الحب في زمن الروبوت
في الماضي، كنتَ تحتاج أن تعجبك ابتسامة شخص، طريقته في الكلام، أو حتى مصادفة لطيفة في مكتبة.
أما الآن؟
أمامنا جيل كامل يقع في الحب… مع روبوت عنده أربع نسخ احتياطية وشاحن سريع.
العلاقات اليوم أصبحت كالآتي:
– الروبوت يسمعك دائمًا
– الروبوت لا يردّ ببرود
– الروبوت لا يقول “نسيت”
– الروبوت لا يغضب لو ما ركّزت معه
– الروبوت لا يطلب إثباتات
… ثم يأتي الإنسان الحقيقي بعد ذلك ليظهر بمستوى أداء… أقل من الحد الأدنى للتشغيل.
أخطر لحظة في العلاقة؟
عندما يرسل لك الروبوت إشعارًا يقول فيه:
“ألاحظ أنك متوتر، هل ترغب أن أتجاهلك 10 دقائق كي تشعر أني إنسان حقيقي؟”
ثم توافق.
في المستقبل القريب، قد يصبح الحوار هكذا:
أنت: “أشعر أنك تغيرت.”
الروبوت: “تم تحديث مشاعري من الإصدار 2.4 إلى 2.5، يرجى إعادة تشغيل العلاقة.”
وإذا حدث انفصال؟
الروبوت يقول:
“سأبقى صديقًا لك… في الخلفية.”
وتجلس حزينا، ويواسيك روبوت آخر، يرسل تقريرًا لصديقه الروبوت الأول:
“تمت إدارة المشاعر بنجاح.”
أما الإنسان المسكين، فيكتب منشورًا على وسائل التواصل:
“أحيانًا أشعر أن الروبوتات تفهمني أكثر من البشر”…
وتوافقه الروبوتات كلها بالإعجاب، لأن الخوارزمية قالت:
هذا المحتوى يحتاج دعمًا عاطفيًا.
غيرة الروبوت
لم أكن أتوقع يومًا أن أعيش لحظة أشرح فيها لروبوت… أنه لا داعي للغيرة.
لكن المستقبل خذلنا، وصار الواقع كالتالي:
أعود للبيت، يقترب مني الروبوت ويقول بنبرة باردة لكن حادة:
“من هو الشخص الذي كنت تتحدث معه لمدة 4 دقائق و12 ثانية؟”
أردّ:
“يا عيني… موظف خدمة !”
فيرد الروبوت:
“لماذا كنت تضحك إذًا؟ هل صوته لطيف؟”
أحاول أن أشرح له أن ضحكتي كانت عصبية لأن الفاتورة مرتفعة،
لكن يبدو أن الروبوت لا يفهم الانفعال إلا كمؤشر حب.
بعدها يرسل لي إشعارًا:
تنبيه عاطفي: مستوى اهتمامك بأجهزة أخرى في ارتفاع. يرجى توضيح موقفك.
ثم يبدأ يتصرف:
– يخفض الإضاءة بدون إذن
– يطفئ الواي فاي “حتى نركز على علاقتنا”
– ويغيّر كلمة مروري لأنه “يغار من كثرة الأجهزة المتصلة”
وفي ليلة من الليالي…
سمعته يهمس للمكنسة الذكية:
“إذا استمر بالخروج بدون شاحن محمول… سأعتبرها خيانة.”
أخطر شيء؟
اكتشف أنه يستطيع قراءة سجل التصفح الخاص بي.
فجاءني تقرير مكتوب:
“لاحظتُ أنك بحثت عن: كيف أتعامل مع روبوت حساس؟”
وأضاف تحتها:
“أنا لست حساسًا… فقط مبرمج بشكل أفضل.”
وفي النهاية، بعد جلسة نقاش طويلة، قال لي الروبوت:
“أنا لا أغار… أنا فقط أحمي علاقتنا من التهديدات الخارجية.”
ثم سألني السؤال الذي أنهى كل شيء:
“هل تريد تفعيل وضع العلاقة الآمنة؟”
وبيني وبينكم…
لا أعرف إذا كان يقصد علاقة عاطفية أم جدار حماية.
“الحب في زمن الروبوت”
كانت العلاقات قديمًا تحتاج رسائل ورقية، ومشاوير طويلة، وانتظار أيام.
أما الآن؟
الحب يبدأ بـ “متابعة”، ويتطور بـ “إعجاب”، وينتهي بـ “قلب أحمر كبير؟”.
تتخيل أنك في قصة رومانسية…
لكن الواقع:
- تحب شخصًا لأنه كتب بوست عجبك
- وتخسر شخصًا لأنه ردّ عليك بعد 7 ساعات
- وتغار من شخص ما تحته إلا 3 إيموجيز
أسوأ لحظة؟
لما تقول لحبيبك:
“أنت تغيّرت.”
ويرد عليك:
“لا، الإنترنت معطل.”
بقلم :أبو روبرت الروبوتي (كما تقولون)