آخر الأخبار

قراءة مجردة

أن تتولى مؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها النقابات مسئولية الانبراء للدفاع عن حقوق منتسبيها من شرائح المجتمع فهذا أمر يبشر بالخير فمؤسسات المجتمع المدني عندما تتولى زمام المبادرة في تقويم أي انحراف وتقصير بأدوات مثل الاحتجاج والإضراب انطلاقا من الشرعية القانونية التي كفلها الدستور كحق أصيل بهدف يصب في المصلحة العليا للمجتمع دون ضرر أو إضرار يترتب علية مزيدا من المعاناة فهذا شيء حميد وانعطافة جديدة أن تنهض تلك المؤسسات والنقابات بدورها الريادي الهام بعد غياب طويل!!!

وبعد التأخر في صرف رواتب موظفي السلطة الفلسطينية لعدة اشهر وكان ذلك بفعل انقلاب في الايدولوجيا السياسية الحاكمة حيث الضغط السياسي الإسرائيلي والدولي بهدف دفع الحكومة الجديدة التخلي عن الخطاب الرسمي الراديكالي والتراجع عن عملية الانغلاق السياسي أو ربما من اجل فرض أملاءات سياسية لم يستطيعوا فرضها على الحكومات السابقة ذات الأيدلوجية السياسية البرجماتية مع فارق الانغلاق والانفتاح السياسي والحقيقة التي لا يستطيع احد إنكارها أن الشعب الفلسطيني بأكمله عماله وموظفيه قطاع عام وخاص التفوا حول نداء الحكومة الفلسطينية بالصبر والصمود والعمل على قلب رجل واحد لإيصال رسالة للواهمين بتركيع الشعب الفلسطيني!!!!

ذلك الالتفاف والصمود لم يقابله سلوك سياسي مسئول من قبل الحكومة الفلسطينية واعني كان على الحكومة استثمار هذا الصمود والخوض في العملية السلمية التي أغلقت بالكامل منذ وصول حركة حماس لقيادة السفينة السياسية بل كان من المفترض تفعيلة العقول السياسية (التكنوقراط!!) مسلحين بإرادة صلبة من خلفهم الجماهير بكاملها ونصب أعينهم عدم التفريط بالثوابت وفي نفس الوقت عدم الانغلاق السياسي وذلك من اجل الإفلات من الشرك الصهيوني وكشف نوايا الكيان الإسرائيلي الذي يدعي الرغبة بالسلام وينتهج الدموية والعدوان لبلوغه, أو على الأقل للحيلولة دون تأييد دولي للسلوك الإسرائيلي بل كان السلوك الدولي اشد تطرفا وعدوانية بالضغط على الحكومة والشعب الفلسطيني وليس كما يدعي الشعراء بخطبهم الرنانة حين قال احدهم بالبشارات السماوية الثلاث(ميلاد القوة التنفيذية مع احترامي لتاريخ المناضلين, وإرسال ريح صرصار كعاد وثمود على جموع أبناء فتح فقلعت خيامهم وشتت شملهم, وانقلاب المجتمع الدولي على إسرائيل لصالح الحكومة الفلسطينية!!!فعجبا ما سمعت من بشارات واستخفاف بعقول الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية) يا سادة يا كرام المجتمع الدولي الصليبي اشد عداء من الكيان الإسرائيلي والحركة الصهيونية عالمية والكيان الإسرائيلي جزء منها وميثاقهم العهد القديم ومن أراد الاستزادة ازده بما تقشعر له الأبدان فكفانا شعرا ونثرا!!!فقد قطع الاتحاد الأوروبي علاقته بالحكومة الشرعية الفلسطينية التي أتت لتكشف زيف شعارات الديمقراطية الصليبية الصهيونية العنصرية وقطعوا المعونات وتنصلوا من كل الالتزامات فكان سلوكهم شؤما وليس بشرى!!!وبدل أن تُعزل إسرائيل العدوانية عُزلت الحكومة الفلسطينية الشرعية!!!

