الفنان الباحث
سعيد حمزة
البكائيات
الحزن ، والشكوى ، والألم ، والدموع ،
والتوجع ، واليأس ، والمرض ، والقهر ، الرجاء ،
الحرمان ، الفراق ،
المقدمة
يقصد بها أنواع الغناء الفراتي الفلكلوري ذو الطابع الحزين الذي
يثير المشاعر ويشحنها على البكاء وكذلك ما يدخل في بكائيات الأدب
الشعبي وظاهرة البكاء والحزن ليست بجديدة بل هيَّ قديمة جداً في
المنطقة سنتطرق لها بالتفصيل بالقادم من هذه الدراسة
ومن هذه الألوان البكائية الفلكلورية في الأدب الشعبي الفراتي
هيَّ :
1 ـ الفراقيات ( العتابا ذات الطابع الحزين ، والرثائية )
2 ـ السويحلي ( الجانب البكائي ، والرثائي )
3 ـ النايل ( الجانب البكائي ، والرثائي )
5 ـ الأغاني الحزينة مثل :
( المولية ، سكابا يا دموع العين ، وغيرها ...)
6 ـ الهدي
7ـ النعي
8 ـ الندب
9 ـ الحكايا الحزينة :
10 ـ القصيد : ( ذو الطابع الحزين )
فن العتابا الفراتية
هو أحد الألوان الغنائية الفراتية البكائية تنظم على البحر
الوافر بأربع شطرات ويسميها الديريون أيضاً (مواويل ديرية قديمة
، عتابا ديرية ، عتابا حزينة ) وتغنى بجميع المناسبات بمرافقة
آلة الربابة أو الشاخولة أو بدونها من نغم ( البيات ، الصبا ،
الحجاز ، الصبا زمزمة ) هذا قديماً أما الآن ممكن أدائها على أي
مقام موسيقي مع الآلات الموسيقية ولفن العتابا صنفان يختلفان في
المضمون هما : (الفراكيات ، والهواويات ) ولكن ما نحن بصدد
التكلم هيَّ الفراكيات فقط
1 - الفراكيات : لون حزين بكلماته وطريقة أدائه وخصوصاً إذا كان
بمرافقة الربابة لأن صوتها يثير أيضاً الحزن . يعبـر فيه قائله
عن الفراق و اللوعة والقهر والحرمان والظلم الإجتماعي وبُعد
الحبيب والأهل وأكثر ما كانت تغنى سابقاً في الدواوين الديرية
القديمة التي يحضرها كبار السن حيث كانت تقام أحياناً جلسات
ليلية للترفيه والترويح عن النفس ولكن لا تخلو هذه الجلسات من
المرور على الحزن والبكائيات وخوصاً العتابا وتسمى هذه الجلسات (
بالتعليلة ) وأحياناً تخصص مثل هذه الجلسات بأكملها للحديث عن
فقدان عزيز أو إحياء ذكراه وتكون إما بأحد هذه الدواوين أو أحد
البيوت وتخصص هذه الجلسة للبكاء حزناً على فقدان عزيز على
الجالسين بهذه التعليلة البكائية حيث يحضر مطرب أو قوال العتابا
( الفراقيات ) ويطلب منه صاحب الدار أو صاحب العزاء أو المصيبة
أن يغني لهم حيث يقول :
( هات اسمعنا يابو فلان من هل الأبيات الحزينة اللي تبكي الحجر )
( هات سمعنا يا خوي من الأبيات اللي توجع الكلب )
ويبدأ بغناء أبيات يختارها من المعبرة عن الحزن العميق واللوعة
وفقدان الأحبة الأعزاء على أهلهم وأصدقائهم
وأشهر من كَتبَ في هذا المجال ( الفراكيات ) الشيخ الشاعر عبد
الله الفاضل
ومن أشهر أبياته :
هلك شالوا على مَك حُول يا شير ورمولك عظا م الحير يا شير
لون تبكي بطول الدهر يا شير هلك شالو على حمص وحماه
ولها لون آخر يدعى الهواويات
2ـ الهواويات : تكتب وتؤدى بنفس طريقة الفراكيات ولكن مضمونها
غزلي ووقع مفرداتها أخف على النفس من الفراكيات وأكثر ما كانت
تؤدى في مجالس الشباب ليعبروا فيها عما يجيش بأنفسهم من حب وتغزل
ومن هذه الأبيات :
تَرِفْ ما راعْني حُسنكْ مْنَ الَّكْ حِجْلَكْ جَلَّفْ الْصايِغْ
مْنَ الَّكْ
