أرجو أن لايستغرب أحد من إيراد اسم الكاتبة مفرداً فقد أصبح علماً لا يدل إلا على شخصٍ بعينه مثله مثل أدونيس أو المتنبي أو حتى أسمهان .. وغدا هذا الاسم منفرداً خبراً ثقافياً، فصدور مجموعة لها سيتصدر لابد/ جميع الصفحات الثقافية من المحيط الهادر الى الخليج الثائر ( حسب شعارات بعثية ماتت غير مؤسوف عليها). ولم تتوحد وسائل الاعلام العربية، حول شيء أو صورة أو فكرة مثل توحدها حول خبر يتعلق بجمانة ولا يقتصر هذا على الصحافة والمواقع الالكترونية والورقية بل تعداه إلى الفضائيات ووسائل الإعلام المسموعة حتى أصبحت جمانة منفردة سوبر ستار ثقافي..تتناقل وسائل الإعلام الثقافية أخبارها باهتمام يفوق أدونيس ودرويش و... جميع شعراء الحداثة والقدامة أجمعين بما في ذلك تاريخ المرحوم المتنبي ...
كيف استطاعت جمانة الشابة أن تخترق الإعلام العربي من أقصاه إلى أقصاه بسرعة فائقة؟ يمكن القول أنها استفادت بشكل أساسي من وسائل الاتصال الحديثة: وفي مقدمتها الإنترنت، واستطاعت أن تصنع صورتها كما تشتهي متسقة في ذلك مع رؤيتها للأمر ( لكي تصل الكلمة اليوم، الصوت لم يعد كافيا (فكرة السي دي الشعري صارت على ما يبدو بائتة، الصورة أصبحت من ضرورات العصر. حتى في الشعر.)(1) وكذلك استفادت جمانة من اتقانها عدة لغات ((تقول)) أنها سبعة مكنتها أن تجري عددا من الحوارات الصحافية مع أعلام الثقافة في العالم بحس صحافي عال، وهذا ماأهلها لأن تتبؤأ الصدارة في جهة الشعر -قبل أو بعد - أن تصبح مؤسسة، وتصبح جمانة أحد أعضاء هيئتها الاستشارية، ولتصبح هذه الجهة إحدى أهم منافذها الترويجية إلى العرب قاطبة، وهكذا وليس صدفة أن يكون اسمها في رأس القائمة قبل أدونيس وقبل آخرين وذلك قبل أن تعتمد جهة الشعر الترتيب الأبجدي لجميع المساهمات المنشورة في جهة القلب وغيرها من أبواب الموقع.
ومن ثم انتقل هذا الاهتمام إلى موقع كيكا لتغدو جمانة أيضا نزيلة واجهتها بمقال لها ومقال عنها وخبر عنها وخبر منها كمثل الحصاد الثقافي في صحيفة النهار لهذا الاسبوع .
أضف إلى ذلك عملها/وظيفتها في صحيفة النهار كمترجمة ومحررة مقال ثم محررة صفحة الثقافة أدب وفكر وفن وهكذا يغدو طبيعياً أن يصبح لاسمها رنينا أينما ذكر!
ليليت العرب:
سيبدو استغرابي مستغرباً، أن يكتب عن مجموعتها الشعرية( عودة ليليت) مالم يكتب في كل شعر درويش والبريكان وسليم بركات... فرادى أو مجتمعين، وأن يصبح خبر صدور المجموعة حدثاً ثقافياً يتصدر نشرات الأخبار (الثقافية)على مدار عام كامل وما يزال. كماسيبدو استغرابي مستهجناً حول كيف تتسابق الصحف والمواقع والكتَاب، لاجراء حوارات معها و كرونولوجيا أيضا وأكثر من ذلك أن يقدمها الروائي الطاهر بن جلون في حفل توقيع كتابها عودة ليليت في فرنسا ولبنان ويقوم مخرج كبير بحجم جواد الأسدي بتقديم رؤية إخراجية ممسرحة لقراءات من الديوان كما تقول الأخبار طبعا واحتفالات كثيرة متشعبة هنا وهناك لن نستطيع حصرها بسهولة.
