
مع اتفاقيات ابراهيم أم “جلد خاروف”؟
حسني الزعيم، عسكري من أصل كردي، ولد في دمشق، وهو مثل شبان عرب آخرين بمن فيهم أنور السادات، كان معجباً بهتلر وأقام شراكة مع حكومة فيشي التي حكمت سوريا برعاية النازيين في الحرب العالمية الثانية. بعد أن حرر جيش فرنسا الحر، بقيادة الجنرال ديغول، سوريا، وبعد أن حصلت هذه على استقلالها، لم تكن للزعيم أي مشكلة في الارتباط بالجيش السوري والتقدم بسرعة والحصول على منصب قائد الشرطة، ثم منصب قائد الجيش.
في 30 آذار 1949 قام بانقلاب عسكري، مدعوم بريح إسناد من وكالة الاستخبارات الأمريكية وبريطانيا وفرنسا. في الغداة، أعلن عن نفسه رئيساً وفرض حكماً عسكرياً. من اللحظة التي دخل فيها إلى منصبه الجديد، روج لفكرة السلام مع إسرائيل، والمهر الذي عرضه على إسرائيل كان استيعاب 300 ألف لاجئ فلسطيني في منطقة معدة للتنمية في شمال سوريا.
طلب البحث مع بن غوريون في ذلك. لم يتحمس بن غوريون للفكرة، وطرح شروطاً مسبقة للقاء (مثل انسحاب سوري من المناطق المجردة التي حددها اتفاق الهدنة). وزير الخارجية موشيه شاريت، اقترح اللقاء بنفسه مع الزعيم، لكن الزعيم السوري أصر على بن غوريون. بعد 137 يوماً من الحكم، في 14 آب أعدمته ثلة بإطلاق نار بأمر من الجنرال الذي حل محله.
هجوم الثوار في سوريا في تشرين الثاني الماضي كان سريعاً ومحدوداً في عنفه. وفي 8 كانون الأول، رفع أحمد الشرع إلى الحكم، الذي يشبه هيرتسل بعض الشيء، بعد نحو 50 سنة من حكم سلالة الأسد. له ماض إشكالي كداع لمنظمات إرهاب إسلامية، وهو من أقام هيئة تحرير الشام – تحالف منظمات جهادية. وكانت الولايات المتحدة أعلنت عن جائزة 10 مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
منذئذ، سيطر على دمشق وعلى أجزاء أخرى في سوريا، وأصبح رئيس الدولة الذي يتحدث بشكل لطيف لآذان الغرب. في كتاب بعث به في الأيام الأخيرة إلى وزارة الخارجية الأمريكية، تتعهد سوريا ألا تشكل تهديداً على إسرائيل وتمنع جماعات مسلحة للعمل في سوريا. في حديث مع كوري ميلس، عضو كونغرس جمهوري يعتبر مقرباً من الرئيس ترامب، قال له الجولاني إنه معني بالانضمام إلى اتفاقات إبراهيم. ويتوقع من الولايات المتحدة أن ترفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا في الماضي، إلى جانب مساعدة اقتصادية لإعمار بلاده.
نتنياهو، الذي يحرص على تنفيذ القول “احترمه وشُك فيه” وأساساً في قسمه الثاني، يدير سياسة للتحقق من نية الشرع؛ إرهابي في جلد خروف. من هذه الناحية، هو يذكر بموقف بن غوريون من حسني الزعيم.
ربما كانت إسرائيل محقة في 1949، واليوم أيضاً. لكن المستعد لتحمل المخاطر في سياقات حربية، ملزم بها في سياقات السلام أيضاً. فلو تحقق اتفاق سلام في 1949، لأعفت إسرائيل نفسها من دم كثير. معقول الافتراض أنه لو تم مثل هذا الاتفاق، لاحترمه خلفاء الزعيم (مثلما حصل في مصر، عندما انتخب رجل الإخوان المسلمين والمعارض المتطرف لاتفاق السلام مع إسرائيل، محمد مرسي، رئيساً، واحترم معاهدة السلام معنا).
ربما يتخفى الشرع في زي رجل سلام، وإذا وافقت إسرائيل على الحديث معه فستتمسك برأيها أن يكون لسانه وقلبه متساويين، غير أن تنكر القدس للرئيس السوري الجديد تبدو سياسة غير مسؤولة. إذا كان بالفعل مستعداً للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم، فجدير فحص هذا بجدية، قبل أن يصبح مرعياً كاملاً لأردوغان، الذي أصبح أحد كبار كارهينا. سيرى الرئيس ترامب في مثل هذا الحوار إنجازاً شخصياً وعن حق، فيما نرى نحن مثل هذه الخطوة إبعاداً لسوريا أكثر عن الارتباط بإيران. لا مبرر لعدم فحص الخيار بجدية.
يوسي بيلين
(اسرائيل اليوم)