في ليلة نورماندية صيفية منعشة,التقى زعيمان طامحان لتغيير العالم وإعادة رسم خرائط النفوذ في العالم أو على الأقل في منطقتنا المنهكة ..
وبدا وهما على هذة الحالة أشبه بالزعماء المنتصرين الخارجين من الحرب العالمية الثانية في يالطا -وربما أن المناسبة التي جمعتهما وهي إنزال قوات الحلفاء في النورماندي والتي كانت بداية تقهقر وسقوط ألمانيا , هي التي أوحت لهما بهذا الشعور المضلل والمغالي.
نتج عن هذا التلاقي الاتفاق على القرار 1559 والذي يطلب من سوريا مغادرة لبنان ويدعو لنزع سلاح المقاومة اللبنانية.
صدر القرار ولم يقل أحد كيف سينفذ , هل ستأتي قوات فرنسية مجوقلة أو أمريكية محمولة لتطرد السوريين, أم أن ثوار الأرز سيمتطون صهوات الجياد لإعلان مقاومة باسلة ضدهم ...
لم يستسغ هؤلاء الثوار أمر المقاومة , خاصة وأنهم ديموقراطيون لا يؤمنون بالعنف , وفضلوا أن يتم الأمر على غرار أوكرانيا أي ثورة بالشال والإعلام .
ولم يبد الفرنسيون وأمريكا التي كانت قد بدأت بالغرق في العراق .أية رغبة في مغامرة عسكرية جديدة .
وتفتق العقل الجهنمي عن خطة بسيطة تكون الشرارة المطلوبة وبأقل الأثمان.
هذة الخطة تتلخص بتهيئة الجو لاغتيال شخصية من طائفة معينة لها ثقلها العربي والمحلي ,بحيث توجه أصابع الإتهام إلى سوريا آليا ,بعد أن يتم الإيحاء للحريري بأنه مستهدف وعليه قطع الجسور على الرغم من أنه قد فهم اللعبة كما يبدو ووافق على التمديد للحود قاطعا الطريق على هؤلاء, ولكن سيظل هناك من يلعب بين الفواصل الغامضة .
وفعلا تم اغتيال الحريري وتم إخراج السوريين بسهولة وبسرعة .
ونجحت الخطوات الأولى وبدا الطريق واعدا مثمرا .
لكن بقيت عقدة سلاح المقاومة ,تم في البدء تطمين هذة المقاومة ببيان يحمي حقها في القتال لاسترجاع بقية الأرض والأسرى وتم ضمها للحكومة ولكن بدون أن يكون لها قدرة ممانعة أي قرار لا يوافق مصالحها.
وذلك كان ثمرة لما دعي بالتحالف الرباعي في الانتخابات النيابية والذي أتى بهذة الأكثرية (72 من 128),وكان الفضل في ذلك فوز 11 نائبا في دائرة عالية -بعبدا من هذا التحالف(10 نواب لجنبلاط).
راقت اللعبة للذئاب ,وأصبحت كل خطوة جديدة تحتاج لدم لكي تنجح.
فاختاروا الضحايا بعد الحريري من المسيحيين(شدياق,حاوي,تويني,الجميل..)وذلك لهدفين: تطويق ميشيل عون وعزله مسيحيا ,واستكمال تمرير الخطوات في الحكومة على وقع هول وصدمة الجرائم.
لكن ..الجريمة الأخيرة ,تم ارتجالها بسرعة وتم قتل المغدور الوزير الجميل في وضح النهار وعلى مرأى من الناس وفي منطقته,على طريقة رجال العصابات ,وذلك لأن الوقت أصبح داهما ويجب تعطيل تحرك المعارضة في الشارع وإقرار مسودة المحكمة الدولية ,خشبة الخلاص الأخيرة.
وأتت هذة الجريمة بنتائج عكسية ,فلم ينجح الحشد الذي دعوا إليه ولم ينجحوا بعزل عون مسيحيا, ولكن تم تمرير مسودة قانون المحكمة وبسرعة ,ولكن بعد أن خرج وزراء المعارضة من الحكومة ساحبين الغطاء الشرعي والدستوري عنها.
إن الرهان الآن والسؤال :هل تنجح (المعارضة) في اجتياز مطب الفتنة والتجييش المذهبي - السلاح الأخير - لدى هؤلاء ؟
يبدو من أداء هذة (المعارضة )حتى الآن أنها ستنجح..
مع أن الذئاب تحوم على التخوم , وتبحث عن التفاصيل والزوايا الغامضة ,وتود أن تجد من يرقص معها رقصتها الأخيرة.