نعم نحن في عصر الصورة وجمانة جميلة حقاً لدرجة أن تأثّر بالمشهد العام أحد الشعراء الشباب واقترح أن يجتمع جميع الشعراء العرب لكتابة قصيدة غزلية (موحدة) لها، كي لا تظل جهودهم فردية، وهي التي لم تكتف بجمالها بل وتقول (أحب الاهتمام بمظهري، وأنفق من المال عل الكريمات والثياب بقدر ما أنفق منه على شراء الكتب وغيرها من أدوات السهر على الداخل عادلة في الاهتمام الذي أوليه للمظهر والجوهر على السواء، فلا تكون غلب للواحد منهما على حساب الثاني. أذهب باستمرار لدى مصفف الشعر وخبيرة التجميل وأحدّق في المرآة أحيانا وتؤرقني الخطوط الصغيرة التي قد أرصدها حول عينيّ. مغناج،(...) أفرح عندما يلتـفت رجلٌ ما عند مروري في الشارع ...) (2)
ويبدو لي أنها أول كاتبة عربية تصرح علناً أنها مغنااج. وهكذا يستوي الأمر مع نظرية تصنيع الصورة (عربياً) ويصبح لنا أن نغفر لكل من يلهث وراء (كتابات وأخبار) جمانة ونفهم لماذا يغدو السؤال عن هذا الضجيج...، أحد التابوهات العربية الجديدة الذي لا تستطيع ان تقترب منه الصحافة العربية حتى وأن كان في خانة نقد كتابتها الإبداعية وهكذا يغدو طبيعيا ألا تجد شاعرة لبنانية صحيفة ورقية تنشر مقالاً يتناول فكرة (تلاص) مابين شعرها ومجموعة جمانة الأخيرة (3). هذه الصحف التي نشرت أخبار جمانة وجائزتها واعتذارها عن الجائزة، وبدون أي مماطلة، أو تحقيق في صحة هذه الجائزة ومصادرها.
الجائزة الفضيحة:
وفق هذا السياق المائل والمنحدر في سفوح الإعلام الثقافي العربي جاء خبر (جائزة ) منظمة نساء المستقبل الذي بثته النهار (4) مغفل المصدر والذي جاء بصيغة (تعتزم منظمة نساء المستقبل ، وهي منظمة ثقافية عالمية غير حكومية... تم اختيارهن لانجازاتهن الباهرة على المستوى الثقافي والفكري والأدبي ... ) لتُصَدره الإعلامية والشاعرة جمانة إلى كل وسائل الإعلام، لتغفل جميعها عن ذكر مصدر الخبر. هذا وقد جاء خبر (الجائزة) بعد تحقيق مطول في النهار عن الجوائز الادبية في العالم العربي قدمت له جمانة حداد بــ ( أذكر أني كنت أيام المدرسة أنتظر آخر السنة بفارغ الصبر لأن الإدارة كانت توزّع علينا جوائز تشجيعية(...)ها أن موسم الـ غونكور والـ نوبل والـ بوكر والـ رونودو وسواها من الجوائز صاحبة الطنة والرنة يقترب. طبعا، لا تأخذنا الأوهام حول حقيقة ما يجري في كواليس تلك الجوائز في أوروبا وأميركا عموماً، وفي أسوج تحديداً، من فضائح وصفقات. فمعظم لجان هذه الجوائز المهيبة مصاب بلوثة الفساد، ويخضع لاعتبارات تجارية وتسويقية ولمقايضات وعقود تفرضها دور النشر، فضلا عن التسييس المتزايد حدة لهذه الجوائز سنة وراء سنة(...)نطالب مرجعياتنا الثقافية والمعرفية، الخلاّقة والجامعية والأكاديمية وغيرها، بفتح أبواب التفكير في جائزة عربية للأدب تكون باباً ثقافياً للعرب على العالم، كي نكفّ عن الهرب من الجوائز أولا، وكي، ربما، نكفّ عن اللهاث وراء تكريس الغرب لنا..) (5)
تساؤلات مشروعة عن مصدر الخبر:
بعد اعتذار الدكتورة الروائية رضوى عاشور عن قبولها التكريم في بيان وزع على وسائل الإعلام التي بثت الخبر وتناقلته، ولحقتها الشاعرة والإعلامية جمانة ببيان مقتضب يضم صوتها إلى صوت رضوى عاشور إذ تتحفظ على قبول التكريم وذلك قبل قليل من تقديم صحيفة الشرق الأوسط تحقيقاً مطولاً عن المنظمة و( الجائزة )(6) تأَكد فيه أن الأمر(فشنك: وهمي) على ما يقول أهل مصر.
والتساؤل المشروع هنا بسيط للغاية طالما أن لا أحد من الكاتبات الأخريات على علم بالخبر والجائزة ولا عن عن هذه المنظمة إلا عبر وسائل الإعلام - المحتفلة بالحدث- والتي كان مصدرها الشاعرة والإعلامية جمانة حداد، كيف وصل خبر هذا (التكريم ) الوهمي إلى الشاعرة والاعلامية جمانة حداد وحدها ؟؟؟!!! إذا علمنا أن الايميلات التي تخص المنظمة لم يرد عليها أحد بعد أن اسستفسرت منها صحف ومواقع عديدة، وقد أبدت الباحثة فاطمة المرنيسي استغرابها للامر وقالت ( إنها لا تعلم شيئا عن هذا التكريم ولم يتصل بها أي أحد من هذه المنظمة، التي خولت لنفسها الحق في اختيار الأسماء العربية البارزة دون إذنها أو حتى موافقتها على هذا التكريم. (...) كما أنها لم تتلق من تلك الجهات أي رسالة إلكترونية أو بريدية بهذا الخصوص )(7) لماذا لم يصل هذا الإيميل سوى للنهار ولجمانة حداد ؟؟!! ألا تقتضي المسؤلية الصحافية التحقق من الأخبار قبل نشرها بسرعة فائقة؟! وإبلاغ صاحبات الشأن أولاً؟!
