قرأتُ قصيدة صينية
مكتوبة قبل ألف عام.
يتحدث فيها المؤلف عن المطر
المتساقط طوال الليل
فوق سطح زورق خيزراني
وعن الهدوء الذي حلّ
بقلبه أخيرا.
هل من قبيل الصدفة
أن يحلّ ثانية نوفمبرُ والضبابُ
والغسقُ الرصاصي؟
أهي الصدفة،
أن يحيا امرؤ مرة أخرى؟
الشعراءُ يعلقون أهميةً كبرى
على النجاحات والجوائز،
لكن خريفا بعد خريف
تنزع الأشجارُ الفخورة من أوراقها
وما تبَقى من شيء
فهو خرير المطر
في القصائد التي هي ليست
بالبهيجة، ولا بالحزينة.
الصفاء وحده غير مرئي
والمساءُ، حينما يتناسانا
الظل والضوء لوهلة
منشغلين بخلط الأسرار.
--------------------------------------------------------------------------------
العَدَمُ ذلك اليومَ
ذلك اليومَ العدمُ
كما لو تواضعا
صار نارا
فأحرقَ شفاهَ
الأطفال والشعراء.
--------------------------------------------------------------------------------
لم أكنْ في هذه القصيدة
لم أكنْ في هذه القصيدة،
برَكٌ لامعة ونظيفة فقط،
عين صغيرة لسحلية، ريح
ونغمات هارمونيكا،
ملتصقة لكنْ ليست بشفتيَ.
--------------------------------------------------------------------------------
أنثولوجيا
في المساء قرأتُ أنثولوجيا.
كانت خلف النافذة ترعى غيوم قرمزية
اختفى اليومُ الفائتُ في المتحف.
وأنتَ - مَنْ أنتَ؟
لاأعرفُ. لم أكنْ أدري
أ وُلِدتُ للفرح؟
أم الحزن؟ أم للانتظار الطويل؟
في هواء الغسق النقي
قرأتُ أنثولوجيا.
* آدم زاغاييفسكي- Adam Zagajewski- ولد آدم زاغاييفسكي في مدينة (لفوف) في
أوكرانيا سنة 1945، وبعد ولادته مباشرة انتقلت أسرته البولندية إلى جنوب
بولندا. درس الفلسفة في جامعة كراكوف، التي عاد ليستقر فيها بعد سنوات من
الغربة قضاها بين باريس وهيوستن الأمريكية، نشر زاغاييفسكي لحد الآن عشرة
دواوين شعرية، كان آخرها ديوان"الأنتينات"(2005)، كما وله روايتان، وسبعة كتب
نقدية. وترجمت أشعاره إلى لغات عالمية عديدة. يعتبر، في نظر النقاد، من بين
أبرز الشعراء البولنديين اليوم.