
ملحمة جلجامش(1)
الفصل الأول:
|
كلكامش وانكيدو
|
اللوح الأول: الحقل الأول
|
هو الذي رأى كل شيء فغني بذكره يا بلادي
|
وهو الذي عرف جميع الأشياء وأفاد من عبرها
|
وهو الحكيم العارف بكل شيء :
|
لقد أبصر الأسرار وكشف عن الخفايا المكتومة
|
وجاء بأنباء ما قبل الطوفان
|
لقد سلك طرقاً بعيدة متقلباً ما بين التعب والراحة
|
8- فنقش في نصب من الحجر كل ما عاناه وخبره
|
9- بنا السوار ( أوروكا ) المحصنة
|
10- وحر (أي أنّا ) المقدس والمعبد الطاهر
|
11- فأنظر إلى سوره الخارجي تجد أفاريزه تتألق كالنحاس
|
12- وانعم النظر في سوره الداخلي الذي لا يماثله شيء
|
13- واستلم ( امسك ) أسكفّته الحجرية الموجودة منذ القدم
|
14- أقترب من (أي أنّا) مسكن عشتار
|
15- الذي لا يماثله صنع ملك من الآتين ولا إنسان
|
16- أعلو فوق أسوار (أوروك)
|
17- وامشي عليها متأملا
|
تفحص أسس قواعدها وآجر بناءها
|
18- أفليس بناءها بالآجر المفخور
|
19- وهلا وضع الحكماء السبعة أسسها
|
20- سار واحد مساحة المدينة، وسار الراعي
|
وسار لحفر الطين ، وهي الأرض المخصصة لمعبد عشتار
|
21- ثلاثة سارات كلها، وكذلك الأرض الخلاء لمدينة ( أوروك )
|
22- ابحث عن اللوح المحفوظ في صندوق الألواح النحاسي
|
23- وافتح مغلا قه المصنوع من البرونز
|
24- واكشف من فتحته السرية
|
25- تناول لوح حجر اللازورد واجهر بتلاوته
|
26- وستجد كم ( عانى جلجامش ) من العناء والتعب
|
27- وفاق جميع الحكام، انه ذو الهيئة البهية السامية
|
28- انه البطل ، سليل أوروك ، والثور والنطاح
|
30- انه المقدم في الطليعة
|
31- انه المظلة العظمى ، حامي(أتباعه) من الرجال
|
32- انه موجة طوفان عاتية تحطم حتى جدران الحجر
|
33- نسل (لوكال بندا ) انه جلجامش المكتمل القوة
|
34- ابن البقرة الجليلة (رمات ننسن )
|
35-….. جلجامش المكتمل في الجلال والالوهيه
|
36- انه هو الذي فتح مجازات الجبال
|
37- وحفر الآبار في مجازات الجبال
|
38- وعبر البحر المحيط ،إلى حيث مطلع الشمس
|
39- لقد جاب جهات العالم الأربع، وهو الذي سعى لينال الحياة الخالدة
|
40- وبجهده استطاع إن يصل إلى (( اوتو-نبشتم ))، القاضي
|
41- (وأعاد الأحياء ؟ ) التي دمرها الطوفان
|
42- ……
|
43- من ذا الذي يضارعه في الملوكية ؟
|
44- من غير كلكامش من يستطيع أن يقول :أنا الملك
|
45- ومن غيره من سمي جلجامش ساعة ولادته .
|
46- ثلثاه اتله ، وثلثه الباقي بشر
|
47- لقد صممت هيئة جسمه الآلهة العظيمة
|
48- 52 ( مشوهة لا يمكن ترجمتها )
|
العمود الثاني :
|
بعد إن خلق جلجامش وأحسن الإله العظيم خلقه
|
حباه ( شمش )السماوي بالحسن وخصه ( ادد) بالبطولة
|
جعل الآلهة العظام صورة جلجامش تامة كاملة
|
كان طوله احد عشر ذراعا وعرض صدره تسعة أشبار
|
ثلثاه اله وثلثه الآخر بشر
|
وهيئة جسمه مخيفة كالثور الوحشي
|
وفتك سلاحه لا يضاهيه ويصده شيء
|
وعلى ضربات الطبل تستيقظ رعيته
|
لازم أبطال (( أوروك )) حجراتهم ناقمين مكفهرين
|
لم يترك (( جلجامش )) ابنا طليقاً لأبيه
|
لم تنقطع مظالمه عن الناس ليل نهار
|
أهذا (( جلجامش )) راعي (( أوردك )) المسورة ؟
|
أهو راعينا القوي، الكامل الجمال والحكمة
|
لم يترك جلجامش عذراء طليقة لامها
|
ولا ابنة المقاتل ولا خطيبة البطل .