هل حقا هناك احترام للثقافة والقارئ :
إذا مضينا في تساؤلاتنا التي ستغدو مشبوهة بنظر الإعلام الثقافي العربي، وجواباً على سؤال الخالة في الاغنية العراقية الشهيرة (خالة شكو ..شنهو الخبر .. دي احجيلي ) سنقول التالي: إن الأسماء قد اختيرت بعناية من قبل مصدّر البيان، إذ لا أحد يستطيع التقليل من شأن الإنجازات الباهرة حقاً لكل من السيدات الكاتبات، المرنيسي والسمان وعاشورعلى الصعيد الثقافي الفكري والأدبي، وكذلك يتدرج الأمر إلى شاعرة مجتهدة كـ سعدية مفرح والتي نعتقد أيضاً أن اسمها اختير بعناية من قبل (المُصدر) ليوحي أن الامر لا يتعلق فقط بإنجاز تراكمي طويل الأمد متفق عليه لدى قراء العربية على الصعيد الفكري والثقافي، بل أيضاً بخيار الإجتهاد الشعري الذي تمثله سعدية مفرح في منطقة الخليج على الأقل، وهكذا سيبدو طبيعياً أن تصبح الشاعرة والإعلامية جمانة ذات إنجازات باهرة وحتى بارزة حين يتم الحديث في نص بيان التكريم عن بقية الأسماء ودون تفصيلات كما في فقرة المرنيسي، أما جمانة والتي لها أربع مجاميع شعرية لا تشكل اختراقا على صعيد الكتابة الشعرية العربية في راهنها الآن بالاضافة إلى كتابين مترجمين وانطولوجيا- أعلن عنها بعد خبر الجائزة الوهمية- للشعر اللبناني أعدتها بالإسبانية واختارت ماتراه هي من الأسماء واستثنت من لم يوافق تطلعاتها (الشعرية) وهكذا يكون خبر الجائزة قد كرس جمانة كباهرة الإنجاز أما خبر (الفشنك) فلم يتداوله أحد ولم يعاد نشره في تلك المواقع ذاتها، إذ أن مجرد نشره سيكون بمثابة تشكيك ويمس ولو من بعيد أحد تابوهات الثقافة العربية المستجدة إلا أننا سنردد مع الشاعرة والاعلامية جمانة (... لكن الخديعة لا بد أن تنكشف عندما يصل القارىء الى الأصل، الى النص. لا يمكن أن تنطلي ألاعيب البروباغندا على القارىء الذكي والمطّلع والمتذوّق، أي على القارىء الحقيقي ...)(8).
إقرأ أيضأ :
الإعلام العربي في مهب فضيحة ' جائزة منظمة نساء المستقبل' - خلف علي الخلف
جدار :2005-12-22
مصادر تم الرجوع إليها:
(1) - لِمِ لا؟ - جمانة حداد : النهار الثقافية 2 نوفمبر- 2005 المصدر: جهة الشعر
(2) من حوار لمجلة زهرة الخليج (الفنية ) مع الشاعرة جمانة حداد / حسان الزين / غير مذكور التاريخ/ المصدر : موقع جمانة حداد
(3) انظر مقال الشاعر زهير غانم - نادين 6-/12-/2004- المصدر : جدار
وكذلك انظر مقال صباح زوين أفق 31-12-2005
(4) النهار 01-12- 2005
(5) كي لانخجل من الجوائز - جمانة حداد : النهار 1992005 كمقدمة لتحقيق ضوء على واقع الجوائزالأدبية في العالم العربي 19-20 المصدر: جهة الشعر
(6) جائزة أمريكية وهمية لخمس كاتبات عربيات - محمد علي صالح : الشرق الاوسط 28 ديسمبر 2005 العدد 9892
(7) فاطمة المرنيسي ترفض تكريم المنظمة - سعيدة شريف - الحقائق / 25/12/2005 المصدر:منتدى ميدوزا
(8) حوار مع الشاعرة والاعلامية جمانة حداد - حسين جلعاد / الرأي الرأي الأردنية- 18/1/2005 المصدر : المبدعون العرب
-جدار.