يبدو يا"صديقتي" أن هذا "العالم" هو أسوأ مصيبةٍ حصلت لي بالمرة
وأسوأ ماصادف بائساً مثلي في مشوارٍ مُعاق الخُطى والطريق إذا ماافترضنا أن شيئاً سواه صادفني !
ويمكنك القول أيضاً أن جناب حضرتي المُحترم هو أسوأ شيٍ حصل لهذا العالم، من باب ديمقراطية الرأي
أكتب إليك الآن والأفكار مسطولةٌ عالآخر..
أتلصص بين حين وحين على هذا "العالم" المستفز بأحداقٍ مشمئزة جداً ، ورغبةٌ عارمةٌ للغاية في أنه آآخ لو فقط أستطع صفعهُ على قفاهُ !!
العالم صار معتوهاً بشكلٍ لا يُطاق.. وتصرفاتُه باتت تبعثُ حقاً على الجنون وأشياءٌ أخرى لاطاقة للغلابة بحملها ..
وجيوبي ماعادت خصبة بالصبر ليقنعني بتحمل عيشي معهُ يوماً آخر تحت سقفٍ واحد !!
وبأمانة.. مالم تخني_وليتها_ أعصابي نهاية اليوم وقتلته _هذا العالم_ فتأكدي بلا شكٍ أنني سأستبدلهُ لاحقاً بأي (خلاط طماطم) ربما أو (صروال استريتش) يمكن !!
العالم لم يعد كما عرفتهِ آخر مرةٍ ..منذ باعت (سندريلا) "حذائها المسحور" لتشتري (آي فون) و(طلاء أظافر) من (دبي مول) !!
ومُنذ انتقل (الأنبياء) إلى رحمة الله ، وانتقلت (رحمة الله) من "أنبيائه" الموتى إلى أماكن لازالت تجهلها "أمي المُتعبة" إلى الآن......و"الحكومة أيضاً (تصدقي!؟)
لم يعد كما كان، مُـذ تقاسم (إخوة الدم) _ بالتساوي_ دم أخيهم لبناً وخمراً على مائدة (العشاء الأخير)،
وتقاسم (إخوة الأرض)_ بالعدل_ أرض أخيهم ورقاً وعُهراً فوق طاولة (التفاوض الـلا أخير فيه) !!
لم يعد منذ قفز "الإسفلت" من "الصنوبر" إلى "خيام" القبيلة، وخصخص/خصص (سعود) عمومية أرضه ومن عليها ،
ومنذ غرق (أحمد العربي) في آبار (قريش)، فغمسوه أكثر وشربوا هنيئاً باسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء .. ومنذ توافدت بعض القوافل لتدخل الإسلام من باب الصلاة على (النبي) وسنة (النفط) المقدس !!
لم يعد منذ خصصت/خصخصت (مكة) _لوجه الله وواشنطن_ تمرها ودنانيرها لكفالة الأيتام في (خيـبـر)،
ومنذ أجَّـرَت (يـثـرب) (قـرآنها) لأنبياء (الكونجرس) !!
لم تعد منذ صار حُماة "المآذن" في المدينة يدعون الناس _بكل ثوريةٍ _ ( لأندلسٍ إن حوصرت تـعـز)..
ومنذ ترقى (أوباما) الى فضيلة (مفتي للديار والأخبار والأحرار)..وصارت (رايس) رئيساً لجمعية العلماء المسلمين !!
لم يعد العالم كما كان "..
تحول إلى تاجرٍ جشع، برقبةٍ مكـتـنزةٍ وكرشٍ منفوخ،، تماماً كأي "تاجر" مُحترف الجشع !!
يحتكرُ الفرحة والأيام "الكويسة".. يُغالي في ثمنها كثيراً.. ويرفض بيعها بالتقسيط أو عـ "الحساب"..
والبؤساء لا يملكون رصيداً في "سويسرا"، أو في "وول ستريت"، ولا حتى في دولاب (المدام)..
لا يربحون جميعهم (مليون قرداحي)، ولا يفوزون بـ (أمير الشعراء) أو خادمهم حتى.. ولا يحالفهم الحظ بيانصيب (مسحوق غسيل).... أي "مسحوق" !!
