ندرك تمام الادراك ان العواطف والمشاعر في هذه الاثناء جياشه وندرك ان عاصفة الغضب والحزن ستمر بعد حين ومن ثم ستُطرح الاسئله باكثر عمقا وترويا حول من هو المسؤول الحقيقي عن نهايه معاذ الكساسبه المأساويه لكننا قبل هذا وذاك نؤكد على اننا نعارض عقوبة الاعدام بكل اشكالها وطرق تنفيذها وما بالك لو كانت هذه الطرق بهذه الهمجيه والساديه التي قتل فيها الصحافي الياباني والطيار الاردني الذي أحرق حيا لسادية وهمجية في نفس يعقوب وليس كعقابا لمشاركته في الحرب على تنظيم " الدوله" وعليه ترتب القول انه لايمكن تبرير وتمرير هذه الجرائم الساديه باي شكل من الاشكال ,لا اخلاقيا ولا دينيا ولا حتى في ظروف ضرورة الحروب لان الاسير في عرف الاديان السماويه والقوانين الدوليه يجب ان يحظى بمعامله انسانيه واخلاقيه لانه في نهاية المسار اسير لا حول ولا قوه له وقع في الاسر خلال القتال بين الاطراف المتحاربه. وعندما نتحدث هنا عن حالة معاذ الكساسبه علينا ان نفرق بين العواطف والمواقف وفيما يتعلق بالعواطف تمنيت شخصيا كما تمنى الكثيرون ان يستجيب " التنظيم" لنداءات والدي معاذ واهله وان لا يقدم على قتله وان تخرج صفقة التبادل الى حيز التنفيذ ويعود معاذ الى احضان اهله وعائلته وان تكون عودته منطلق لنقاش شعبي عن جدوى مشاركة النظام الاردني والانظمه العربيه في حروب امريكا التي تُشَّن تحت هذا المسوغ او ذاك المسمى..
ما يتعلق بالمواقف وبعيد عن الشحن العاطفي وسيكولوجية استغلال الاحداث لشحن وتحشيد الناس والشعوب فلابد من الاعتراف بحقيقه شبه دامغه وهي ان الطيار الاردني كان طيارا مقاتلا قام بقصف " اعداءه" ووقع في الاسر على ارض المعركه وهذه الحقيقه وامكانيه الاسر او القتل يعرفها اي جندي او ضابط في اي جيش من جيوش العالم ,بمعنى امكانية ان يُقتل الجندي او يجرح او يُؤسر من قبل خصمه وما جرى ضبطا هو ان الكساسبه كان طيارا مقاتلا أُسقطت طائرته اثناء تنفيذه مهمه قتاليه ووقع في الاسر وهذا ما لايجب ان يختلف عليه احدا ونظن جازمين ان الاختلاف يكمن في كيفية تعامل الاخر مع الاسير ومجرى الاحداث فيما بعد حتى النهايه المأساويه واللا إنسانيه التي انتهت بها قضية اسر الكساسبه ؟!