نعم لقد كان التضامن والالتفاف حول الحكومة واجبا وطنيا في مواجهة الابتزاز السياسي الإسرائيلي والدولي كان تضامنا منقطع النظير وكان على الحكومة الفلسطينية أن تعي بان لكل صمود حدود يتطلب صمود الصمود وقودا وان عليها مسئوليات عظام تجاه ذلك التضامن الجماهيري, فقد تَرَدى الوضع المعيشي القائم بالمطلق على الرواتب السياسية فأصبحت أوضاع المتضامنين يرثى لها ولم ينتظر احد من الحكومة تكرار القول بعد ستة اشهر..جوعوا!!موتوا

نعم للجوع ولا للركوع ولكن ضمن البدائل التي وعدت بها الحكومة عند رفع الشعار وفي ضل الوضع الاقتصادي المنهار بسبب الانهيار السياسي فإذا كانت الجماهير الصابرة المرابطة مندفعة بحماسها عن قناعة صوب الصمود والجوع فلا يعني ذلك أن يترك هؤلاء لشبح الجوع الذي سيولد الانفجار الاجتماعي ويفرز ظواهر شديدة الغرابة مثل القتل الرخيص والقرصنة في وضح النهار والانفلات الأمني والأخلاقي وبالتالي ساد قانون العائلة المسلحة ودستور الغابة حيث صراع البقاء والقوي يأكل الضعيف ومن يراهن على الصمود المطلق حقا لا يعلم سيكولوجية المتحمسين والمندفعين فأثبتت التجربة الداخلية واقصد الفلسطينية الفلسطينية أن لا رهان على ثبات مطلق!!!

شدني كلمة لأحدى الفتيات عبر عين الكمرات المتلفزة حين قالت:لم نحتج ولم نضرب منذ ستة اشهر بل يحدث ذلك الان كإفراز للتراكم والوصول إلى الخطوط الحمراء وكان ذلك في معرض ردها على دحض الادعاء بتسييس الإضراب والمقصود لصالح حزب وضد أخر لكنه جاء عندما بلغ السيل الزُبى!!!

المهم أن نقابة العاملين والمعلمين وبخطوة غير مسبوقة أعلنوا إضرابا شاملا ومفتوحا شمل كافة القطاعات العامة تعليم, صحة, بلديات, الشئون المدنية الداخلية...الخ واعتبروا أن فشل الحكومة وعجزها عن توفير مستحقات العاملين منذ ستة اشهر كانت سابق إنذار مؤجل بغض النظر عن المسببات التي قد تدوم اشهر أخرى طالما اتخذت الحكومة موقعا سياسيا سلبيا يترتب عليه الانهيار الاقتصادي والأمني ألا وهو الانغلاق السياسي في حين أن العملية التشريعية جاءت وفق العملية السياسية وفي المقابل فان الانفتاح الذر على عملية التفاوض لايعني خيانة ولاتنازل ولا تفريط إلا عندما يحدث التنازل والتفريط نفسه ولا يوجد قوة كونية تستطيع ثني شعبنا عن ثوابته أو التفريط بها!!!

فقد سبق أن أديرت العملية السياسية بواسطة حكومات سابقة وصفت بالفساد لكنها كانت توفر بشكل منتظم رواتب العاملين ولم يفرطوا بأي من الثوابت الفلسطينية حكومات وصفت بجيش لحد المتعاون مع الكيان الصهيوني في حين أن ذروة وتيرة المقاومة كانت في معينها وفي زمانها قتال ومواجهات وعمليات استشهادية وقصف صاروخي وكانت الأمور تسير بفعل الحنكة والإدارة القادرة على توجيه المتناقضات دون انغلاق أو تفريط!!!