عيونَ الْسُودْ يا مْدللْ مْنيلَكْ شِرى وِلَّا مْنَ الْباري
عَطا
*****************************
وأكثر أبيات العتابا غير معروف قائلها الأصلي وهناك مقولة
مضمونها أن كل بيت عتابا يبدأ بكلمة هلي ينسب لعبد الله الفاضل
وهذا الكلام غير دقيق وليس له دليل قطعي لأن الفنون القولية هي
فنون متوارثة وينظم الشعراء على نمطها وأكيد هناك أبيات تبدأ
بكلمة هلي هي قطعاً ليست لعبد الله الفاضل والله أعلم
وأشهر من غنى العتابا الفراتية بمنطقتنا :
وهذا على سبيل المثال وليس الحصر لأن الذين يغنون هذا اللون كثر
يصعب ذكرهم ولكن سنذكر المشهورين منهم ( دويدة القنبر ، حسن الطه
، ابراهيم الجراد ، سليمان الخشم ، نبيل الآغا ، محمد الهزاع )
سبب تسميتها بالعتابا : هناك رأي يقول :
أن رجلاً لديه ولداً وحيداً يحبه حباً جماً تزوج من امرأة ثانية
تسمى عتابا وكانت امرأة عاقر وفي يوم من الأيام فكرت بالخلاص من
ابن ذرتها التي كانت تباهيها به وتعيرها بأنها لا تنجب وكذلك كي
يدب الحزن في قلب أبيه ( زوجها ) كي لا يفكر بالزواج مرة أخرى
والسبب الأهم لتحرق قلب أمه ( ذرتها ) وبهذا يخلو لها الجو أكثر
بزوجها الذي يشغل أكثر أوقاته باللعب مع الطفل وتدليله وإهمالها
لكونها لم تنجب وبالفعل نفذت جريمتها وراحت عتابا تبكي وتولول مع
النساء على مبدأ الممثل القائل تقتل القتيل وتمشي بجنازته وعندما
اكتشف الأب القاتلة وقرر طلاقها أولاً حيث قال فيها :
عتابا بين لحظي وبين لَفتي عتابا ليش ولغيري ولفتي
أنا ما روح للكاضي ولا افتي عتابا بالثلاثة مطلكا
ولكنه بطلاقها لم يشفي غليله من قاتلة وحيده فقرر الانتقام منها
وقال فيها :
أني لذبح عتابا بسيف مسنون وكلبي بير عليه البدو يسنون
محرم عليج الفرح والظحك يا سنون مازال الشندلو حالي غياب
ومنذ ذلك التاريخ كل من يقول أو يغني ما يشابه تلك الأبيات صار
يسمى ( عتابا ) نسبة إلى المرأة القاتلة التي حرمت أمه وأبيه منه
وصارت تسمى بالفراقيات
وهناك رأي آخر يقول :
أنها من العتاب واللوم أي يعاتب بكلامه الدهر أو الأحبة أو الأهل
... ومع الزمن أصبح هذا النوع يسمى عتابا
وأشهر من جمع العتابا الفراتية ودونها :
هو المرحوم صالح السيد أبو جناة في كتابه المسمى ( ديوان العتابا
) وقد ساهم معه في الجمع عبود العرضي ، ابراهيم الجراد ، سليمان
الخشم ، ناجي حطاب ، عدنان فتيح ) وقد سجل المرحوم ابراهيم
الجراد ديوان العتابا كاملاً بصوته مع العزف على آلة الربابة تحت
إشراف وتسجيل صوت الشرق لصاحبه المرحوم ناجي حطاب الذي كان
مغرماً بهذا اللون وساهم بالحفاظ على الفلكلور من الاندثار من
خلال تسجيلات قام بها ونشرها
كذلك الباحث أحمد شوحان (ديوان العتابا..تبص5فيه ما بقي من
العتابا الفراتية معتمداً على الروايات الشفهية والمخطوطات التي
حصل عليها وأيضاً دون العتابا التي تخص عبد الله الفاضل من خلال
كتاب بعنوان ديوان ( عبد الله الفاضل وقصة حياته )
السويحلي : لون من الألوان الغنائية الفراتية والذي يغلب عليه
طابع الحزن والبكاء
النايل الفراتي :
هو أحد الألوان الغنائية الفراتية ولكن يغلب على كلماته طابع
الحزن أما طريقة أدائه فهي طريقة حزينة عمادها البطء والتعبير
الصوتي الدرامي ذو الدفقة الواحدة المليء بالصور والتعابير
