اعتقال رموز الفكر و القلم في بلادنا هو امر ليس بجديد حيث بات مصطلح سجناء الراي مصطلحا سوريا بامتياز بعد ان شملت الاعتقالات المعتدلين في خطابهم ايضا فضلا عن معتقلي الكلمه و الفكره ووصل الامر الى سجن كل من لم يكن متفق او حتى متطابق مع ما يريده الحكام الكرام
اعتفال المفكرين و كتم اصحاب القلم حول مسيرة الديمقراطية في بلادنا الى تسلقات لاقزام ما عرف التاريخ منهم الا البطش و النهب, فكان الخاسر الاكبر هو مستقبل سوريا بابعاد اصحاب القلم الحر و استبدالهم بالمرتزقه.. مرتزقه للخطابات و المدح بين الحكام و لصوص المعارضة و بدأت التحضيرات تدخل حيز التنفيذ.. تحضيرات تقسيم البلاد الى طوائف و اثنيات و تحضير القوى المتسلقه لقيادتها..
قد يستفيد النظام باعتقال المثقفين في البلاد و ذلك بكتم اقلامهم و محاولتهم بابعاد المثقفين عن الحراك السياسي في سوريا لكن لا نستطيع ان ننكر ان اعتقال المثقفين ايضا و تهمشيهم قد جاء لمصلحة المعارضة المتسلقة الحاقدة فقط و الباحثة عن الدعم الغربي تلك المعارضة التي تستغل المرض الاجتماعي في سوريا و تسعى لترسيخ الانقسام و التشتت و بذلك تحولت سياسة الكتم و قمع القلم الى سياسة تعود بالنفع لمصلحة النظام المستبد ولمصلحة المعارضة المتسلقة الفارغة.
و اصبحت ماساة المثقف لدينا انه يعيش في مجتمع يحاصره بين هول النظام الحاكم وبين قوالب المعارضة الثابتة.
في عصور النهضة التي مرت بسوريا او حتى في العالم فان اساس التحرك نحو الثورة يكون في البداية بالقلم و الفكر و المرجعيات الثقافية و على اساس هذه الافكار المتوالده و نتيجة الاحداث المتوالية في المنطقة تنشأ الاحزاب و الحركات و التيارات و ظهورها يكون لحاجة تفعيل العمل الديمقراطي او الثوري ضد الاستبداد وبذلك تتحول الامكانيات الفردية الى جماعية فاعلة بشكل اقوى وهو الشكل الادراي المبرمج. اما اليوم فالساحة السياسية في سوريا تشهد تطورت معكوسة ان صح تسميتها بالتطوارات . كل يوم يولد حزب او تيار او مؤتمر وباسماء مختلفة و مطالب واحده و ارتباطات متنوعة.في الوقت الذي تتطلب فيه مرحلتنا بالتركيز على المجتمع ثقافيا و تطويره و ابعاده عن الانحارفات و الانقسامات. فالمثقف لا يمتلك سوى طاقة فكرية متميزة، يتخطى فيها السياسة إلى مقام الفكر والتشييد المؤسس مبتعدا عن الخلخلة والمساءلة والحفر، وهي تقاليد نادرة في بلداننا، لم تنتجها السياسة ذات اللون الواحد والحزب الواحد والفكر الواحد، ولا ثقافة زعامات الكيانات الضيقة والفرق المتناثرة، لذلك فإن عملية تغييب المثقفين هي ضربة موجهة للفكر ولما بقي من السياسة في بلداننا، وتدلّ على انتفاء الشعور بالحس العام والعمل المشترك، وبمفهوم المواطنة والوطن والدولة.
إن مقياس الحركات والأعمال الوطنية كلها هي بمصداقيتها و صدقها وو ضوحها للوطن و المواطن و ليس بكثرة مؤتمراتها و بياناتها . وهذا المقياس الواقعي يميز المثقف اولا لان الثقافة بمعناها هي تصحيح الاعوجاج و يميز التيارات و الاحزاب الوطنيه لانها قامت على اساس العمل لتصحيح الاعوجاج و اعادة سوريا الى وضعها الطبيعي،
اذا فالعمل الوطني و السياسي يجب ان يكون من اهم قضاياه هي قضية الإنسان و وسيلته الإنسان وغايته الإنسان وكرامته.
و اعود الى واقعنا المرير, هذا الواقع لن يتغير إلا بإرادتنا وعزيمتنا والإيمان بأنفسنا, نريد حياة حرة كريمة لنا ولكل المواطنين على امتداد سوريا ولا نريد ان نطلق شعارات جوفاء لكي يسمح لنا فيها بأكل الكاتو في قصر النبلاء مع النبلاء الجدد .