة:
هكذا تفعل أميركا بالعالم
وخرجنا من هذا الخم الكوني إلى الفضاء وتابع تمتمته ونحن
نتمشى على ضفاف السين ذراعاً بذراع:
أميركا وراء جنون نيتشه وفان كوخ
وانتحار لوتريامون وهمنغواي وخليل حاوي
وصمم بيتهوفن
وصرع ديستويفسكي
وكآبة شارلي شابلن
وتشرد رامبو وابراهيم سلامة
وخطف كارلوس واختفاء موسى الصدر
وإعدام لوركا وانطون سعادة
وجفاف الأنهار
وهجرة الطيور
- والحل؟
- سأشد رحالي إلى الهند، إلى اليابان، إلى الصين الرفيقة،
وأنت؟
- : سأعود إلى قريتي وقصائدي القديمة.
- : وأنا كذلك.
محمد الماغوط
إضافة تعليق جديد