|
وأخيراً أستمع الآلهة إلى شكاتهم واستغاثتهم
|
فأستدعى الآلهة السماء رب((أوردك)) وقالوا له:
|
ألم تخلق(( اورورو )) هذا الثور الوحشي الجبار !
|
الذي لا يضاهي فتك أسلحته سلاح أخر
|
والذي تستيقظ رعيته على ضربات الطبل
|
جلجامش الذي لم يترك ابناً طليقاً لأبيه
|
وما فتئ يضطهد الناس بمظالمه ليل نهار
|
هو راعي (( اوروك )) المحصنة .
|
هو راعيهم وهو قوي وجميل وحكيم
|
أن جلجامش لم يترك عذراء لأمها
|
ولا ابنة المقاتل ولا خطيبة البطل
|
استمع الإله ((آنو)) إلى شكواهم
|
ودعوا (( اورورو )) العظيمة وقال لها :
|
يا (( اورورو )) أنت التي خلقت هذا الرجل .
|
فاخلقي الآن غريماًُ له
|
وليكن مضاهياً له في قوة اللب والعزم
|
وليكونا في صراع مستديم ، لتنال (( أوروك )) الراحة والسلام .
|
حالما سمعت ((اورورو )) ذلك غسلت يديها
|
تصورت في لبها صورة لأنو
|
وغسلت ((اورورو)) يديها
|
وأخذت قبضة من طين ورمتها بالبرية
|
وفي البرية خلقت(( انكيدو )) القوي،
|
نسل (( ننورتا ))
|
يكسو جسمه الشعر الكث
|
وشعر رأسه كشعر المرآة
|
ونمت فروع شعر رأسه جدائل كشعر (( نصابا ))
|
لا يعرف الناس ولا البلاد
|
ويلبس لباس مثل (( أسموقان ))
|
ومع الظباء يأكل العشب
|
ويتدافع مع الوحش عند مساق الماء
|
ويسر قلبه مع الحيوان عند موارد الماء
|
( وحدث ) أن صياداً قانصاً التقى به عند مورد الماء
|
وأبصره يوماً ثانياً وثالثاً عند مسقى الماء
|
ولما رآه الصياد شلّ وامتقع وجهه من الخوف
|
فدخل هو ووحوشه إلى بيته
|
وهو لا يزال مشلولا مذعوراً
|
أضطرب قلبه، وامتقع وجهه
|
حل بقلبه الرعب وصار وجهه كمن جاء من سفر بعيد
|
العمود الثالث
|
( جاء ) الصياد إلى أبيه وفتح فاه وقال له :
|
(( يأبي ! رأيت رجلاً عجيباً قد انحدر من التلال ))
|
أنه أقوى من في البلاد ، وذو بأس شديد
|
وهو في شدة بأسه وقوته مثل عزم (( آنو ))
|
أنه يجوب التلال
|
يرعى الكلأ مع حيوان البر
|
ويسقى معها عند ورود الماء
|
لقد ذعرتُ منه فلم أقوى على الاقتراب منه
|
ملأ أوجارى التي حفرت
|
وقطع شباكي التي نصبت
|
فجعل الصيد وحيوان البر تفر من يدي
|
وحرمني من صيد البر
|
ففتح أبوه فاه وخاطب الصياد أبنه قائلاً :-
|
(( يابني ! يعيش في (( أوروك )) جلجامش
|
الذي لامثيل له في البأس والقوة
|
وهو في شدة بأسه مثل عزم (( آنو ))
|
فأذهب إلى ((أوروك )) ، وول وجهك شطرها
|
وأنبيء جلجامش عن بأس هذا الرجل
|
وليعطك بغيا مومساً تصحبها معك أيها الصياد
|
دعها تسيطر عليه وتروضه
|
وحينما يأتي ليستقي مع الحيوان من مورد الماء
|
دعها تخلع ثيابها وتكشف عن عورتها ومفاتن جسمها
|
فحالما يراها فأنه سيقترب منها وينجذب إليها .
