آخر الأخبار

الطريق إلى إيبلا-3

"نصفي إيطالي ,ونصفي سوري"
باولو ماتييه ,مكتشف ألواح إيبلا

قفلنا راجعين إلى معصران ,حيث كان من المتوقع أن ينهي الشباب أعمالهم في خلايا النحل .
وبعد استراحة قصيرة ,تم الإتفاق على أن نقصد إيبلا ..
سمعت باسم إيبلا وتل مرديخ مبكرا ,لم ألم بتفاصيل وأهمية المكتشفات الأثرية فيها ..ولكن علمت بتكذيب مكتشف إيبلا لما روّجه الصهاينة حول تلك المكتشفات ,إلى أن وقع بين يدي تحقيق مصور عن تلك المكتشفات وأخبار التنقيب في مجلة الفيصل السعودية في عام 1981 ولا أزال أحتفظ بذلك العدد..
وكتبت في ذلك العام في غمرة ذلك الحدث قصيدة أهديتها لإيبلا , وأرسلتها لمجلة الكفاح العربي اللبنانية ونشروها بعد أن غيّروا فيها اسم إيبلا واستبدلها المحرر بكلمة (إنها)...
ومنها:
ونرقبها
كيف تقاوم ..كيف تحب
إيبلا في طيات القلب
شمس التاريخ المتقدة
ورأينا:
كيف تقطر خمر الكرمة
كيف تقدس ضوء النجمة
كيف تقابل وجه الضوء
ووجه العتمة.
.......
شمسا تمضي
في أكواخ الفلاحين
فوق أراضي المنسيين
لون الشجرات المخضرة
لون جباه لا تكترث
تمضي بعيدا
تمضي حرة.
مضينا بين الأطلال ,والتي تتناثر حتى الأطراف البعيدة..وكانت العين تحاول أن تلتقط وتلم بتفاصيل حياة هؤلاء الأسلاف ..وكان القلب قد عاد كما كان صغيرا ..يخفق بشدة حبا وإعجابا..
كان كل شيء تحت الأرض ,منظر قد لايغري بالمشاهدة..لكن ما أخرجته الأرض من رحمها كان له الأثرالكبير فيما بعد.
وتقول القصة :
"وفي عام 1975 حدث أمر مفاجىء وحاسم حين تم العثور في جوف تل مرديخ على غرفة كاملة للأرشيف الذي ضم (16500)لوحا فخاريا وكانم عظمها بحالة جيدة, وهي السجلات الكاملة لمملكة إيبلا وهذا يعني وجود حضارة زاهرة قبل 4500 سنة من الآن وهي أقدم وثائق مكتوبة اكتشفت في سوريا على الإطلاق .وضمت نصوص مالية وتجارية وقضائية والمراسلات ونصوص دينية وأناشيد ألوهية .وأول معجم لغوي يصل إلينا على الإطلاق عبر الحقب يترجم الألفاظ السومرية إلى الإيبلوية".تعد لغة إيبلا (تل مرديخ) أقدم لغة وصلت
إلينا مكتوبة حتى الآن، ولم يكن أحد يتوقع العثورعلى شواهد مسطرة منها، وتتماثل هذه اللغة
مع الأوغاريتية( لغة رأس شمرا على الساحل السوري) التي نملك عنها شواهد ترقى إلى 1400 حتى 1200قoم، فضلاً عن هذا تماثلها مع اللغة العربية o فمثلاً نجد بين مفردات لغة إيبلا في الألف الثالث كلمات لا تزال حية في العربية مثل(كتب)و ( ملك) و (يد)o
قد حققت وثائق إيبلا ثورة في معارفنا التاريخية في الألف الثالث قبل الميلاد، هذه الفترة التي شهدت بناء الأهرامات في مصر أو ما يسمى بعصر (الملوك)، وشهدت الحضارة السومرية الأكادية العظيمة في الرافدينo فإلى جانب أكبر مصدرين للمعلومات التاريخية، وهي مصر والرافدين، أصبحت سوريا بفضل اكتشافات إيبلا المصدر الرئيس الثالث للتاريخ الحضاري والسياسي في الشرق.
وحال الإعلان عن هذا الإكتشاف ,سارع التوراتيون كعادتهم إلى محاولة سرقة التاريخ من جديد .في محاولاتهم المحمومة لإثبات وجود لهم على هذة الأرض ولتكريس تاريخ التوراة .
إلا أن الحقيقة سرعان ما كنست أوهامهم ..فزمن إيبلا يسبق موسى ب 1200 سنة على الأقل ..وكان ذلك فشلا آخر يضاف لفشلهم في إثبات إي من أحداث التوراة أو أي وجود لما دعي بمملكة داوود وسليمان تاريخيا وذلك في كل التنقيبات الأثرية التي أجروها.
إن هذة الأرض تأبى إلا أن تكشف عن جسدها المخبوء كل فترة ..مدافعة عن قيمها وحضارة أبنائها ,مسقطة التاريخ الذي لقن لنا ..والذي أريد له أن يكون تاريخ عشائر بدوية متنافرة ومتناحرة ..تختلف على كل شيء من رعي الغنم إلى النساء ووتتفق على القتل ..وذلك لإبراز عشيرة بني إسرائيل المتفوقة والمختارة من قبل يهوه(كما تم تكريسها في التوراة الموضوعة أيام السبي البابلي بعد موسى ب600 والتي نسخت ونحلت الكثير من تراث سورياآنذاك كما بينت المكتشفات الأثرية بعد ذلك) لتحكم هؤلاء الأغراب البدو الجهل.
كانت هذة الأرض تكشف لنا التاريخ الحقيقي..
تاريخ الحضارة والعمران ..
تاريخ أول تسلق باسل للعقل البشري.