قصة الهندسه (5)
و ما نعنيه بصيغ أخرى للمسلمة الخامسة، هو أن أيا من النظريات التي
سنعرضها لاحقا يمكن اعتمادها كمسلمة عوضا عن المسلمة الخامسة لاإقليدس،
و عندها تصبح مسلمة إقليدس هذه نظرية يمكن برهانها ببساطة.
و لكن إن احتفظنا بمسلمة إقليدس الخامسة، فكل ما يلي هو نظريات يمكن
برهانها ببساطة ضمن هندسة إقليدس...
في كل من الحالات التالية، سنسبق نص النظرية باسم عالم الهندسة الذي
استخدمها -سواء كان واعيا أنها مسلمة، أم كان استخدامه لها مضمرا
بصفتها بديهية...
1- مسلمة بلايفير و قد ذكرناها أعلاه: من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم
مواز واحد لهذا المستقيم
2- مسلمة ساكيري (Saccheri): مجموع زوايا المثلث يساوي قائمتين (180
درجة).
3- مسلمة أخرى لساكيري: الزاوية المرسومة ضمن نصف دائرة قائمة.
4- أيضا من ساكيري: مجموع زوايا أي شكل رباعي يساوي أربع زوايا قائمة.
5- العباس بن سعيد الجواهري: طول الخط النازل من الزاوية القائمة على
الوتر في مثلث قائم يساوي نصف طول الوتر.
6- مسلمة بولايي (Bolyai): من ثلاث نقاط غير واقعة على مستقيم واحد تمر
دائرة.
7- غوص: يوجد مثلثات كبيرة.
8- مسلمة واليس (Wallis): توجد مثلثات مشابهة لمثلث ما.
9- مسلمة أخرى من ساكيري: يوجد مثلثان متشابهان.
10- مسلمة أخرى من إقليدس: المستقيمان الموازيان لثالث متوازيان فيما
بينهما.
11- ابن الهيثم: مستقيمان متقاطعان لا يمكن لهما أن يوازيا مستقيما
ثالثا (نفس السابقة).
12- من ابن الهيثم أيضا: البعد بين المستقيمين المتوازيين ثابت.
13- من ابن الهيثم مجددا: البعد بين مستقيمين متوازيين محدود (هذه أجمل
من السابقة).
14- من ابن سينا، و من ابن الهيثم أيضا: النقاط متساوية البعد عن
مستقيم تمثل مستقيما.
15- الجواهري مجددا: من نقطة داخل زاوية يمكن رسم مستقيم يقطع ضلعي
الزاوية.
16- الطوسي: إن أنشأنا عمودا على مستقيم، و أنشأنا قاطعا آخر له بحيث
لا يكون عمودا، فهما متقاطعان.
17- الخ... إلخ... إلى ما لانهاية له...
دعوني آخذ مسلمة غوص : يوجد مثلثات كبيرة! هذه
المسلمة لشدة بساطتها تبدو و كأنها بديهية... و لكن مع ذلك، ف غوص
لم يخدع بها و اعتبر أنها مسلمة تساوي في صعوبة برهانها أي مسلمة أخرى
مكافئة...
نفس الكلام ينطبق على مسلمة ساكيري القائلة "يوجد مثلثان متشابهان"، أو
مسلمة الجواهري الأخيرة "من نقطة داخل زاوية يمكن رسم مستقيم يقطع ضلعي
الزاوية"...
من بين كافة هذه الصياغات الممكنة، لماذا اختار إقليدس أسوأ صياغة
ممكنة على الإطلاق؟
هناك رأي يقول أن إقليدس أراد ابتداء أن يضع مسلمته الخامسة بشكل نظرية
و يبرهنها انطلاقا من بقية المسلمات، ثم إنه حين حاول ذلك وجد نفسه
ينتقل من صيغة لأخرى من الصيغ التي كتبناها أعلاه، و كل مرة يجد نفسه
مضطرا من جديد أن يقبل بها كمسلمة بديلة أو أن يحاول برهانها... حتى
إذا ما أعياه البحث، و اضطر أن يتخلى عن محاولة البرهنة على هذه
"النظرية"، فإنه وضعها بشكل مسلمة... و لكن كي يترك المجال لعلماء
الهندسة بعده أن يتابعوا فيما عجز هو عنه، فإنه اختار أسوأ صياغة ممكنة
لهذه المسلمة، كي تكون استفزازا و تحديا للرياضيين من بعده بحيث يدفعهم
للتفكير فيها...
سواء صح هذا الرأي أم لم يصح، فهذا هو ما حصل حقا عبر التاريخ: لقد
استفزت هذه الصياغة كبار الرياضيين عبر التاريخ و دفعتهم لمحاولة
برهانها... حتى توصل لوباتشيفسكي لصياغة الهندسة
اللاإقليدية...
في مقالي المقبل سأحاول وضع مجموعة براهين رياضية على بعض نظريات
إقليدس ذات الصلة...
فلي عودة...