|
وعندئذ ستنكره حيواناته التي ربيت معه في البرية ))
|
لقد أرهف السمع ووعى مشورة أبيه
|
وقصد الصياد جلجامش
|
أغذّ السير في الطريق وأستقر به المقام في ((أوروك ))
|
مثل أمام جلجامش وخاطبه قائلاً :-
|
(( هناك رجل عجيب أنحدر من التلال
|
أنه أقوى من في البلاد ،وذو بأس شديد
|
وهو في شدة بأسه وقوته مثل عزم (( آنو))
|
أنه يجوب البراري ويأكل العشب
|
ويرعي الكلأ مع حيوان البر ويستقي معها عند مورد الماء
|
لقد ذعرت منه فلم أقوَ على الاقتراب منه
|
لقد ملأ الاوجار التي حفرتها
|
ومزق شباك التي نصب
|
فجعل الصيد وحيوان البر تفر من يدي
|
لقد حرمني من القنص في البرية )).
|
فقال جلجامش له ، قال للصياد :-
|
(( أنطلق يا صيادي وأصطحب معك بغيا مومساً ))
|
وحينما يأتي إلى مورد الماء ليسقي الحيوان
|
دعها تخلع ثيابها وتكشف عن مفاتن جسمها وعورتها
|
فإذا ما رآها أقترب منها وانجذب إليها
|
وعندئذ ستنكره حيواناته التي ربيت معه في البرية ))
|
فانطلق الصياد وأصطحب معه البغي (( المومس ))
|
شرعا بالسفر وسارا قدماً في الطريق
|
وفي اليوم الثالث بلغاً الموضع المقصود
|
جلس الصياد والبغي في ذلك المكان ومكثا فيه .
|
ومكثا يوماً ويوماً ثانياً عند مسقى الماء
|
جاء حيوان البر إلى المورد ليسقي الماء
|
العمود الرابع
|
قصدت وحوش البر الماء ففرحت وسرت قلوبها
|
أما (( انكيدو )) الذي كان مولده في التلال
|
والذي يأكل العشب مع الظباء ، ويرد الماء مع الحيوان
|
ويفرح لبه مع حيوان البر عند مسقى الماء
|
فان البغي رأته، رأت الرجل الوحش
|
أبصرت البغي المارد ، الآتي من قلب الصحاري
|
( فأسر إليها الصياد ) : هذا هو أيها البغي فاكشفي عن نهديك
|
اكشفي عن عورتك لينال من مفاتن جسمك
|
لا تحجمي ، بل راوديه وابعثي فيه الهيام
|
فانه متى ما رآك انجذب إليك
|
انضى عنك ثيابك ليقع عليك
|
علمي الوحش الغر فن ( وظيفة ) المرأة
|
ستنكره حيواناته التي ربيت معه في صحرائه
|
إذا حفي بك وانعطف بحبه إليك
|
فأسفرت البغي عن نهديها وكشفت عن عورتها
|
فتمتع بمفاتن جسمها
|
لم تحجم بل راودته وبعثت فيه الشوق
|
نضت عنها ثيابها فوقع عليها
|
وعلمت الوحش الغر فن المرأة
|
فانجذب إليها وتعلق بها
|
لبث (( انكيدو )) يتصل بالبغي ستة أيام وسبع ليال
|
وبعد إن شبع من مفاتنها
|
وجه وجهه إلى ألفه من حيوان الصحراء
|
فما أن رأت الظباء (( انكيدو )) حتى ولت عنه هاربة
|
وهربت من قربه وحوش الصحراء
|
ذعر (( انكيدو )) ووهنت قواه
|