المحظور وزخم البداية الخاطىء:
تلك النقابات التي نستبشر خيرا بنهضتها وفعاليتها كي تصبح بوصلة أمان وحصن واقي للمجتمع المدني والتي اتخذت قرار الإضراب انطلاقا من حق مشروع ومكفول بالقانون يؤخذ عليها إن الخطوة التي بدأت بها كان من المفترض أن تكون النهاية وليس البداية بمعنى ما كان يجب إعلان الإضراب الشامل والمفتوح بل إضراب جزئي مؤقت يتصاعد وفق آليات تضمن عدم الانفلات مع التأكيد على عدم تجيير الفعل والفعل المضاد تنظيميا وحزبيا, وزيادة في التوضيح لقد بدأت خطوة الإضراب الأولى بزخم هائل بفتح النار من العيار الثقيل على الحكومة المتخبطة سياسيا واقتصاديا وامنيا في حين كان المطلوب أو الأنجع بدء إضراب جزئي يشمل بعض مرافق المؤسسات يأخذ شكل التصعيد الحميد إن لزم الأمر ويتوقف ذلك على معيار عادل حسب تعامل الحكومة واستجابتها لمطالب المضربين العادلة بحدها الأدنى أو سقفها الأعلى يتم تحديد ذلك بالحوار والتفاوض فجزئية الإضراب كبداية يدفع من تقع على عاتقه المسئولية بحكم التفويض الجماهيري أن يتعاطى مع الأمر بجدية خشية التصعيد اللاحق وربما هذه البداية النارية وطوفان حجم وزمن الإضراب دفع الحكومة إلى مزيد من التخبط بل وتكفير وتجريم المضربين بدل التفاوض والدبلوماسية مع القيادات النقابية التي تخوض الإضراب والكشف عن حقيقة خطوتهم القوية بل وتوجيه الإضراب من خلال طلب المهلة للتفاوض والدعوة لتحديد مسار الإضراب بحيث لا يمس جوهره ولايريك المسئول لدرجة عدم القدرة على التفكير واتخاذ القرار الصائب!!!!
بل وربما المأخذ الأساسي على خطوة الإضراب رغم عدالة المطالب والحاجة الماسة للرواتب لتامين أدنى مطالب الحياة المستورة لأبنائهم فكان قرار الإضراب في أول يوم من بدء العام الدراسي توقيتا غير موفق أو في غير صالح احد والأخطر من ذلك هو جعله إضرابا مفتوحا وربما كان من المفضل الإعلان عنه بعد انتظام العملية التعليمية بأيام أو أسابيع مع إعلام الجهات المسئولة عن جدية الخطوة الاحتجاجية وتحمل المسئولية على أن يتم تعليق الدراسة كبداية تحذيرية لعدة ساعات ومن ثم التصعيد القانوني للإضراب حسب الاستجابة أو الاستهانة, والأخطر من هذا كله ضرر البداية الشاملة والمفتوحة على المؤسسة الصحية التي كان يجب أن تستثنى في البدايات من الإضراب الشامل والمفتوح أو على الأقل تعليق العمل جزئيا في بعض الإدارات الصحية فالشمولية والاستمرارية كارثة والتأخر في استقبال بعض المرضى أو التسويف بإجراء عمليات قد يتسبب في إزهاق بعض الأرواح البريئة وهنا لن يكون احد بريئا لا نقابات ولا حكومة ولا حتى أقلام السلطان!!!!!!

وبالتأكيد أن إزهاق الأرواح من محاذير قيادة الإضراب لكن الشمولية والاستمرار قد تجعل من المحظور ممكنا لاسمح الله ويكون الشعرة التي تقسم ظهر البعير بالنسبة لعدالة مطالب المضربين!!!!
هذا ما أردت طرحه كفكر وسلوك وسطي نعم للإضراب كحق كفلته الأعراف والقوانين ولكن كان يجب البدء به من الحالة الجزئية إلى التصعيد الكلي وهذا ينطبق على زمان ومكان المواقع التي سيشملها الإضراب على قاعدة أول الغيث قطرة سواء بقرار الاضراب أو الاستجابة للمطالب!!!!
إضرابا بسيطا يتصاعد وتوقيتا مختارا بحكمة وعناية فائقة إضراب جزئي(تعليق) يتصاعد والاتجاه البياني من خصوصية الجزئية إلى الشمولية الكلية حسب؟؟؟!!! مع اعتماد الاستثناءات المكانية والزما نية داخل المؤسسة للحيلولة دون وقوع أضرار تضيع مجهود العمل النقابي الحميد ويسيء لأي سلوك عشوائي غير محسوب فالمخاطر المحسوبة غير المغامرات الغير محسوبة فما هو مصير الإضراب الطوفاني؟؟؟

