آخر الأخبار

نرفض أن نموت غبطة البطريرك

     اتصل بي الأب (الكاهن) الياس عدس ودعاني الى فنجان من القهوة، وعندما وصلتُ الى خلية النحل التي يديرها والتي تقوم بتوزيع الاعانات الغذائية والطبية وغيرها الكثير، وبعد القهوة التي ترافقها الأحاديث، ضحك قائلاً:

-        هل تذكر نسخ الكتب للثالث الثانوي التي أمنتهم لنا باسم مفتي سورية؟

 

     تذكرت انه خلال جولاتي على بعض الجمعيات الخيرية بهدف السؤال عن مشاكل تعيق عملها، أو احتياجات أؤمنها باسم سماحة الشيخ أحمد حسون مفتي سورية، وكان للأب الياس مشروعاً تعليمياً لمساعدة طلاب الثالث الثانوي (البكالوريا) بادارة الأستاذ روفائيل، من خلال تأمين المدرسين والكتب لتدريس أو تقوية هؤلاء الطلاب، وقد طلب مني أن أساعدهم في تأمين نسخ من الكتب.

 

     طلبتُ من صديقي الأستاذ أحمد الهويس نقيب المعلمين أن يؤمن لي عدداً من النسخ، وبعد أيام اتصل بي ليعلمني أن النسخ موجودة لديه في مقرهم المؤقت وهي هدية من نقابة المعلمين الى الأب الياس والجمعية الخيرية لطائفة الموارنة بحلب.

 

     تذكرت اﻷمر وقلت للأب الياس:

-        خيراً، هل هناك شيء؟

     فأجابني:

-        أنهم عند توزيع الكتب وجدوا أنهم أرسلوا نسخاً من كتب الديانة الاسلامية بدلا عن المسيحية.

فضحكت وقلت:

-        إن الحق معهم بذلك، فأن يقوم مستشار مفتي سورية بطلب كتب، فهم دون تفكير سيضعون نسخاً من كتب الديانة الاسلامية.

 

     لا يُفرق الأب الياس بين المسيحي والمسلم، فهو أولاً  يهتم بأبناء طائفته ثم برقعة جغرافية تتواجد بها أطباف متنوعة من الناس، لا بل أنه قام باسكان النازحين في الكنيسة وأبنيتها الملحقة.

 

     منذ فترة سألني عن رغبته في أن يرعى مفتي الجمهورية مركزاً للمعالجة الفيزيائية في المدينة الجامعية بحلب وهو الآن مركزٌ فاعلٌ يمتلىء بالمحتاجين الى جلسات العلاج.

 

     اتعلم منه دروساً في الاخاء الاسلامي المسيحي.

 

     لا نحتاج الى مهرجانات خطابية، فحضوره بين الناس المسلمين قبل المسيحيين هو مهرجان بحد ذاته.

 

     ولا نحتاج الى ميكروفونات صوت فعمله الصامت أعلى من أي صوت.

     هذه الأفعال الطيبة التي يقوم بها هي من أرض سورية ومن حلب.

 

     من ترابها المقدس نبتت هكذا أشجار مثمرة...

     لم ولا ولن نفرق بين محتاج وآخر بناء على عرقه او دينه أو مذهبه....

 

     واليوم نسمع عن اقتتال بين مذاهب وطوائف...ونيسنا ما قاله عمر بن عبد العزيز "ما اختلفت هذه الأمة في دينها أو قرآنها...إنما اختلفت في الدينار والدرهم"

     نُحاصر ونُعطّشْ ونُجوّع نحن أبناء حلب.

     يحاصرنا الموت العبثي ونحن نرفض أن نموت....

 

     عندما استقبلني غبطة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في بكركي بلبنان في تشرين الثاني من هذا العام، أهديته علبة من الحلو الحلبي وقلت له:

-        إن هذا الحلو، لكي يذكرك بأن أهل حلب يرفضون الموت، كما أن الحلو سيكون له مذاق آخر ﻷنه مصنوع من دموع ودماء أهلها، ولمحت بريقاً حزيناً في عينيه

 

(بالتزامن مع عالم بلا حدود)

إضافة تعليق جديد