خذلته ركبتاه لما أراد اللحاق بحيواناته
|
أضحى انكيدو خائر القوى لا يطيق العدو كما كان يفعل من قبل
|
ولكنه صار فطنا واسع الحس والفهم
|
رجع وقعد عند قدمي البغي
|
وصار يطيل النظر إلى وجهها
|
ولما كلمته أصاخ بأذنيه إليها
|
كلمت البغي انكيدو وقالت له :
|
(( صرت تحوز على الحكمة يا انكيدو وأصبحت مثل إله
|
فعلام تجول في الصحراء مع الحيوان ؟
|
تعال آخذك إلى ((أوروك )) ، ذات الأسوار
|
إلى ((البيت )) المقدس ، مسكن (( آنو )) و(( عشتار))
|
حيث يعيش جلجامش الكامل الحول والقوة
|
المتسلط على الناس كالثور الوحشي ))
|
ولما كلمته تقبل منها قولها
|
وفرح قلبه لأنه كان ينشد صاحبا له
|
فأجاب (( أنكيدو )) البغي وقال لها :
|
(( هلمي أيتها البغي ، خذيني إلى (( البيت)) الطاهر ، مسكن آنو وعشتار
|
حيث يحكم جلجامش الكامل الحول والقوة
|
والمتسلط على الناس كالثور الوحشي
|
وأنا سأتحداه وأغلظ له في القول
|
العمود الخامس
|
سأصرخ في قلب ((أوروك أنا الأقوى
|
أجل !أنا الذي سأبدل المصائر
|
أن الذي ولد في الصحراء هو الأشد والأقوى
|
(فقالت البغي ) : (( هلم نذهب كي يرى وجهك
|
سأدلك على جلجامش ، فأنا أعلم أين هو
|
أجل ! تعال يا ((انكيدو)) إلى أوروك ، المحصنة
|
حيث يلبس الناس أبهى الحلل
|
وفي كل يوم تقام الأفراح كالعيد
|
حيث … غلمان … الآسنو …
|
والفتيات … الحسان ؟
|
…. ينفح منهم العطر والطيب
|
اللواتي أخرجن العظماء من مضاجعهم ؟
|
وأنت يا أنكيدو الذي تنشد البهجة في العيش
|
سأريك جلجامش المبتهج بالحياة
|
وعليك أن تنظر إليه وتفترس في وجهه
|
وستلقاه مزهوا برجولته وبأسه
|
وتحليَ جسمه المباهج والمفاتن
|
أنه أشد بأساً منك ، وهو لا يستقر مساء نهار
|
فيا انكيدو خل عنك غلواءك وتبجحك
|
إن جلجامش يرعاه ((شمش)) ويحبه
|
وحباه (( آنو)) و((انليل )) و((اِيا ))((بالفهم الواسع ))
|
وقبل أن تأتي من الصحراء
|
سيراك جلجامش في الرؤى وهو في ((أوروك))
|
وفعلا استيقظ جلجامش في تلك اللحظة
|
وأخذ يقص على أمه رؤياه قائلا لها :
|
(( يا أمي لقد رأيت الليلة الماضية حلما
|
رأيت أني أسير مختالا بين الأبطال
|
فظهرت كواكب السماء
|
وقد سقط أحدها إلى وكأنه شهاب السماء ((آنو))
|
أردت أن أرفعه ولكنه ثقل علي
|
وأردت أن أزحزحة فلم أستطع أن أحركه
|
تجمع حوله أهل بلاد (( أوروك))
|
ازدحم الناس حوله وتدافعوا عليه
|
واجتمع عليه الأبطال
|
وقبل أصحابي قدميه ….
|
أحببته وانحنيت كما أنحني على امرأة
|
ورفعته ووضعته عند قدميك
|
فجعلته نظيرا لي )) .
