هؤلاء الذين يقومون بثورات سلمية لا يستطيعون منع قيام ثورات دموية...
"جون كينيدي"
النظام لايحترم أحدا ..تجاوز حدوده وانتهج كل ما من شئنه إذلالنا ..نظام يتكئ على حقارات"وزراء" موظفين تافهين ومجموعة خونة متسلطين يمتصون ثروات البلاد ويمارسون نهب المواطن والوطن ..صبرنا كثيرا وأحزابنا لم تصنع غير الكلام ولم تجيد غير الفضفضة والفراغ الممل ..
إلى متى سيضل وضع البلاد والعباد سائرا نحو كل سيء ..كم سيطول صبرنا وكم يا ترى نستمر في مج الهوان ..لا نريد أن نموت هكذا بلا ثمن بلا وطن.. نريد أن يدفع السفلة ثمن بلائنا ..ثمن جوعنا..ثمن الهوان الذي طال أمده وتجاوز كل حدود وأسيجة الصبر ..أين جاء الثوار أين تلاشت أرواحهم كيف لم يبقى إلا مجموعة مهرجين في ميادين الكلام والقول الميت والكلمة الباردة .. مشكلتنا أننا نسخر من ألمنا ب(كوميديا القرني والاضرعي)لدرجة جعلتنا نشعر انه ليس ألما ...عندما نتحدث عن مواجعنا بقالب ساخر كوميدي نقتل كل معاني الألم ويصبح وجعنا حدثا يضحكنا عرضه فيفقدنا ألمه...إن لغة اليأس حين نتحدث بها تحولنا إلى ساخرين حتى من أنفسنا ...عندما لانرى إلا الألم يفقد معناه فيصبح عادة من عاداتنا لايناسبنا التنازل عنه... هذه هي ثقافة النضال السلمي ...عندما نحول الألم رقصا وفرحا فلا نشعر به ...عندما نخدر أنفسنا بأصوات نرفعها وصراخ لايصل أبعد من أذنينا حتى الألم تعلمنا كيف نقتله فبتنا نتحدث عنه كمن يقول قصة مسلية لابنه كي ينام بهدوء....
يعتبر البعض إن الكلام بسخرية عن وضع محزن و مؤلم أو قاسي يجعل المسبب له يشعر أكثر بذنبه ويرى أخطاءه بشكل أوضح ..لكن في الحقيقة نحن نحول الألم إلى أمر عادي فنشعر أن الذنب اخف ..
نبحث عن كرامتنا المطمورة نفتش عن الأمل الكامن ولكن لاثمة خير سيتحقق أحزابنا ميتة وأخرى فاشلة لاتجيد فن الحشد والقدرة على تحريك الإنسان ..قادتها يجيدون الظهور كمهرجين .. يسوغون ثقافة الذل بأسماء مختلفة ونضالات لاتحرك ساكنا..من للجائعين في عراء البؤس يقاسون الألم..من للأطفال الذين ما عرفت البهجة سبيلا إلى نفوسهم ..من للجوعى والمتسولين ومن للشاحبة وجوهم في أرصفة الموت البطيء من لكل الناس هؤلاء ..هل يستطيع خطابا تنفيسيا مكررا أن يعيد البسمة إلى شفاه هؤلاء البائسين ..
من للكرامة المندهسة تحت وطأة الواقع المرير ..من للشموخ الذي أذلته حمحمات الخيل الحقير.. من لأنيسة الشعيبي من لأولاد الحامدي ..من للمعذبين في سجون الهوان وأقبية الاستبداد..
لا بد من ثورة ..لا بد من فعل ..لابد من تغيير مفردات الخطابات الباردة ..لابد من شحذ حاسة المقاومة بالأجساد إلى جانب الأقلام ..لابد من قعقعة بروق الميامين في ساحات التحرير والانعتاق من ربقة هؤلاء الجلاوزة ساسة الخيانة والخديعة وقتلة الكرامة ..أي شيء نخشى إذا كنا لا نملك من الوطن ذرة ,,أي شيء نخشى إذا كانت الكرامة منداسة والجوع يقترف أفعاله فينا بدناءة وخسة .. هل ثمة وطن لنا إلا ذلك القبر فلنرحل إليه شامخين ..
لا بد أن نموت بشرف.. أو نحيا بشرف..خيرا من أن نموت جوعا وذلا..لابد من ثورة تغير الواقع إلى الأحسن وإذلم نجد الكرامة في قاموس الحياة نكتبها بالدم..