من هنا لابد لنا من توضيح اشكالية المسؤوليه عن مقتل الشاب معاذ الكساسبه وحتى لوبدا للعين المجرده ان المسؤول هو تنظيم " الدوله" والحقيقه الصادمه هي ان المسؤول الرئيسي والاول عن مقتل الكساسبه بهذه الطريقه البشعه هو النظام الاردني والانظمه العربيه التي تشارك امريكا في الحرب على ماتسميه الاخيره ب " الارهاب" الوصفة والحجه الجاهزه لكل اشكال العدوان اللتي تشنها امريكا على العالمين العربي والاسلامي ونحن هنا بالفعل امام حاله كمن " يقتل القتيل ويسير في جنا زته" لان امريكا ببساطه هي صانعة الارهاب الاولى عالميا بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص الذي تعرض الى دمار شامل وكامل كانت وما زالت مسبباته الرئيسيه تكمن في الغزو الامريكي واحتلاله للعراق عام 2003 من جهه ومشاركة الانظمه العربيه العميله في غزو وإحتلال هذا البلد العربي من جهه ثانيه وبالتالي ماجرى بعد عام 2003 ومرورا بالثورات "العربيه" وحتى يومنا هذا هو بزوغ ونشأة عدد لا يحصى من التنظيمات والميليشيات من بينها الطائفيه والجهاديه ومن بينها مجهولة الهويه والمرجعيه وصنيعة المخابرات الامريكيه والعربيه....تلاطمت مأساة بلاد الرافدين مع كارثة بلاد الشام لتخلفا اكبر كارثه تاريخيه عرفها العالم العربي ومن رحم هذه الكارثه خرج تنظيم " الدوله" المحسوب على السنه لكنه ليس الوحيد حيث تعج العراق وسوريا بميليشيات شيعيه طائفيه لاتقل خطوره عن تنظيم الدوله وعندما نتحدث هنا بلغة ودرجة " الخطوره" فنحن نقتبس اللغه الاعلاميه العربيه الرسميه واللغه الاعلاميه الامريكيه والامبرياليه الغربيه التي تتحدث عن " الارهاب" وتترك اسبابه وهي لغه تضليليه لا تمت للحقيقه باي صله والاسئله المطروحه : من قتل وشرد ملايين البشرفي سوريا والعراق؟؟ومن هو الذي دمر ليبيا واليمن واجج الصراع الدموي في مصر ومن الذي اوصل العالم العربي الى هذه الحاله؟ وفي المحصله:من قتل معاذ الكساسبه؟؟
لا تعكس وحشيه عملية اعدام الكساسبه سوى افلاس اخلاقي وسياسي لمنفذي هذه العمليه لكنها في الوقت نفسه تطرح اسئله جوهريه حول من الذي اوصل معاذ الى الايادي التي احرقته حيا؟ والجواب هنا شبه واضح وهو النظام الاردني الذي يشارك امريكا في حروبها على العرب ظالمه او مظلومه بمعنى ان النظام الاردني يتبع منظومة انظمه عربيه تابعه لامريكا وخاضعه لتوجهات السياسه الامريكيه في المنطقه العربيه وهذا النظام مثله مثل النظام السعودي الذي شارك امريكا ودعمها في عملية احتلال العراق من جهه وزرع الخراب والدمار في سوريا من جهه ثانيه وبالتالي فل يكف اعلام النظام الاردني والاعلام العربي الرسمي من استغلال حدث الكساسبه لتحشيد الشعوب وتجنيدها لخوض معارك لا ناقه ولا جمل لها فيها فهي معارك امريكيه امبرياليه لها اهدافها واجندتها لابل ان امريكا ومعها الانظمه العربيه العميله كانت وما زالت المسبب الاول والاساسي في مقتل الكساسبه ومقتل وتشريد ملايين العرب في العراق وسوريا والان تجر العرب مرة اخرى وتضعهم في بوز المدفع في مواجهة تنظيم الدوله وهذا التنظيم سواء كان على خطأ اوصحيح فهو كما يبدو يحظى بحاضنه جماهيريه وبمؤيدين في العالمين الاسلامي والعربي والعالم ككل..ببساطه امريكا زجت بجيوش الانظمه العربيه وبالبشمرقه الكرديه لمواجهة تنظيمات جهاديه كانت امريكا نفسها سبب في نشأتها وترعرعها في العالم العربي والمحصله ان الضحايا والقتلى كلهم عرب ومسلمون سواء كانوا عربا او كردا او شيعه او سنه او مسلمين او مسيجيين .. كل الذين قتلوا او شردوا او ذبحوا في الرقه وكوباني وحلب وبغداد والانبار وفي جميع المناطق السوريه والعراقيه هم من العرب والمسلمون وغيرهم من شعوب وطوائف هذه المنطقه.. لاننسى طبعا الذبح والتشريد الجاري في فلسطين منذ عقود من الاحتلال والتنكيل بالشعب الفلسطيني الذي مارسه ويمارسه الاحتلال الاسرائيلي بدعم مطلق من امريكا والغرب وبصمت من قبل جامعة الانظمه العربيه العميله...!!