|
فأجابت جلجامش أمه البصيرة العارفة وقالت له :
|
قالت : (( ننسون )) العارفة بكل شيء لجلجامش :
|
(( إن رؤيتك نظيرك كوكب السماء
|
والذي سقط إليك وكأنه شهاب سماء (آنو)
|
والذي أردت أن ترفعه فثقل عليك
|
والذي أردت أن تزحزحه فلم تستطع
|
وأحببته وانحنيت عليه كما تنحني على امرأة
|
والذي وضعته عند قدمي
|
فجعلته أنا نظيرا لك
|
انه صاحب قوي ، يعين الصديق (عند الضيق ) سيأتي إليك
|
أنه أقوى من في البلاد وذو عزم شديد
|
وعزمه مثل عزم (( آنو )) وذو بأس شديد
|
وأما أنك أحببته فأنحيت عليه كما تنحني على امرأة
|
فمعناه انه سيلازمك ولن يتخلى عنك
|
وهذا هو تفسير رؤياك )) .
|
ثم قص جلجامش على أمه حلما ثانيا وقال :
|
يا أمي رأيت رؤيا ثانية
|
في (( أوروك )) المحصنة رأيت فأسا مطروحة
|
تجمع أهل أوروك عندها وازدحم الناس حولها
|
أجبتها وانحنيت عليها كأنها امرأة
|
ثم وضعتها عند قدميها أنت نظيرا لي ))
|
فقالت أم جلجامش الحكيمة المحبوبة لأبنها
|
قالت ننسون الحكيمة البصيرة لجلجامش :-
|
(( إن الفأس التي رأيت رجل
|
وأما أنك أحببتها وانحنيت عليها كما تنحني على امرأة
|
والتي سأجعلها أنا نظيرا لك
|
فتعتبره انه صاحب قوي يعين الصديق سيأتي إليك
|
انه أقوى من في البلاد وذو عزم شديد
|
وهو في شدة بأسه مثل عزم (( آنو ))
|
ففتح جلجامش فاه وقال مخاطبا أمه :
|
(( عسى أن يتحقق هذا الفأل بمشيئة انليل العظيم
|
فيكون لي صاحب وصديق ناصح
|
وسأكون له صاحبا وصديقا وفيا
|
وحينما كان جلجامش يستفسر عن رؤياه الثانية
|
كانت البغي تحادث أنكيدو وهو جالس قدامها
|
وكان الاثنان يمارسان الهوى وملذته
|
لقد نسي أنكيدو المكان الذي ولد فيه في البراري
|
ولبث (( أنكيدو )) يجامع البغي ستة أيام وسبع ليال
|
ثم كلمت البغي (( أنكيدو )) وقالت له :
|
(( كلما نظرت إليك يا (( أنكيدو )) بدوت لي مثل إِله
|
فعلام تجول في الصحراء وترعى مع الحيوان
|
تعال أقدك إلى (( أوروك )) الأسواق
|
إلى البيت المقدس مسكن (( آنو ))
|
أنهض يا (( انكيدو )) لآخذ بيدك إلى (( اِى أنا )) ، مسكن (( آنو ))
|
إلى حيث جلجامش المكتمل القوة والفعال
|
وأنت ستحبه كما تحب نفسك
|
فهيا وانهض من على الأرض ، فراش راعي ))
|
لقد سمع كلامها وتقبل قولها
|
وقع النصح المرأة في لبه موقع الرضا
|
ثم شقت ثوبها شقين ، ألبسته بواحد منهما واكتست بالثاني
|
وأمسكت به من يده وقادته كما يقاد الطفل
|
أخذته إلى كوخ الرعاة ، إلى موضع الحظائر
|
فتجمع الرعاة حوله
|
العمود الثالث
|
ربى على رضاع لبن الحيوانات البرية
|
ولما وضعوا أمامه طعاماً تحير واضطرب ،
|
وصار يطيل النظر إليه
|
اجل لا يعرف (( انكيدو )) كيف يؤكل الخبز
|
لأنه شب على رضاع لبن حيوان البر
|
ولم يعرف كيف يؤكل الخبز
|
ولا كيف يشرب الشراب القوي
|
فتحت البغي فاها وخاطبت ((انكيدو )) :
|
(( كل الطعام يا انكيدو ، فإنها سنة الحياة
|
وأشرب من الشراب القوي ، فهذه عادة البلاد ))
|
فأكل انكيدو من الطعام حتى شبع
|
وشرب من الشراب القوي سبة أقداح
|
فانطلقت روحه وانشرح صدره وطرب لبه ونور وجهه
|
نظف جسده المشعر ومسحه بالزيت
|
وأضحى إنسانا ، لبس اللباس وصار كالعريس
|
اخذ سلاحه وأنطلق يطارد الأسود ليريح الرعاة في المساء
|
اصطاد الذئاب وقهر الأسود
|
فاستطاع الرعاة أن يهجعوا في الليل مطمئنين
|
صار انكيدو حارسهم وناصرهم
|
انه الرجل القوي والبطل الأوحد
|
العمود الرابع :
|
. . . . . . . . .