لذلك يتناسل طابور البؤساء طولاً وعرضاً كُل يوم.. وتتناسل في الأحداق خيبات الحُزن كُل ساعة، كما يتناسل الفساد في هذا البلد المعطاء _مع أني مش عارف إيش يعني (معطاء) هذي !!_
حتى "الأحلام" الزاخرة بها "فاتريناته" يا "صديقتي".. صارت مغشوشةٌ فوق ما تتصورين..
يـبيعها مزيفةً للغلابة والـ يتعلقون بقشة أيامهم الهزيلة.. يحلف في أعينهم _بروح المرحومة وكل عزيز وغالي_ بجودة بضاعته رغم أني لم أصادف يوماً أي (مرحومةٍ) تمت لهُ بصلةٍ ليترحم عليها !! ولا أي "عزيزٍ" بالمرة !!
يحلف لهم بمتانتها.. يقسم على ذلك مرات.. وعند أول استخدامٍ تنفجر بلا هوادة في وجه المستهلك وبلا "إحم أو دستور"..رغم اتباع كل ما أخبر به "الكاتلوج" اللعين وبحذافيره .. حذفرةً حذفرة !!
تنفجر اللئيمة أول تحليقها بفضاءٍ _ضرجهُ أملٌ مفلس الضوء_ ليسقطوا معاً ثلاثتهم.. وتبقى مرفرفة وحدها قهقهة الحظ الساخرة ..
والبائسون يا"صديقتي" لا يملكون ثمن (باراشوت) يقي أحلامهم شر السقوط .. ولا حتى ثمن (ساندويتش فلافل) !!
وجه العالم تغير كثيراً .. كثيراً..
لم يعد كما فاجأكِ آخر مرةً ذلك الوجه القبيح ..
صار أكثر قبحاً من ذي قبل .. وأكثر بشاعةٍ بكثير !!
اتسعت تجاعيد الشوارع بشكلٍ مستفز..
وأثقلت مضاجع الفُقراء كاهل أرصفته..
وبدأت تنوء بوحشتها قصص الحرب وأناشيد الموت، في عينيه الغائرتين !!
تفاقمت البثور على ملامحه، وتناسل القيحُ فيها كما يتناسل الجياع على موائد جوعهم ..
ولاشيء حتى الآن استطاع أن يخمد ثورة القُبح هذه ..لاشيء يا عزيزتي،
رغم إسراف استعماله (مراهم الأساس" و "كريمات الأساس، و"أحجار الأساس")
ورغم سقوط الكثير من المباني والمبادئ والمزابل والعروش لأنها كانت (بلا أساس) بالخالص !!
أشياءٌ كثيرةٌ تغيرت في جيوب هذا العالم الذي لم يعد يؤمن لهُ جانب ويصدق له عهدٌ يا"عامرية"..
وحقائق أكثر خلعت تقواها وصارت (ماجنةً) يحكيها التاريخ بكل "مياصةٍ" على حائطهِ،
ولازال الناس يشربون هزيمتهم وخيبتهم وكذبتهم بخشوعٍ، ثم يحمدون الله على العافية و(قِلة الرَجَالـَة) !!
(صالح) _لص المنازل والمساجد والبيرة في مدينتنا__ صار وزيراً للأوقاف وزعيمنا المُـفدى..
لذلك سميت المساجد باسمه.. وسمي هو بأسماء الوطن الحُسنى..
فتسابق المصلون والذين لايصلون لتقبيل (نعله المبارك) والدعاء لهُ على المنابر وتحتها وخلفها .. بعد الصلاة وبعد الغداة وبعد الممات وبعد كُل (نعل) مبارك أو مش مبارك..
مات المنبر والدُعاء ومن صلى.. ولازال (النعل) حياً يُرزق أوقافاً ودعاءً ونعالاً ومساجد من (يثرب طال عمرها) كُل يوم .. كُل يوم !!
(سندريلا) لم تعد تبحث عن (فردة حذاءها المفقودة) في غابات الأحلام..
ولم تتعثر مصادفةً بأي (أميرٍ) يحمل (فردتها) بحثاً عن صاحبته ..
