رئيس بلدية قريتنا (الجميلة)
منذ ما يزيد على عشرين سنة يكتب شاب رسالة وداع حزينة الى والديه لانه قرر الانتحار والتخلص من عذابات الارض ومأسيها المتمثلة برسوبه في البكالوريا لخمس مرات متتالية رغم مساعدة الدولة في ذلك الوقت لكل من يفك الحرف في الحصول على شهادة بكالوريا مذيلة بالحرف (م) اي مساعدة مما يدل ان الناجح اياه لا يستحق النجاح بل من يحزنون ... المهم قرأ الوالد العجوز الرسالة وغرق في ضحك عميق قائلا (اذا ما بيعرف يكتب رسالة انتحار كيف بدو ينجح بالفحص وكيف بدو ينتحر) ثم أومأ العجوز المعروف بسرعة بداهته وخفة دفه المشهودة لزوجته ان تذهب الى بيت فلان فالمنتحر سيكون هناك يلعب الورق بفشل ذريع ايضا. ذهبت العجوز وعادت بالابن الفاشل وعندما صار بين يدي ابيه سأله اذا كان بحاجة للمساعدة بالانتحار و تابع الاب لو عندي ارض كنت استفدت منك فيها لكن لا عندنا ارض ولا عندنا شي تاني روح الله لايعطيك العافة .... في العام السابع نجح الشاب اياه في البكالوريا مع حرف (م) فكانت الليالي الملاح والسهرات الطوال واول ما قاله الناجح الجديد غريب كيف العالم بترسب بالبكالوريا بالرغم من ان سهلة كتير !!!!!
بمساعدات خارقة وحظوظ الهية كان حظ الشاب اياه في القبول بمهد رياضة وهو الذي لايستطيع ان يقدم كأس ماء لوالده لا من باب الواجب ولا من باب الرياضة ولا من باب رفع العتب الذي لايعرفه ... وتتالت المعجزات الخارقة والتوازنات المرعبة والتطويرات الخطيرة والاصلاحات الحكومية فصار الشاب اياه رئيس البلدية في القرية التي خرج منها الاف الاطباء والمهندسين واساتذة الجامعات والسفراء و الوزاء والادباء والضباط و ابناء القرية منتشرون في كل بقاع سوريا والوطن العربي والعالم لكن خيرة ابناءها الذي تربع البلدية لايزال لا يعرف الفرق بين الخمسة والطمسة لكنه يجيد العد والارقام حيث تربو ثروته اليوم على الملايين وعدد من السيارات وهو يقوم بدور البنك حيث يدين بالفائدة التي تتغير تبعا لليورو او الدولار الاراضي التي لم يملكها والده في يوم من الايام اصبحت مزارع واطيان تربى فيها مواشيه ... لديه المحلات و المدارس و دور الحضانة ومشاريع خيرات الله وكل ذلك من غائب علم الله ..... اليوم وبعد اصرار الحكومة على المزيد من الاصلاحات ينوي رئيس بلديتنا ان يترشح لمنصب مدير المنطقة او المحافظ وهناك من يقول فرع الحزب كما ينوه في سهراته الخاصة وطلاته الاعلامية على رعيته .
فمن يستطيع القول بعد الان ان يشكك بأن مسيرة الاصلاح لن تنجح طالما ان الدولة ستضع المنتحر المناسب في المكان المناسب .