الصادقة والجميلة ببساطتها وعفويتها وخصوصاً أنه يستخدم في أدائه
نغمياً مقام الصبا وهو من المقامات الموسيقية ذات الطابع الحزين
ويغنى برفقة الربابة بالجلسة أو بدونها أثناء العمل بالبساتين أو
الحصاد أو من قبل البنات والنساء أثناء فتل الشعيرية ولكل من هذه
الأبيات الحزينة في غناء النايل قصة تحكي موضوعه ومن هذه الأبيات
التي تعبر عن الحزن والتي هي محور بحثنا
لزرع شكارى لعشيري واسقيها ميْ العين
واحصد هروش الكلب لا ما يجيني الزين
روحي وكلبي إلك لثنين أضحي لكْ
نيران تشعل بالكلب بعد شتريد أسويلك
غابت عليَّ الشمس وشمالتي بيدي
أنطر خيال الترف وية الحوا صيدي
عيني وعين امي ساكن بدلالي
تسوى خوالي وهلي وانت العلي غالي
منك زغير حلو وشلون لو شبيت
عيونك رصاص ارملي يضرب بوجه البيت
وله استخدامات ومناسبات كثيرة يقال فيها ويعبر عنها يستخدم مثلا
:
_ للمراسلة :
لرسل سلامي عجل وياك يا طروقي
وجعانة من سنة دزوا على شوكي
لرسل سلامي عجل وية الهوى العالي
ما زال شمس وكمر مسلاك يا لغالي
يا تيل يا بو عمد اسرع وجيب اخبار
العين عكب الولف عيت لذيذ النوم
مريت دار الولف ملهث ومشتاكي
ومنصح يا غالي الكلب تصخا بالفراكي
البكائيا
في فن المولية الفراتية
الحزن ، والشكوى ، والألم ، والدموع ،
والتوجع ، واليأس ، والمرض ، والقهر ، الرجاء ،
الحرمان ، الفراق ،
المولية :
ـ علعين موليتين علعين مولية الكلب ذاب وذبل ومكابل المية
ـ الله على ابو زلف عيني يا مولاية يا حباب لا ترحلون ضلوا
حوالاية
يعتبر الأدب الفراتي بشكل عام ، طابعه حزين لأسباب بات الجميع
يعرفها ، أهمها الطبيعة القاسية ، والاستعمار , وما يخلفه من فقر
، وحرمان ، والشعر الشعبي الغنائي ، هو أحد روافد هذا الأدب ،
الذي غرق في بحر الحزن ، لأنه شعر العامية ، وخصوصاً البسطاء ،
والفقراء منهم ، الذين يسكن الحزن فيهم ، ويعشعش في صدورهم ، وهم
الأكثر معاناتاً ، وصدقاً في التعبير ، وعفوية في السلوك ، وهذا
أحدهم يصف لنا حزنه العميق ، والشخصي ، لأنه حرم من الأولاد ،
ولكن عزاءه بزوجته الصالحة التي تقف إلى جانبه ، ومساعدة جيرانهم
له .
ياريمتي دَلِليْني مانيْ وَجْعاني لكِنْ مِنْ زُودْ الْحِزِنْ
والله أَعِنْ آني
لُوْلاجْ يا رْويمتي اوْناسْ جِيرَانيْ يِحنونْ الْحالتي وِانْتِ
السَنَدْ ليًة
=======================
والمولية ركن من أركان الشعر الشعبي الغنائي الفراتي . وهي ذات
طابع حزين ، ونبرة مؤثرة على النفس البشرية ، لصدقها ، وعفويتها
، وبساطتها مغلفة بالحسرة ، والهموم ، وفقدان الأمل ، وأحياناً
ذوبان الروح في الحزن ، والألم عند شاعر المولية ، ووصفه لحالة
تخصه ، أو تخص غيره ، تقذفه باتجاه اليأس ، ويشعر أنه منزلق إلى
الهاوية ، أو الموت ، وأحياناً من شدة الوجد ، والحزن يصف لنا
الشاعر أحد الحالات ، وكأن صاحبها ، أصبح هيكلاً عظمياً ، تاه
فيه النبض ، يبحث عن شريانه ، ليستقر فيه مستنجداً بأهله ،
وعشيرته عسى أن يعفو عنه ، ويحن قلبهم عليه ، ويرحمونه من الغربة
، التي يعيش فيها مكرهاً ، بسبب تهمة باطلة لبسته لا ناقة ولا
جمل له فيها ، ولكن هذه عادة قديمة ، كانت متبعة في بعض العشائر
، وهي نفي من يرتكب خطأً لا ترضى عنه العادات والتقاليد .