لايمكن القفز عن حقيقة ماجرى بعد انطلاقة الحراكات العربيه منذ عدة اعوام ومن بينها سوريا وهذه الحراكات المطالبه بالتغيير والديموقراطيه بعثت الخوف في قلوب الانظمه العربيه الرجعيه وعلى راسها النظام السعودي الذي قاد الثورات العربيه المضاده خوفا على عرشه وخوفا من هبوب رياح التغيير على مملكة ال سعود ودويلات الخليج والنتيجه كانت فوضى عارمه في سوريا والعراق وفوضى جاريه وقادمه في كل من اليمن ومصر وعن الجاري في ليبيا فحدث بلا حرج وبالتالي ماجرى في سوريا هو ان المخابرات الغربيه والعربيه لم تسمح بعبور المجاهدين عبر تركيا وغيرها الى سوريه فحسب لابل ساهمت في تسليح الكثير من الميليشيات التي تشكلت في سوريا ومن بينها تنظيم " الدوله" الذي خرج لاحقا عن السيطره واصبح يهدد مصالح امريكا وحلفاءها العرب والاقليميين ولهذا تشكل ما يسمى بالتحالف الغربي العربي لمحاربة تنظيم " الدوله" دون غيره وغيره هذه تعني الميليشيات الطائفيه التابعه والداعمه لكل من النظام السوري والنظام العراقي.. الميليشيات الطائفيه الاخرى ترتكب جرائم ومجا زر في سوريه والعراق بقدر مجا زر داعش واكثر ومع كل هذا لا تستهدفها طائرات التحالف..ثمانية اعوام من حكم المالكي الطائفي والدموي في العراق لم توخز ضمير امريكا والنظامين السعودي والاردني ولكن عندما تعلق الامر بتنظيم " الدوله" تغيرت الاحوال وصار لها اكثر من مكيال ومعيار..صارت القضيه قضيه وجود بدون حدود لمحاربة ما يسمى ب" الارهاب"...يصنعون البعبع ويروجون لمحاربته والنتيجه والمحصله قتل ودمار وخراب في البلاد العربيه...الحقيقه الماساويه ان اكثرية من يقتلون في المعارك الدائره بين الاطراف المتحاربه هم في المحصله عرب ومسلمين ومن بينهم الشاب معاذ الكساسبه....مفارقة ان ان تكون البلدان والشعوب العربيه حطب لنيران الحروب الامريكيه والرجعيه العربيه...مفارقة عقيدة الجيوش العربيه النظاميه اللتي لاتعتبر اسرائيل عدوا ولا احتلال فلسطين احتلالا...عقيدة حماية النظام والعمل كمرتزقه لصالح امريكا والغرب!؟
نعتقد ان اكثرية الشعوب العربيه لا تتفق مع وحشية قتل الكساسبه او غيره ولا تتفق مع نهج تنظيم الدوله, لكن السؤال المطروح :من اوصلنا الى هذه الحاله الصعبه والانفصاميه ؟؟ ولماذا يشارك مثلا النظام الاردني في الحرب على تنظيم " الدوله"؟...الجواب : اللذي اوصلنا الى هذه الحال هو جورج بوش وحلفاءه من الانظمه العربيه وعلى راسها النظام السعودي الذي يزعم اليوم انه يحارب الارهاب وهو صانعه ومصنعه في العراق وسوريا..النظام الاردني يشارك في الحرب ضد "داعش" مدفوعا من قبل امريكا والنظام السعودي الذي يقدم المساعدات الماليه للاردن..نظام اردني تابع لامريكا ومكبل باغلال الديون والمساعدات الخليجيه والامريكيه...هذا النظام هو اللذي ارسل الكساسبه الى المعركه والى الميدان واوصله الى هذه النهايه المأساويه ولا بد هنا للتنويه ان الذبح والحرق قد رافق التاريخ البشري والحروب عبر العصور وداعش ليست الاولى التي طبقت هذا الاسلوب السادي والهمجي وعن جرائم امريكا وقتلها الناس في العراق وافغانستان وفيتنام في ستينات القرن الماضي فحدث بلا حرج..امريكا استعملت الغاز السام والمواد الكيماويه " الاورانج" ودمرت الشجر والبشر ولوثت مناطق واسعه في فيتنام حتى يومنا هذا والامر نفسه حدث في العراق وافغانستان..