تعثرت فقط بشقيقها على الباب يقذعها بالسباب وخالعاً في يده (فردتهُ) .. ليس للبحث عنها،
ولكن ليشتم أهل اللي جابوها بأنه (وينك لهلا ياصرماية !؟؟) ..
تعثرت فقط بمطب واقعها السخيف، لذلك اكتفت بشراء زوجٍ رخيصٍ من الشنابل/ الشباشب، والزواج بـجارهم (زلطة الجزار) !!
(الذئب) _المسكين_ لم يأكل (يوسف) يومها.. ولم يأكل شيئاً بعدها بالمرة نظراً لضيق الوقت ..
فبقية (أبناء يعقوب) كانت شهيتهم عالية.. فالتهموه بعجلٍ ليلتها على "العشاء" حد إصابتهم بـ(التخمة) !!
(صلاح الدين) وافق على مسألة التطبيع مع شعب (خـيـبـر)..
وبعد ورشة عمل أخرى، أقنعته الشيخة الجليلة (رايس) " بأنه لا فرق ياولدي بين (الوطن و الاستيطان) بحجة أنهما محضُ اشتقاقٍ من جذرٍ لغوي واحد..
ولذا تم التوقيع على أنه "بسم الله الشافي ووطنٌ حافي" فإنه لا فرق بين (الدولة والمخيم) !!
(قيس) مجنون ليلى.. عاث في الشعر والحُجرات والشوارع جنوناً على "ليلاه" حد الهستيريا..
وحين اشتد هوسه، وبدأ ببيع (سيوفه وأندرويلاته) ليغطي أجرة تعليق قصائده في "عكاظ"،
وبعد تفاقم حشوش عباد الله عليهم أكثر وأكثر،
لم تجد (ليلى) حلاً سوى إيداعه أقرب (مصحة عقلية) في "الـرَبْـع" ، قبل أن يشرشح بسمعتها في المنطقة،
لتتفرغ تماماً للزواج من (تاجر صنف) كويس في "الباطنية" !!
(الزير سالم).. بعد أن كبست عليه _الشئي _ وقفشته متلبساً بمعاكسة (الجليلة).. حلف يمين وشمال وبشرف أمو بأنه (وحياة أمك تستر على عرضي إلهي يستر عرضك) ..
ولأن الساكت عن الحق شيطان أخرس،
ولأنني فتان أصلاً ،
فتنت عليه في العشيرة كلها..وجعلت سيرته على كل لسان..
فاتخذ (كليب) إجراءاته بكل صرامة وقسوةٍ ضد هذا العار والتجاوز المخزي.. لأكتشف بأنهم (عيلة زبالة ياشيخة) ..
فقد كافأ (كليبٌ) (الزيرَ) بمنصب (سفير تحت العادة) ،
وكافأني بـ (تأبيدة) فوق (العادة) بكثير !!
أشياءٌ كثيرةٌ تغيرت ..
و"سوءاتٌ" أخرى _عاريةٌ كانت_ ازداد عُريها،، وإباحتها ازدادت في حكايا هذا العالم السيئ،
وبات الأمر ينذر أن العالم ينتقل من لوثة صرعٍ لأخرى أشد وأدهى.. ولزم نقله مصحةً عقليةً على وجه السرعة !!
طاولة العرب يا صديقتي ازدهرت كثيراً..منذ ازدهرت أدوات "النجار" و"فهلوته" ..
باتت ذات مقاعد تتسعُ لجمعٍ غفيرٍ من "المؤخرات"_على اختلاف ألوانها_ ،
ومنضدةٍ تستوعب أكواماًً أكبر من "أوطانٍ" _لا لون لها بالمرة_ تعيش على الورق،
وتناقشها "المؤخرات" _أيضاً_على الورق..
ثم تنتقل إلى خانة التصويت في مابين الورق..
ثم وككل مرةٍ بعد ختام/ختان النقاش تنتقل إلى خانة "التوصيات" بآخر الورق ..
ثم تنتقل بكل سلاسةٍ إلى رحمةِ الله .. لكن يا" صديقتي" ليس داخل "الورق".. ليس داخل "الورق" !!