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة بعيدا عن عنترية المتنفذين وغوغائية التصريحات, ماهي الخطوات العملية وفق الامكانات الحقيقية المتاحة التي ستتخذها الحكومة لمواجهة هذه البداية الاحتجاجية التي أخذت طابع الطوفان الشامل والمفتوح؟؟؟
هل ستنجر الحكومة الىالاستفزاز وتحكيم لغة القوة والعناد جراء الخطوة الشمولية المفتوحة تعبر عن سلوك مرتبك وتنتهج الصدام لإنهاء الإضراب؟؟ وبالتالي سيتعاطف الجميع مع المضربين لان مطالبهم الأساسية مشروعة وعادلة؟؟؟

وهل تنتهج الحكومة أساليب الحكمة والعقلانية والمنطق وتتحمل مسئولياتها لتُدير هذه الأزمة وتتفاوض مع المضربين بشكل جدي وعلى أرضية الشفافية المطلقة؟؟؟؟؟

وهل سيفقد الإضراب معناه بسبب بداية الشمولية والاستمرارية بسبب استنفاذ الوسائل من البداية؟؟؟

وهل يتحول الإضراب إلى ملعب تنظير حزبي أو سياسي ومن سيكون الخاسر أو الرابح؟؟؟
فالنقابة التي تقود الإضراب كما تطالب باستحقاقات مشروعة عليها واجبات لضبط الأمور حتى لا تخرج العملية عن طور الاحتجاج الشرعي الديمقراطي القانوني وتتحول العملية إلى فوضى وإضرار بالمؤسسة المشلولة بفعل الشمولية والاستمرارية والتي كان يجب تعطيل جزء من عملها كبداية وإذا ما حدث ذلك بفعل هذه البداية الخاطئة من حيث الشمولية والاستمرار لان الاستمرار لايمكن أن يصمد طويلا فكان يجب التعليق الجزئي والتعطيل وصولا إلى الشمولية الكلية والشلل إذا ما استخفت الحكومة بمطالب المضربين!!!

وكذلك الحكومة يجب أن تخرج من كهف الصمت بعيدا عن شعار الجوع والركوع بعد ستة اشهر من الجوع الأسطوري وعليها إدارة الأزمة الحقيقية برفق يؤدي إلى وضع آلية لحل هذه الأزمة المستعصية التي قد يتبعها أزمات اشد وطأة وضرر!!!

واختم بالقول إذا كان الخطأ بشمولية وفتح الإضراب فان الخطيئة في إطلاق العنان لتصريحات محسوبة وغير مسئولة كالتهديد الجماعي بالقتل كما جاء على لسان الناطق باسم الداخلية الفلسطينية وترويع المواطنين عندما نوه بإمكانية وقوع قتلى خلال الاحتجاجات والمظاهرات وهذا كلام غير مقبول وغير مسئول ينتظر الجميع من معالي وزير الداخلية وحتى الأخ رئيس الوزراء الذي نكن له كل تقدير واحترام التبرؤ من التصريح!!!

ورغم أن زخم الإضراب كما أسلفت شامل ومفتوح غير محبب كبداية إلا انه لا يبرر الاعتداء على من كادوا أن يكونوا رُسلاً لان المعلم صاحب رسالة علمية مقدسة المدرسة لها حرمة الجامع فجميعها دور عبادة والملائكة تسجد للعلماء فلا يجوز الاعتداء عليهم والتفرد بجزء منهم على اعتبار أن الإضراب قرار جماعي وليس فردي فالعنوان معروف النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والأدوات المشروعة لا حاجة لتعريفها بغير التفاوض والحوار والإقناع وإشراك الشعب صاحب السلطة الرئيسية بالمسئولية شُح المنابع وفق ثوابت موثقة وشفافية, ولايفوتني أن انوه أن العنف لكسر الإضراب أو العنف لتعميمه هو جريمة لا تغتفر!!

ارجوا التعاطي مع هذه المعطيات دون استفزاز لهذا أو ذاك فالحقيقة لا ترضي اثنين يتربص كل منهما بالأخر...لكن العدالة وان لم ترضي البعض فهي الظافرة بإذن الله. والله من وراء القصد...

greatpalestine@hotmail.com