ما كاد العميد رفعت الأسد يحصل على الاجازة في التاريخ في العام 1974 (عندما كان العميد رفعت منتسبا الى الجامعة (قسم التاريخ) شكا لي رئيس القسم الدكتور محمد خير فارس بان رفعت يأتي مع مفرزة من الحرس الى الجامعة ايام الامتحان ولا احد يجرؤ من المراقبين ان يقول له شيئا فماذا افعل؟,,,
قلت له: لا تفعل شيئا لانه لن يعمل لديكم استاذ تاريخ!,,, وما كاد رفعت ينهي الاجازة في التاريخ حتى سجل في كلية الحقوق هو وزوجته «لين» وابنه «دريد» وكانوا يقدمون الامتحان سوية في غرفة رئيس الجامعة «الدكتور زياد شويكي» حرصا على امن الطلاب وامن المعلومات، وعندما جاءتهم الاسئلة مع فناجين القهوة وكتب السنة الاولى قال لهم رفعت: العمى في قلبكم,,, ابعثوا لنا استاذا يدلنا اين توجد الاجوبة لهذه الاسئلة) حتى أسّس (رابطة خرّيجي الدراسات العليا) وأخذ موافقة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (تأسست الرابطة استنادا الى الامر رقم (985) تاريخ 26/9/1974 وحلت استنادا الى الامر رقم (1212) تاريخ 10/9/1984) على ذلك لكي يكون عمله تحت المظلّة القانونية، وأعطى تبريراً لعمله بأنّ مصلحة الرئيس الأسد أن يكون خريجو الدراسات العليا موالين للنظام على اعتبار أن شقيقه رفعت هو رأس الهرم في هذه الرابطة، وانتشر الخبر بسرعة البرق ولم يبق انتهازي أو متسلّق أو متطلّع الى السلطة أو التقرّب من وهجها الاّ وانخرط في هذه الرابطة (كخرط الدب على العنب).
وتمّ توزيع السيارات والهدايا غير الرمزية على كبار المريدين والمسبّحين بحمد رئيس الرابطة وفضله، واختير السيد غسان شلهوب نائباً لرئيس الرابطة (كانت الدكتورة «لين الاسد» زوجة العميد رفعت هي النائب الاول وكانت القرارات التي تصدر بغياب «ابو دريد» وقرينته باطلة, ورغم ذلك قبل غسان شلهوب بهذه الوظيفة الشكلية),, وجاءت أحداث الاخوان المسلمين في نهاية السبعينات وأوائل الثمانينات لتعطي الدليل القاطع أنّ الرابطة لا وجود لها وأنّ هذا العدد الضخم كان كغثاء السيل أو حزمة من القش لا تغني عن الحق شيئاً.
وعندما حدثت الأزمة ظنّ أعضاء الرابطة بأنّ الوقت قد حان لقطف ثمار جهودهم فبدأوا يهاجمون جهراً الرئيس حافظ الأسد في مجالسهم الخاصة ويتّهمونه بالديكتاتورية، وأنّ العميد رفعت راعي الديموقراطية في هذا البلد وعقدوا مؤتمراً لهم في فندق «الشيراتون» حضره ما هبَّ ودبَّ (من الجنادب والخنافس والقراد) (قال الشاعر العربي «نديم محمد» يصف المنتسبين الى الاتحاد القومي ايام الوحدة: من هؤلاء؟,,, من الجنادب والخنافس والقراد,,,, ابهم بهم,,, تزهو وتنتصر البلاد), ولم تسعف القريحة العميد رفعت فبدأ حديثاً سياسيّاً مشوّشاً عن الديموقراطية والأوضاع العامة في سورية بحيث لا يمكن لأحد أنْ يفهم منه شيئاً حتى ولو حاول ذلك وبذل قصارى جهده وانفضّ المؤتمرون وهم في حيص بيص وأدركوا أنّ أيام الرابطة غدت قريبة وأنّ أحلامهم ذهبت أدراج الرياح لأنّ ما بني على باطل فهو باطل.
وعلى الرغم من ادراكي المسبق أنّ الرابطة أصبحت في حكم المنتهية فقد اتصلت بعدد من الأصدقاء المتورّطين بالانتساب الى الرابطة وطلبت اليهم الانسحاب وبذلك قد أسهمت في تهديمها من الداخل والخارج.
وفي زحمة العمل على الاتّجاهات كافة اتّصل بي هاتفياً الرفيق وفيق عرنوس عضو الرابطة وقال لي: هل تضمن لي سلامتي؟,, فأجبته »بأنّي سوف أضمن لك عدم دخولك السجن اطلاقاً,, أمّا موضوع فصلك من الحزب فلا أستطيع أبداً أنْ أعد في ذلك، ومقابل هذا الضمان وعدني بأنّه سيوافيني بالسجلات كافة الموجودة في الرابطة وأنْ يأتي بها الى البيت حتى لا يشاهده أحد, وفي الساعة الواحدة ليلاً أعلمتني زوجتي بأنّ الأمانة وصلت,, قلت: أرسليها فوراً الى المكتب وقضيت ليلةً كاملةً وأنا أراجع ملفّات رابطة خريّجي الدراسات.
المهم أرسلت الوثائق الى القصر الجمهوري فأمر السيد الرئيس بوضع رابطة خرّيجي الدراسات العليا تحت الرقابة المشدّدة, وبعد أن انتهت الأزمة، أصدرت القيادة القطرية قرارها رقم /574/ تاريخ 5/7/1984 طلبت فيه الى الرفاق المنتسبين الى الرابطة أنْ يتخلّوا عن هذا الالتزام ويكرّسوا كلّ نشاطهم السياسي للحزب وأنذر القرار بفصل كل رفيق يخالف هذا التوجيه، وبذلك اختفت من الساحة رابطة خرّيجي الدراسات العليا التي كان ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
إضافة تعليق جديد