|
لقد سر ( أنكدو ) وأقام الأفراح
|
ولما أن رفع عينيه أبصر رجلا
|
فقال للبغي آتني بالرجل يابغي
|
فعلام جاء إلى هنا ؟
|
دعيني أعرف اسمه
|
نادت البغي على الرجل ،
|
فجاء إليه ورآه فقال له :
|
علام أنت مسرع أيها الرجل ؟
|
وعلام عانيت هذا السفر الشاق ؟
|
ففتح الرجل فاه وقال لـ (( أنكيدو ))
|
لقد اقتحم (( بيت الاجتماع ))
|
الذي خصص لتقدير مصائر الناس والأعراس .؟
|
لقد أحل في المدينة العار والدنس
|
وفرض على المدينة المنكودة المنكرات وأعمال السخرة
|
لقد خصصوا الطبل إلى الملك (( أوروك )) ذات الأسواق
|
ليختار على صوته العروس التي يشتهيها ؟
|
إلى جلجامش ، ملك أوروك ، ذات الأسواق
|
يخصصون الطبل ليختار العرائس قبل أزواجهن
|
فيكون هو العريس الأول قبل زوجها
|
(وهم يقولون ) : لقد أراد الآلة هذا الأمر
|
وقدروه له منذ إن قطع حبله سرته ))
|
ولما فاه الرجل بهذا القول امتقع وجه (( انكيدو ))
|
. . . . . . . .
|
العمود الخامس :
|
سار انكيدو إلى الإمام وخله البغي
|
ولما دخل (( أوروك )) ، ذات الأسواق الواسعة
|
تجمع الناس حوله
|
حين وقف في شارع (( أوروك)) ذات الأسواق
|
تجمهر الناس حوله وقالوا عنه :
|
انه مثيل لجلجامش في البنية
|
ولكنه أقصر قامة وأقوى عظما
|
انه أقوى من في البلاد ، وذو بأس شديد
|
لقد رضع لبن حيوان البر في البادية
|
وفي ((أوروك )) لن تنقطع قعقعة السلاح
|
فرح الأبطال وهللوا قائلين :-
|
لقد ظهر بطل ند وكفؤ للبطل الجميل
|
أجل ظهر الفراش لجلجامش ، الشبيه بالإله ، نظيره ومثيله
|
ولما هيأ الفراش لـ (( اشخارا ))
|
واقترب جلجامش ليتصل بالإلهة مساء
|
وقد ((انكيدو )) في الدرب يسد الطريق في وجهه
|
العمود السادس :
|
. . . . . . . (نقص من نحو 13 سطرا)
|
أي جلجامش ((انكيدو )) الهائج
|
الذي ولد في البادية ويجلل رأسه الشعر الطويل
|
فانقض عليه وهاجمه
|
تلاقيا في موضع سوق البلاد
|
سد (( انكيدو )) الباب بقدميه
|
ومنع جلجامش من الدخول
|
امسك أحدهما بالآخر وهما متمرسان (بالصراع)
|
وتصارعا وخارا خوار ثورين وحشيين
|
حطما عمود الباب وارتج الجدار
|
وحينما أنثنى جلجامش ركبته وقدمه ثابتة في الأرض (ليرفع انكيدو)
|
واستدار ليمضي
|
هدأت سورة غضبه
|
كلمه ((انكيدو )) وقال له:-
|
((انك الرجل الأوحد ، أنت الذي ولدتك أمك ))
|
ولدتك أمك ((ننسونا )) ، البقرة الوحشية المقدسة
|
ورفع (( انليل )) رأسك عاليا على الناس
|
وقدر إليك الملوكية على البشر ))
|