الْهَمِ فَتفتْ اچْبودي ودْعاني مَوْاتي (1) اوخلاني جِلدْ
اوعَظمْ ياخلك مَوَاتي
أريد أخطْ الْهلي وارْسِلْ اكتاباتي بلچي يِحِنْ كَلبهم وِتْعودْ
المِْجارية
========================
الْوَجِهْ ياضيْ چالْكَمَرْ يانُورَ الِعْيونيْ مِنْ يُومْ
ماشِفْتكُمْ ظَليْتْ مَحْزوْنيْ
وِالْنُومْ مِنيْ شَرَدْ وِالْعَكُلْ مَجْنونيْ وْهايْ آنيْ مِنْ
شِفْتِكُمْ وِيْلاهْ وِيْليْة
=======================
ولكن لا جدوى ، فلا بد من معاركة الألم والحسرة ، لاستمرار
الحياة التي مَلّها ، ولكنها الأقدار التي تنبت مخالبها في
أجسادنا ، أحياناً حتى الموت وتصبح مجرد ذكرى في أحد أبيات
المولية ، هذا أحدهم لا يستطيع أن ينسى ولف الجهل الذين يعنون
على باله كلما غابت الشمس ، وأشرقت ترقب عينه عودتهم أو أن يجدهم
يلوحون له في الأفق .
الْشَمسْ لو غَرُبتْ والْفي لو مالي ياخوي وِلفَ الْجَهلْ عَنوْ
على بالي
عِيني اتْلوجَ الْنَزلْ اتْدِوْرْ ابو اهْلالي اتْريدْ وِلْد
الْحَمولة الْتُذُكرو ليَة
وهذا آخر يمرون من أمامه ، ويرحلون ولا يستطيع أن يودعهم ، أو
يرحل معهم ، ولا ينطق ببنت شفة ، أو حتى لو نظرة ، تاركين له
الذكرى ، والحسرة ، والدموع لتؤنسه في وحشته .
مِنْ هينْ مَرْ الْحُلو مِن هين مَرْ او شَلْ مَنْسا وِليفْ
الْجَهَلْ لُو كَطّعُوْني اوْشَلْ
ِحجلَ لِبنية دَوّى شَلْ الْعشايِرْ شَلْ مَدريْ عَربْ رَاحِلة
لُو دَكَة شَرْجيّة هذا شاعر يضيق ذرعاً بحزنه العميق لأنه لم ير
لحظة فرح من يوم ما أتى إلى هذه الدنيا التي يشعر أنه خلق فقط
للألم والحزن حيث يقول :
حَزيْنْ طُولْ الْعُمُرْ مِنْ يُومْ ماجيْتْ(2 لاضِحكْ سِني وَلا
صُوبِ الْهَنا جِيتْ
الْناسْ اتْضثوكْ الْفَرَحْ وَآني ابْحِزْني وَجِيْتْ أدْعي رَبْ
الْخَلكْ ايْخَفِفْ الْحالية
الدموع في المولية ::
دَمْعَ الْبيابيْ على الْوَجْناتْ رَشْراشيْ مَنْسا وِليْفَ
الْجَهَلْ لُوْ شَدّوْ انْعاشيْ
يايُومْ دِزُمْ امْلاحَ الْبيضْ طُراشيْ عاشَرِنْ غيْريْ يارَبيْ
وِكُطَعَنْ بِيّة
َورِثَ الشاعر الفراتي ذرفَ الدموع ، قبل خروجه من رحمِ أمه ،
مثله مثل أغلب سكان هذا الوادي ، لأن ما عانته المرأة في الزمن
الغابر ، بلا عودة بإذن الله ، أكثر مما عاناه الرجل الفراتي ،
فقد عانت من الحرمان ، والاضطهاد والعنف ، والتميز ، والمعاملة
القاسية . ....الخ ومن هنا فقد عرفوا ، البكاء والحزن ، بالوراثة
. ولكون الشاعر أكثر الناس تحسساً، وتأثرا ًمن غيره ، فهاهو مرة
يذرف الدموع ، من فراق الأهل ، أو الأحبة أو لفقدان عزيز ، ومرة
من قسوة الحياة .
