آخر الأخبار

في يومه العالمي: داء السّكري... عربي بامتياز

          تجاوز عدد المصابين بداء السكري 400 مليون شخص وهو من أخطر الأمراض المزمنة، إن لم يُكشف ويُعالج بشكلٍ مبكّر يؤدّي إلى مضاعفات عديدة تثقل كاهل الفرد والأسرة والمجتمع، وتدلُّ الأرقام على أن داء السّكري آخذ في الازدياد والانتشار، بشكل وبائي لم يسبق له مثيل خاصة عند وجود عوامل وراثية مساعدة وهو أمر دعا الجهات الصحية المعنية على المستويين المحلّي والدولي إلى وضع البرامج المكثفة من أجل معالجته وتدبيره، ومن ثم منع المضاعفات العديدة التي قد تنجم عنه.

          تفيد دراسات الاتحاد العالمي لمرض السكري أن ست دول عربية تتربع على قائمة البلدان العشر الأكثر إصابة بهذا الداء على مستوى العالم في المرحلة العمرية بين 20-79  سنة. تأتي مملكة النرويج في المرتبة الأولى في العالم إذ يعاني أكثر من ثلث سكانها من هذا المرض الخطير الصامت، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة تزيد عن ربع سكانها، ثم المملكة العربية السعودية بنسبة 17% فالبحرين 15%، فالكويت بنفس النسبة تقريباً، فسلطنة عمان بنسبة 13%، فجمهورية مصر العربية بنسبة 11% في الموقع العاشر عالمياً، وقريباً من ذلك عدد آخر من الدول العربية، وهكذا يمكن القول أن كل الدول الخليجية بشكل خاص تعاني ارتفاعاً هائلاً ومخيفاً.

مرض مزمن خادع:

          يمتد إلى سنوات طويلة دون أن يعاني المصاب به شيئا، الأمر الذي قد يدفعه إلى عدم الالتزام بتوصيات الأطباء، ومن ثم إهمال المعالجة والحمية الخاصتين، ونظرا لأن هذا المرض يهم جميع أفراد المجتمع وذويهم، يلعب الإعلام دورا كبيراً في التوعية بهذا المرض، وهكذا تتجه الدول إلى إدراج مواضيع تتعلق بالأسباب، والوقاية والعلاج وغير ذلك في العديد من الفعاليات المجتمعية المختلفة، لاسيما المدارس، من أجل توعية الطلاب أنفسهم، وتعزيز إسهاماتهم في توعية المجتمع بشكل عام، وتبصيرهم بحاجات وحقوق الأشخاص المرضى التي تتضمن التوعية والكشف المبكر والعلاج والمتابعة والتأهيل.

          يزيد داء السكري أعداد مرضى القلب والجلطة الدماغية، وهو من أهم أسباب العمى أو كف البصر لما يسببه من إعتلال تدريجي في شبكية العين، كما أنه من الأسباب الرئيسة لحالات بتر الساقين والقصور أو الفشل الكلوي. هذا، ويبلغ ما ينفقه مجتمع ما لعلاج حالات داء السّكري بين أبنائه نحو 10 % من مجمل الموازنة الصحّية لهذا المجتمع الأمر الذي يبين حجم الأعباء الثقيلة التي يلقيها على كاهل المجتمع.

نمط العيش الصحي 2014-2016:

          انطلق اليوم العالمي لداء السكري أول مرة في الرابع عشر من نوفمبر/تشرين ثان من عام 1991، في عام 2007 أقرته الأمم المتحدة يوماً عالمياً، وفيه تقام فعاليات صحية واجتماعية وإعلامية كثيرة في مختلف أنحاء العالم. في كل عام، يعتمد "الاتحاد العالمي لمرض السكري" موضوعاً لتسليط الضوء عليه، وخلال الأعوام 2014-2016  تم اعتماد موضوع "نمط العيش الصحي" كونه أهم وسائل مواجهة هذا المرض وعواقبه الوخيمة. يشمل هذا النمط من العيش وأسلوب الحياة اتباع نظام غذائي صحي متوازن، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والابتعاد عن التدخين والكحول والملوثات ومكافحة البدانة وغيرها.

          بينت الدراسات الحديثة أن اتباع "نمط العيش الصحي" من أنجع السبل لمواجهة ما يعرف باسم أمراض الإنسان المعاصر وعلى رأسها الاكتئاب، وأمراض القلب، وأمراض شرايين الدماغ، وأمراض الرئة وداء السكري.

          غيرت الحياة المعاصرة من نمط عيشنا، فالفرد يقضي كثيراً من وقته أمام شاشات التلفزيون و الحاسوب، بالإضافة إلى عدم ممارسة الرياضة البدنية بشكل منتظم، والإكثار من الوجبات السريعة، وباقي الأطعمة والمشروبات الغازية ضعيفة القيمة الغذائية والضارة، كما أضحت الضغوط النفسية اليومية جانباً كبيراً من جوانب حياتنا.

نحو برنامج وطني:

          في هذا اليوم العالمي لمكافحة داء السكري وتعزيز نمط العيش الصحي في مجتمعاتنا العربية، لابد من وضع برنامج وطني شامل ومتكامل لذلك، وفي هذا المجال لابد من الاستفادة من التجارب العالمية للمجتمعات التي قطعت أشواطاً طويلة في هذا المجال، أذكر منها تجربة سنغافورة التي تأسس برنامجها الوطني لتعزيز نمط العيش الصحي في عام1992، وطبقت من خلاله خططاً لخلق بيئة ممكنة للشعب لممارسة هذا النمط من الحياة لاسيما في المجالات الرياضية، والاجتماعية، والنفسية، كما أسست سنغافورة لجنة أهلية ضمت منظمات وجمعيات محلية لتعزيز مشاركة المجتمع، وأطلقت في عام 1999 الحملة الوطنية لنمط العيش  الصحي، ووضعت عدة برامج وجوائز وأيام توعية، بالإضافة إلى معارض دورية للأغذية الصحية، وبرنامج تعزيز العادات الصحّية السليمة.

 

إضافة تعليق جديد