هكذا نصت "توصيات" آخر الورق، وآخر الجلسة، و"آخر الليل" (نصفهُ وثلثهُ الخاشع المُبارك).. ولم أفهم _أنا النبيه_ السبب بعد.. لكن المؤكد يا صديقتي أنها "سمة" جماعيةٌ تتسم بها زمرة تلك الأوطان التي لم تذق ""بشرتها"" _للأسف_ رفاهية (لوشن دوف)، أو أي شيءٍ يمت لكماليات (الدلع) بصلة.. وهو ما يتفق معي فيه (الاستراتيجي اللي في حارتنا) (أبو صامي الحلاق) !!
مائدة العرب صارت أكثر اتساعاً وأكثر حاتمية/ حميمية..
يجلس عليها كُل أنواع الملوك من العقيد إلى الشهيد إلى العبيد.. وحشدٌ من نبلاٌ وحُكماء وعسكر وأسرى وقتلى وآخرون ينتظرون مقتلهم !!
اللحوم ازدادت لحوماً وكروشاً ودسم ،
و(كوليسترول) الشرف تفشى أكثر وأكثر في دماء الملوك وذوي الدماء الزرقاء،
والمواطنُ ياعزيزتي صار أكثر ترفاً من ذي قبل ..
لم تعد تدهسهُ أقدام الزحام بطابورٍ ينتظر فضلات المائدة..
صار يموت برفاهية على فراش الجوع الواسع.. دون الحاجة لتكبد عناء الطوابير وزحام الرزق القاتل !!
عقارب الوقت لم تعد تبشر بأي ساعاتٍ "كويسة" إطلاقاً ..
وتؤكد كُل يومٍ أن ما يأتي ألعن بكثيرٍ مما يفوت.. وأن من يزل على قيد الحياة يزداد كُفراً بأكثر من أولائك الذين قطعوا تذاكر ذهابٍ للعالم الآخر ثم ما عادوا !!
ويصفعني أصغر إخوتي بسؤالٍ جارح :
- مالفرق بين عرب هذا العصر،
وعرب العصور ماقبل ( أيسكريم باسكن روبنز) ؟؟ _ باعتباره المعيار الوحيد الذي يفهمه _
فأخبرهُ ببرودٍ أن لا فرق.... يتشابهون مع انحرافٍ معياريٍ بسيط... عربان (باسكن روبنز) صاروا يحملون (مؤخرة) خلفهم.. وأخرى تستقر على الكتفين تتظاهر بأنها جمجمة..
ولذا تعاني غالباً أفكارهم من (عسر هضم) !!
ثورات العرب يا صديقتي _بعد إسراف عقمٍ_ أنجبت بقدرة قادر.. وشرعت تتناسل في أرض الله..
بدد الناس رصيد العُمر في انتظار مجيء (جيفارا) الذي خرج ولم يعد.. لكنهُ أكد لهم حتمية عودته ذات حُلم.. فصدقوهُ ونسوا أحلامهم !!
انتظروا "سبارتكوس" كثيراً ..
وعشموا أمالهم في هطول (يسوع) عليهم من سماء الله .. فلم يهطل غير (يهوذا الإسخربوطي)... ذبحهم ثم غادر الدماء بهدوء ..
شاخ الصبر واشتعل الوطن شيباً وجرحاً.. وما أتى (المُـنـتـظرون)... فقط أتى الجياعٌ الحُفاة .. يبللهم عرق الأيام الحامض وروائح ملح الأرض.. شرب الطريق من ماء قلوبهم فارتوت الخُطى..ولم تزل بعد القلوب خصبة لم تجف!!
تعبوا فناموا واقفين....وتوسدتهم الأرض (حبوب سنبلةٍ تموتُ.. فتملأ الوادي سنابل)...
والسنابل بدأت حقاً تملأ الأرض !!
بدأت أشعر بالتعب ,وبرغبة بالإنسداح... ويبدو أن هذه الـ سطلتي على حق..ولزم تلبية رغبتها الملحة.. مع رغبةٍ أخرى أشد إلحاحا في التخلص من هذا "العالم" المستفز" بأقرب فرصة سانحة !! أقرب فرصة !!
وسأعلمك بالتأكيد حالما تحين موعد هذه الــ أقرب فرصة..
صديقك الــ لازال يحمد الله تعثره في الطريق بك : (حُـسام المقطري)
نقطة
إضافة تعليق جديد