هذا شاعر ، يصف حزنه ، ويشبه دموعه بأنها تنساب ، من مكان عال
على فراق أحبابه الأعزاء .
دَمعي مِنْ فُوك الْسَفحْ يِنْسابْ هَمْالي على احْبابُ كضو
عَنّوْ على بالي
يَاريْتهُمْ يَمِنا اوْ يِرْتاحْ دَلاّلي وَبَطِلْ نُوحْ
اوْحِزِنْ وَغني مُوليّة
وهذه امرأة .لم تتوقف عن ذرف الدموع، منذ أن فقدت فلذة كبدها ،
بل سكنت المقبرة ، طالبتاً من ربها أن يعجل بموتها ، ظناً منه ،
أنها إذا ماتت ستلقاه .
لِدْمُوعْ مابَطْلتْ مِنْ رِحِتْ ياوْليّدي ا وْلَسْبُقَكْ عْلْ
مِكبرة لُولا الأَمِربِيديْ
لَظَلْ انا امْوَاسَدَكْ امْنَ الْعيدْ لَلْعيديْ بلچيْ رَبْ
الْعَرِشْ يِعْجِلْ بالْمَنية
وعلى فقدان أخيه :
دَمْعيْ على الْخَديْنْ ياخُويْ هَطَالي مَانْسيْتْ وَلاانْتَ
اتْرُوْحْ ياخُوْيْ مِنْ بالي
لَكنْ افْرَاكَكْ ياخُويْ وَالله چَتالي اوْظَليْتْ بَعْدَكْ
ياخُويْ بِنْوَاحْ يُوميْة
ولكن أحياناً تُذرف الدموع من شدة الفرح هذا إذا كان هناك فرح في
أزمنة كان البؤس وشظف العيش السمة العامة لأكثر الناس وكلها تحمل
الفجيعة للإنسان وتفرض عليه ذرف الدموع الذي أصبح عند البعض مثل
الأكل والشرب من شدة المعاناة والألم
لَظَلْ ابْـجيْ ابْـهَبَلْ وَنُوحْ طُولْ الْليْلْ وَسِيْعْ
بالْبَراريْ وَخَاويْ نَجْمِ اسْهيْلْ
وَوَلَوِلْ مِثلِ الْنِسا وِبْدَمْعيْ أَرْويْ الْخيْلْ وَامُوتْ
مُوتَتْ طِعيْنْ لَمَنْ يِـجيْ لِيّة
=================================
وبعضهم يرى في ذرف الدموع خلاص من هذا الواقع الأليم على رأي
المثل .
وبعضهم يرى أنها تجلي القلب من صدأ مرارة الحياة ، ولوعة الحب ،
وهذا شاعر يطلق صرخته ، باسم فتاة ترفض الزواج من رجل خسيس لا
تحبه و ،ليس لديها رغبة في الزواج منه ، ولكن أهلها يغصبونها ،
وهذه من العادات التي كانت متبعة في الماضي بعد أن سمعها تترجى
أمها أن تقنع والدها بالعذول عن رأيه .
أرجوچْ كَولي لابويْ يايومْ مَارِيدو وِنْ حَطُوني بالْرَحى
وَالله مارِيْدو
لَدخُلْ على الْحاكمِ وَرْجا وَابوْسْ ايْدُو يِبْعِدْ
هَالْرَديْ عْني مَالُوْ غَرَضَ بِيّة
فرد عليها ولكن على لسانها :
وِتْصيحْ مَارِيْدوْ وِتْصيْحْ مارِيْدو وِنْ كَطّعُوني شِقَفْ
بِالْسيفْ مَارِيْدوْ
لارُوحْ عَلْ حَاكم الْبِشامْ اَبُوْسْ ايْدوْ أكلوا شِيْنْ
الْطَبِعْ مَالُوْ غَرَضْ بيّة
وتابعت :
عَنيْتْ مِنْ عَنتيْ مِنْ عَنتي مَالُوْمْ عَنيْتْ عَنَتْ
الْطِفِلْ اعْنَ الْثَديْ مَفْطُوْمْ وِلّيْ ايْعَرْفَ الْهَوَى
يِشْكي ابْحالي دُوْمْ وِلْ مَا يْعَرْفَ الْهَوَى مَالُوْ غَرْض
بيّة
الشكوى في المولية
تعودنا على قراءة ، واستماع هذا النوع من الشعر ، في ديوان العرب
الذي ينهمر بالشكوى المريرة من الحبيب ، والحبيبة ، والظلم
الاجتماعي ويهطل على القلب ، بأساه مورثاَ اللوعة والحزن ، وقد
