ضمن سلسة دراسات صدرت عن المعهد الاسكندنافي لحقوق الإنسان. يوضح مناع سر الاساليب الوحشية التي يتبعها التنظيم الخارج من رحم سجون الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث ولد التنظيم نتيجة زواج المصالح والنكايات والانتقام من ممارسات التعذيب على يد الحتلال الامريكي ولاحقا من فساد حكومة المالكي والتنكيل الطائفي الذي واظب عليه المالكي وميليشياته (مثل انضمام وتأييد الدوري والبعثيين وضباط سابقين للتنظيم) ويشير لذلك بأن داعش هي وليد سفاح الثالوث المدنس كناية عن ولادة التنظيم من اجتماع ضباط بعثيين وجهاديين من القاعدة في السجون العراقية، ويفسر سر استجلاب المقاتلين الأجانب كاستراتيجية بعيدة الأمد.
كما يبين مناع استراتيجيات تكشف عن مخططين بارعين من ضباط سابقين من الجيش العراقي قبل أن يقوم بول بريمر بحله بعد احتلال العراق، ويعود الفضل لهؤلاء في تحديد الأهداف ذات القيمة المالية الأعلى في العراق وسوريا كما تبين أن الخطط الاستخباراتية لهؤلاء أتقنت استغلال سوء الإدارة والفساد المالي والسرقات التي تورطت بها فئات غير قليلة بين فصائل المعارضة السورية المسلحة
الدراسة الشاملة لتنظيم داعش جاءت في خمسة أجزاء تكشف تواطؤ أطراف عديدة من تركيا وتورطها ببيع النفط العراقي والسوري وحتى الاتحاد الأوروبي الذي غض بصره عن هذه العمليات كما تتناول الدراسة أبرز القياديين في التنظيم مع تفصيل الجهات التي تسانده، والاستراتيجيات التي يتبعها في نشاطه.
يذكر مناع وجود "قائمة مؤلفة من 127 ممول ومسهل لداعش وأنه قدم القائمة إلى الامم المتحدة. وتحدث مناع في مقابلة تلفزيونية عن "كوادر التنظيم (داعش) الاساسية وهي من العراقيين اما الجنسيات الاخرى فأدوارها تنفيذية"، وأضاف "في دراستنا حددنا خمس شخصيات صاحبة الادوار الاساسية في التنظيم". واعتبر أن "سياسة داعش قائمة على الامساك بكل ما له علاقة بالاعلام وهو المصدر الاساسي لتقديم المعلومات حول التنظيم"، ويلفت مناع أن "داعش يعاير التنظيمات الارهابية الاخرى بانها تتسول من الخليج والدول الاوروبية ويفتخر ان تمويله ذاتي"، وأشار في المقابلة التلفزيونية إلى أن "كل التنظيمات العسكرية السرية قابلة للاختراق وداعش مخترق من اجهزة مخابرات لكنه ليس صنيعتها"، ويلفت إلى :" استعراضات إعلامية مبالغ فيها لتحطيم المزارات والمساجد والكنائس والتماثيل وحرق محال السجائر والجلد الميداني والرجم والصلب وقطع الرؤوس وأخذ الصور مع الرؤوس الخ .وهنا ُِ يبرز الطابع الفصامي لداعش .فهي تمارس كل أشكال استبدال بالمقايضات(تعسف السلطة، الانتهازية، السرقة، القتل، الخطف، الخوات، الانتقام، الثأر، ًُ الاعتداء على المحرمات .)..وتعلن جهارة كفر أو ردة كل من يعترض طريقها .
وعن نجاح داعش في تجنيد مقاتلين أجانب يشير بقوله:" لعل من فضائل داعش أيضا معرفتها بما يسمى "المهاجرين ."مستواهم الثقافي والسياسي ومحدودية وعيهم الديني والمشكلات الذاتية والموضوعية التي حولتهم لمشاريع انتحار .لهذا تعامل تنظيم داعش معهم كالقطيع واتبع سياسة لاستقطابهم تقوم على قواعد بسيطة :المال والسلطان زينة الحياة الدنيا، أضرب الرأس تلحق بك العناصر، الأحسن يصاهرنا والباقي يلتحق بالحور العين ...ولا شك بأن للضباط السابقين في الجيش العراقي دورا هاما في فرز الأفراد والجماعات وتوظيف استيراد الغرباء لمشروع "الخلافة." وعن بداية نشوء التنظيم يتناول أبو مصعب الزرقاوي بالقول:" لم يكن يوجد في جعبته السياسية والإيديولوجية ما يسمح له بدور هام في مقاومة الاحتلال أو تقديم تصورات خلاقة لواقع ومستقبل الإنسان في العراق .وقد غطى ضحالته الفكرية بشراسته العسكرية . ويمكن القول أنه التعبير الأفضل لما يسميه .هذه الحالة التي تتجسد في ادعاء animist علماء النفس حالة النكوص إلى الإحيائية الحق المطلق وامتلاك القدرة على فرضه من حوله .وإسقاط كل شبهات ضعف الذات بيقين شيطنة الآخر ."
أما عن نشوء التنظيم فيقول:" بدأت عملية التقارب الإيديولوجي تتسارع في معتقلات الجيش الأمريكي بحيث يمكن القول بأن الكيمياء الحالية لما يسمى بداعش اليوم هي الوليد النغل لسجن بوكا وأبو غريب وسنين الاعتقال في ظل الاحتلال . ينتمي الداعشي العراقي إلى جيل الثالوث المدنس (الحروب الإقليمية التي خاضها النظام للعقوبات الجماعية في التاريخ البشري ،/ العراقي، المثل الأقسى/مع قطاع غزة المعاصر، الاحتلال الأمريكي الأغبى في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية .)ولا شك بأن الإنسان العراقي الذي فتح عينيه على حربي الخليج الأولى والثانية بكل ما تحملان لهاّ من عدمية، وكدح بعقوبات لا إنسانية لا ناقة فيها للمواطن العراقي ولا جمل، وفقأها بمحتل حطم آخر ما تبقى من الدولة العراقية بعد الكولونيالية قد تمزقت لديه كل علامات التواصل مع الحداثة . فهو لم ير في هذه الحداثة سوى صفقات التسليح وشراء وسائل التعذيب وطغيان الحكم وهدر الموارد والطاقات الطبيعية والبشرية .التدين العام ُ هو الرد الأولي على حضارة لم تغط المدفع والبورصة والنفط بأي من معالم الشعور بالكرامة الإنسانية .كتب الشاعر العراقي بدر شاكر السياب قصيدة "المومس العمياء " قبل أن يشهد العراق الثالوث المدنس . بعد كل مآسي العراق، تصحرت الثقافة وجفت الصحف ولم تعد الكلمات قادرة على وصف هول الوضع البشري."
إضافة تعليق جديد