أساطير الحب والرموز هو عنوان الكتاب القيم الذي أعدته الأديبة والشاعرة ليلى مقدسي. ويضم 45 فقرة مصاغة في قالب أدبي شيق تستعرض خلالها رموز الحب وأساطيره في ثقافات متعددة.
والمقاطع التالية هي نماذج من الكتاب..
1 - كوبيد ـ بسيشيه
كان الناس يعبدون ـ فينوس ـ ربة الحب والجمال وحين ترعرعت بسيشيه وتدفق ماء الشباب في جسمها الريان، وكان غموض حسنها السر في عبادة الناس لها، فدعت ـ فينوس ـ أنها كوبيد وأثارت في قلبه العداوة لهذه الغادة، وصرفت الناس عن عبادتها، واندس خلف الستائر الحريرية ينظر إلى بسيشيه وهي نائمة وسحر الجمال يهيم على وجهها، فسقطت علية شعاعة من ضوء ديانا، ربة القمر، لتقول له:
ـ مكانك أيها الرامي الحبيب، لن تجد في رباب الأولب من تخلص لك الحب مثلها.
فعاد كوبيد لا مبالياً بسخط أمه إلى الحبيبة وحين اكتشفت أمه ذلك سلطت عليها الأشباح تروعها، فهربت بسيشيه إلى جبل لتستريح مما يطيف بها من الآم، ورآها كوبيد وطلب من صديقه إله الرعد أن ينقذها ويذهب بها إلى جزيرة فيها قصر جميل وأصبح يزورها في الظلام ويتساقيان كؤوس الحب حتى مطلع الفجر دون أن تراه.
في احدى الليالي بعد أن غفا، أوقدت مصباحها لتراه فاهتز المصباح وسقطت نقطة زيت، صحا كوبيد وودعها غاضباً ومضى، فعادت إليها الأشباح والضياع وهبت عليها روح الموت، وأحس بما تعاني فأنقذها وتزوجها.
فاحتفلت الآلهة بعرس الحب، ورسمت سيشيه ربة للروح الخالدة التي ترفّ فراشة جميلة وإلى جانبها إله الحب ـ كوبيد ـ
2 - ايخو ـ ونركيسوس أو نرسيس:
غضبت ـ هيرا ـ زوجة ـ زيوس، كبير الآلهة على الفتاة ( ايخو ) ومعنى اسمها ( الصدى ) واعتبرتها السبب في تمادي زوجها في حبه، فأرسلت عليها شواظاً من غضبها، فيممت شطر غابة واتخذت لها مأوى في أصل سنديانة تجتر أحزانها، ولمحت الفتى الاغريقي البهي الجمال ـ نركيسوس ـ وكان مأخوذاً بجمال نرجسة اقتطفها من غصنها وهو يحدق فيها بعينيه المعسولتين، فبرزت ـ ايخو ـ تعانقه وتبثه حبها ولكنه انطلق هارباً لأنه تفاجئ بهذا الحب، فاضمحلت من صدمتها، وغدت صدى يتردد في كل واد، واثر كل نداء أما نرسيس الذي حطم قلبها وتركها، اقترب ليشرب من غدير صافٍ، وما كاد ينحني حتى رأى صورته في صفحته الساكنة فبهره حسنه وأخذ يرمق صورته بقلب مشوق ونفس هائمة وهو لا يعلم أن الحبيب الذي يتأمله هو ظله وعروس الماء التي تبلت فؤاده هي خياله والعاشق الولهان يمس الماء بشفتيه ومر الخيال في شظايا الماء، وتحطمت الصورة الجميلة وهو يشكو ويتوجع فذوى عوده، وذبلت نضرته، ودنت ساعته، ووقفت (ايخو) تشهد الفصل الأخير من مأساتها وسمعته يقول: ها أنذا أموت أيها الحبيب بقربك وأحبك وداعاً.
بكت ـ ايخو ـ وردد الصدى كلمات الوداع وعرائس الماء تنوح عليه.
جمعت ( ايخو ) الحطب لاحراق الجثة ولكنها وجدت مكانها زهرة جميلة من أزهار ( النرجس ) فذرفت دمعة على النرجسة..
3 - أبوللو ـ دفنيه
بدأت الحرب بين ( أبوللو ) سيد الشمس ورب الموسيقى وبين ( كوبيد ) إله الحب ابن أقروديت، أي بدأت بين البغضاء والحب، وتضايق كوبيد من أبوللو وتفاخره بنفسه، فدبر انتقامه وكان يحمل كنانتين، في الأولى سهامه الذهبية التي يصيب بها القلوب فتملأ حباً وصبابة، وفي الثانية سهامه الرصاصية التي يصيب بها القلوب فيفعمها بغضاً وكراهية، وسدد إلى دفنيه الجميلة البارعة الحسن سهماً رصاصياً وسدد إلى أبوللو السهم الذهبي فوقع نظر أبوللو على دفنيه فهام بها وأمرضه هواها، أما هي فأبغضته، ولم تجد كل توسلات أبوللو، وهربت منه وهو يتبعها متوسلاً باكياً، ثم تصل عند حفافي النهر العظيم وكان والدها، زيوس ـ فصرخت: أنقذني يا أبي، وينشطر الماء ويخرج أبوها ويرى أبوللو يتبعها، ويقسم أن ينقذها، فيغرس ثوبها ويدثرها به فتتحول إلى شجرة باسقة من أشجار الغار ـ ووقفت والدها يبكي، ويبارك الشجرة ويسقيها من دمعه وآتى كوبيد يسخر من أبوللو.. فطلب منه أن يشفيه مما ألم به فشفاه.. وانتصر الحب.
4 - ايزيس ـ يو
كانت ـ يو، بارعة الجمال وابنة لأحد أرباب الأنهار، وفي هدأة الليل تعبد القمر، ورآها زيوس، فتحول في لمحة إلى فتى يانع وجلس يحدثها ويرخرخ في صوته بالموسيقى، وابتسامته بالمحبة وبقي يلقاها، وأحست (هيرا ) زوجته فحولتها إلى بقرة بيضاء ناعمة، ووضعت لها حارساً ساهراً دائماً، في احدى المرات تذكر زيوس ما سبب لها من تعاسة فأرسل ابنه ليقتل الحارس وينقذها، أما ـ يو ـ كانت تصلي بحرارة لرب الأرباب، فاستجاب لها وانطلق إلى ـ هيدا ـ فتفجرت الرحمة في قلبها لأول مرة وأعادتها إلى صورتها الأولى، وأبعدتها إلى ضفاف النيل، فبهر المصريون بجمالها الوضاء، ثم عبدوها وأقاموها ملكة عليهم اسمها ـ ايزيس ـ وتزوجها كبير آلهة مصر ـ أوزيريس ـ وتلد له ابنة ـ حوريس.
- موقع نساء سوريا.