ظهرت هذه الخاصية ، بشعر المولية الذي يشكو بها حبيبته ،
ويستعطفها أن ترحم بحاله ، وأن تشعر به ، وبحبه الذي حفرت
مفرداته جدران قلبه ، وتسللت إلى أعماق ، أعماقه لتسكن فيه إلى
الأبد :
شِكيتْ اوْياما شكيتْ مامِنْ امْنادي اِيجيبْ مِنهمْ خَبْر
وِيريحَ لچبادي
كُلْ يُومْ ايمرني الحزنْ مَطْعونْ بفادي أشْكيكْ ياصاحبي ضَيعتْ
حالية
أشْكيكْ الْواحِدْ أَحَدْ يَلْ ضَيعتْ حالي خَليتْ مالي حدى
وَدَوْرَ لِسْمالي
مِشيتْ وِسْرَحْتْ اَنْا بِسْهولْ وِجْبالي أَتْلفتْ مخفي
الْوَجِه مثل الحرامية
وتستمر هذه الشكوى تعصر ألماً كلما فقد الشاعر الأمل من استجابة
الحبيب فهو بحكم العادات والتقاليد لا يجرؤ على مخاطبتها ولا
اللقاء بها إلا من خلف الجدران بصوته أو بالمراسلة أوبالمناجاة
فيصبح هذا الحب عذرياً فيزيد في الوجد والشكوى والهم والليل
الطويل وقساوة الحياة التي تنبت الشيب في الرأس وتجعل القلب ينزف
دموعاً وحسرةً مما يعاني ومامن مجيب لشكواه ومن هذه الأبيات التي
تصف تلك الحالة المأساوية قول الشاعر :
نِزَفْ دَلالي عَليكُمْ حَسْراتْ وِدْ موعي لاحدْ رِحَمْ حالتي
اوْلا وَاسَدْ اضْلوعي
ظَليتْ اشْكي وانْتخي وِسْنينْ مَوجوع اوْصُفيتْ ابْلا أهَلْ اوْ
ماظلْ حَدى لية
====================
وهذه فتاة تصور لنا حالتها ، التي تُبكي حجر الصوان ، من شدة
معاناتها ، والعنف التي تتعرض له كي تنسى ، وتتخلى عن حق من
حقوقها ، مع ذلك هيً تضحي ، ولا تترك الإنسان الذي تحبه ، ولو
كلفها ذلك روحها .
رُوحيْ اوْكَلْبيْ إِلَكْ اوَيّاهِنْ اعْيوني اوْما بِطلْ عَنْ
عِشرِتكْ لولا يِذِبْحوني كُلْ يُومْ صُبْح اوْمَسا وَالله
يِضُرْبوني تا أَبْعدْ عَنْ عِشرِتكْ يابْنَ الِعْمُوميّة
====================
وتتابع شكواها عسى أن يسمعها من ينقذها مما هي فيه من مذلة وعنف
وسلب لحقوقها ومصادرة رأيها .
كُلْ يُومْ وِمْن الْصُبحْ عَلكَمْ يِفَطْروني وِالْمَسا يْبلْش
الحچي دَبُوسْ بِعْيوْني
وِ يْلفُوني بالْزرَدْ وِبْنوجة يِنَوْمُوني هِذيْ أَنا حَالِتيْ
كَافِينيْ مِرْميّة
====================
التوجع
وجعان وعني وجعان وعني عل فطرني دبس وسمين غدني
لو ما هوى بنتكم ماجيت متعني ولا ركيت العلو وتعبت رجلية
كافيه رسمك ترى ماشوف انا غيره والله جتلني العشك والثوب ماشيله
مباريك طول العمر وبليلي اغنيله مليت هدني السهر وفات الوجع بية
الألم
أسحل جدامي سحل والكلب ناغزني والدمع سيل انحدر لجداي طامرني
والحزن نام ونبت بجلاي عاسني والدار منهم خلت وراحوا من ايدية
النعي والندب
يستخدم هذا اللون من البكائيات في مجالس العزاء ( التعازيب )
وتسمى القوالة أو القاصودة ومن النسوة القاصودات المشهورات في
تاريخ دير الزور هي :
خرمة :
يباب الحوش لا تكضب دلافيهم
أمارة وبالعجل سلمى كصت بيهم