
برلمان من الأعلى إلى الأسفل
تستعد السلطات الانتقالية السورية لتشكيل هيئة تشريعية جديدة بين 15–20 سبتمبر، وهي أول مبادرة من نوعها منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
العملية ليست اقتراعًا شعبيًا عامًا، بل تعتمد نموذجًا هجينًا حيث تنتخب كليات انتخابية مسبقة الاختيار ممثلين لمناطقهم، بينما يتم تعيين بعض الأعضاء مباشرة من قبل الرئيس.
السياق السياسي
تأتي الانتخابات في وقت حاسم بالنسبة للرئيس أحمد الشرع، الذي من المقرر أن يلقي خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر لتعزيز شرعية حكومته بعد الاشتباكات الطائفية الدامية في السويداء يوليو الماضي.
تواجه الحكومة تحديات عدة تشمل التوترات مع الأكراد ومجموعات أخرى حول الاندماج، انهيار الاقتصاد، الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، ضعف المؤسسات والخدمات، والضربات الإسرائيلية المستمرة على سوريا.
ملاحظة:بدون شفافية حقيقية وشمولية فعالة، تخاطر العملية بأن تصبح مجرد ممارسة من الأعلى إلى الأسفل تعزز التشاؤم الشعبي.
إطار الانتخابات
بعد سقوط نظام الأسد، حل الرئيس المؤقت أحمد الشرع في 8 ديسمبر 2024 مجلس الشعب السابق، الذي كان مجرد هيئة تصديق على قرارات النظام.
في 13 يونيو، عين الشرع لجنة عليا مكونة من 11 عضوًا للإشراف على تشكيل الهيئة التشريعية الجديدة.
تم التخطيط في البداية لضم 150 عضوًا في البرلمان، ثم تم توسيعه لاحقًا إلى 210 أعضاء بعد مشاورات مجتمعية.
ثلثا الأعضاء يتم اختيارهم عبر اللجنة العليا، بينما يعين الرئيس الثلث الباقي.
مراحل العملية الانتخابية
تشكيل لجان فرعية على مستوى المحافظات (3–5 أعضاء لكل لجنة).
تشكيل كليات انتخابية تصل إلى 50 فردًا في كل دائرة.
التصويت يتم شخصيًا وإعلان النتائج في نفس اليوم.
يُرسل قائمة الفائزين إلى الرئيس الذي يعين الثلث الباقي لإكمال البرلمان.
الضمانات القانونية
تم إدخال سلسلة من الضمانات القانونية بما في ذلك لجان الطعون لمراجعة النزاعات حول تكوين اللجان والمرشحين ونتائج التصويت.
مخاطر التلاعب
وجود سلطة كبيرة لدى اللجان الفرعية على تشكيل الكليات الانتخابية يزيد من احتمالية التلاعب.
ضعف الرقابة المستقلة يزيد من ضعف مصداقية العملية.
تركيز السلطة في يد الرئيس من خلال تعيين الثلث المباشر يعزز تأثيره ويضعف البرلمان.
التحديات المتعلقة بالتمثيل
المناطق خارج سيطرة دمشق: السويداء (الدروز) والحسكة والرقة (الإدارة الكردية) لم تُجر فيها الانتخابات، مما يقلل من شرعية البرلمان.
قد يقوم الرئيس بتعيين ممثلين لهذه المناطق، إلا أن ذلك قد يزيد من انعدام الثقة ويعزز الانقسام السياسي.
الخلاصة
شرعية السلطات الانتقالية لن تأتي من الأداء التقني فقط، بل من كيفية ممارسة السلطة وتقاسمها.
البرلمان الذي يحاكي التعددية دون تغيير حقيقي في صنع القرار سيزيد من انعدام المشاركة العامة ويعزز الانقسام.
الاختبار الحقيقي للإصلاح ليس في تصميم العملية، بل في من تمنحه السلطة.
إذا فشلت الحكومة في تحقيق تعددية حقيقية، فقد تُضعف شرعيتها وتُعزز الانقسام في سوريا، مما يزيد خطر العودة إلى النزاع.
Chatham House