آخر الأخبار

هل من يسمع؟

تسعدك وترفع معنوياتك وتقويك انتصارات الأصدقاء والحلفاء. وتفعل العكس هزيمتهم.
كلما سمعت بتعثر للسياسة الأمريكية في العراق أو غيره تشعر بالارتياح, وكلما نقلت وسائل الاعلام خبرا عن عملية حقيقية للمقاومة ينتابك احساس بان الاحتلال لابد مهزوم. وبالمقابل, تجدك كلما اتجه العراق نحو التقسيم والحرب الأهلية وانجاز المخطط الأمريكي تتلوى حزنا وتوجسا وخوفا.
تنتصر حماس فتشمخ وتفرح وتهلل وتعلن للكون صحة موقفك ورؤيتك. تتعثر حماس قليلا و تشتد عليها الأيام, فتبدأ أنت بالقلق المكتوم وحسابات الفاتورة التي ستترتب عليك لموقفك.... .
يزأر صوت السيد حسن نصر الله ويتوعد باقتلاع روح من لا يريده فتنفرج اساريرك وتزغرد فرحا وكأنك تحتفل بذكرى بدر.
ولكن عندما يملأ الأثير اصوات تطالب بنزع سلاح حزب الله, وعندما ينزل حسن نصرالله على الأرض انسانا عاديا دون قداسة ربانية وفي حوار مع أهل لبنان, وعندما يوافق على ترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي معك تراك ترتعد وتغضب وتربك.
يزمجر صاروخ ايراني يخترق عباب الفضاء أو الماء ويطلق قادة ايران تصريحات نارية ترعد وتتوعد وتنذر بقوة عالمية ضاربة ستركع أمريكا, فتراك تشعر بالنشوة وارتفاع المعنويات.
وعندما يلتم مجلس الأمن لاصدار التفويض بالضربة العسكرية, وعندما تتحرك القوى العالمية لحصار ايران,
ينزل عليك الهم والغم وحسابات السقوط والهزيمة.
محق أنت في مشاعرك وتفكيرك لكن فقط نظريا لقد عشت عقوداتتغذى من ثقافة المقاومة وراهنت على انتصارها, واقنعت بأن كل ما ينجز مقاوماتيا_اينما كان في الدنيا_ وخاصة في محيطك العربي يدخل أليا في رصيدك, ويعزز ما تفكر به وتتمناه ويساهم في اندحار المشروع الأخر.تفعل ذلك وكأن لديك مشروع. أنسب أن
لاتدخل في تعضيلات الحسابات الايرانية ولا في حسابات حزب الله أو حماس.
ما يهمك عمليا هنا هو موقعك ضمن معادلات تلك القوى. وهل لديك أي شك بان ايران تبذل الغالي والرخيص من أجل الحفاظ على مصالحها, ومصالحك بالنسبة لها لن ترتفع كثيرا فوق أسفل صفحة أولوياتها. أنت شريك ايران الأن في حصارها وكل استهداف لها وكل رؤية سلبية تجاهها... أنت تدفع معها فاتورتها الضخمة, والثمار التي على الأقل لا تعادل خسائرك... الا اذا كان لديك شعور بان نظامك زائل لا محالة و تقول لنفسك اذا كان لابد من زوال النظام فلتزول معه البلد أيضا.
أنت في حساب ايران و حزب الله و حماس منفعل مع الحالات لا فاعلا فيها. أنت لست أكثر من ورقة في الحسابات لا الحسابات ذاتها, والاوراق تقع في عداد حسابات المتغيرات ولكن الحسابات تقع في عداد حسابات الثوابت. ودرجت في العقود الماضية على عادة كونك لاعبا لا ورقة تلعب بها القوى وتتناقلها الأيدي يجب ألا يعني نجاح مشروع الأخر نجاح مشروع الحلفاء انجازا أليا لك ولا اهتزازهم أو حتى هزيمتهم نكسة محققة لك.
فاذا كان المشروع الامريكي في العراق يتعثر فلا يعني ذلك بالضرورة ان وضعك بأمان وسلام ولا يمكنك التنصل مما تفعله المقاومة في العراق أحيانا تسمي ذلك ارهابا تنال شرف دعم المقاومة في الوقت ذاته.
وعندماتحاسب وتدفع أصعب الأثمان لعدم قدرة الاحتلال على انجاز اهدافه فأنت مرشح_ اذا ازداد الفشل_
الى مزيد من دفع الأثمان والعقوبات. ولاتدري كم هو مستعبد أن يهرب الاحتلال الى الأمام بارتكاب حماقات جديدة قد تكون ضحيتها.
من جانب أخر_ومع نزول السيد حسن نصرالله الى الارض من خلال تواضعه وحواسه الى طاولة الحوار, الا يصح الاعتقاد بانه لو كان يستشعر الأمان والراحة لما كان هذا التهديد والوعيد ولاستشعرت معه حالة الثقة والأمن والأمان.
ها انت تدور في فلك الأخرين تتغذى على مشاريعهم وهكذا يراك العالم, فعلى ماذا تراك تراهن؟ هل تراهن فقط على نجاح أو خراب مشروع الأخر؟!
وهل يكفي أن تتمكن من المساهمة في انجاح او تخريب مشروع الأخر حتى تنجح؟!
لقد عشت على هذا الحال لسنوات فماذا لو اكتشف الأخر أن استراتيجيتك مبنية على قدرة وحيدة تمتلكها تتمثل ب تخريب مشروع الأخر دون أن يكون لديك مشروعك الخاص بك. ويبرز الشكل الأخر للسؤال:
فان لم يتوفر لديك المشروع الأساسي للصمود والمقاومة والتطوير والتحديث والانتقال ببلدك الى نقاط متقدمة فهل يكفيك أو ينقذك أو يعزز حالك نجاح مشروع فلان أو انتصار استراتيجية علان أو تعثر أو انكسار زيدان؟
أنت ان لم تمتلك مشروعا أو لا تتوفر لديك خطة متكاملة بافكار ورؤى ومستلزمات وأليات عمل وجداول زمنية أليات اختبار, وكوادر لانجاز ما تخطط ........
واضافة الى كل ما سبق أنت ان لم تعرف الصح من الخطأ والصديق من العدو
وان لم تتخلص من الحسابات الوهمية والحقائق الوهمية وان لم تتخلص من بناء المصالح الخاصة الفردية العائلية, وان لم تفكر بان هناك عالم أخر قوى وموجودة على سطح هذه الكرة الارضية وان لم تتوقف عن التفكير بانك جزيزة معزولة .....
ان لم تشرك الجميع في بناء الوطن.
ان لم يحدث كل ذلك فعلى الدنيا السلام والسقوط هو المصير. فهل هناك أذان تصغي وعقول تعي هذه الصرخة الأخيرة؟