ننوه ايضا الى حقيقه تاريخيه وهي ان الجيش الامريكي زحف لاحتلال العراق عام 2003 من الكويت والسعوديه والطائرات الامريكيه التي دكت بغداد والعراق انطلقت من السعوديه وقطر وتركيا والطائرات الامريكيه بدون طيار ومع طيار التي تضرب اليوم مناطق كثيره في العالم العربي ومن بينها مواقع تنظيم الدوله تنطلق ايضا من قواعد امريكيه في السعوديه والخليج وقواعد امريكيه في الاردن وتركيا والمفارقه ان هذه الدول تزعم الدفاع عن " السنه" في الوقت التي تشارك فيه امريكا في الحرب على العرب السنه بحجة محاربة الارهاب وداعش والسؤال المطروح : هل كان هنالك تنظيم "داعش" عندما حاصرت السعوديه ودول مجلس التعاون العراق من عام 1990 وحتى عام 2003 وساهمت في قتل مليون طفل عراقي بسبب الحصار ونقص الغذاء والادويه ومن ثم ساهمت ودعمت الاحتلال الامريكي عام 2003 وهو الاحتلال الذي تعاني من تداعياته منطقة المشرق العربي حتى يومنا هذا...منابع الارهاب موجوده في قصور الانظمه العربيه والمطلوب تجفيف هذه المنابع اولا ومن ثم ننطلق لمعالجة روافد هذه المنابع...سمعنا عبر التاريخ كثير من المسميات من بينها دول المحور العربي المعتدل ودول الطوق وغيرها من مسميات,لكن الحقيقه انها جميعا دول المدوَّر الامريكي التابعه لامريكا والمدوَّر من لا يعرفونه هو دائره معدنيه مثبته في مرابط الخيل حتى تدور حول مربطها ولا تبرح مكانها بعيدا.. الانظمه العربيه المشاركه في ما يسمى بالتحالف الدولي تدور في فلك امريكا ولا تبرحه والمفارقه ان هذه الانظمه لاترسل طائراتها الى فلسطين او لنصرة الشعوب العربيه لابل ترسلها للحرب جنبا الى جنب مع الطائرات الامريكيه اللتي تقصف الشعوب والدول العربيه..!!
ناسف كثيرا لقتل الشاب معاذ الكساسبه بهذه الطريقه البشعه وتعازينا لاهله وذويه ووالديه خاصه وكٌنا نتمنى ان تنتهي مأساة هذا الشاب واهله عبر تبادل الاسرى وتكون النهايه عبره لمن يعتبر, لكن الامور ذهبت الى نهايتها الماساويه بإعدام الكساسبه حرقا ومن ثم اعدام الاردن لساجده الريشاوي والكربولي ردا على اعدام الطيار الاردني والرابح في النهايه هو امريكا والنظام الاردني الذي يستغل القضيه اعلاميا لحشد الشارع الاردني خلفه في حربه بالوكاله ضد داعش.....داعش نفذت حكم اعدام بربري بحق الكساسبه لكن المسؤول مسؤوليه مباشره عن هذه النهايه المأساويه هو النظام الاردني ودول المدور الامريكي... دول المدوَّر... من قتل معاذ الكساسبه؟!.... الجواب على هذا السؤال نتركه لمساحة حك المخ العربي والبشري بشكل عام؟!!
إضافة تعليق جديد