آخر الأخبار

لمن نشكو؟

«السكنتوري» أحد أحياء مدينة اللاذقية لكن بالاسم فقط، فالوضع والخدمات فيه في حالة يرثى لها، ويخيل إليك عندما تزور هذا الحي بأنه سقط سهواً أو منسياً من دائرة اهتمام بلدية اللاذقية.

وبالمقارنة بينه وما حوله ترى الاختلاف الكبير والشاسع، فما أن تدخل من الشارع الرئيسي بالقرب من محطة القطار لتشعر بأنك أصبحت في عالم ثان تنقلب فيه الأمور 180 درجة، حيث تنتقل من شارع نظيف وأحياء محيطة منظمة إلى حي تكاد تكون فيه الخدمات معدومة أو تقدم بالقطارة. ‏

وتبدأ المعاناة من بداية الدخول إليه ولا أعلم إن كانت تسمية شوارع الحي بالشوارع فهي بقايا أو معالم طرقات أكل الزمان عليها وشرب، فالحفر والأتربة والغبار والمياه الراكدة لا تفارقها وأصبحت من معالم المكان، أما الإسفلت فغادرها منذ زمن طويل إلى غير رجعة، ولا تتحدث عن الأرصفة لأنها هي أيضاً أصبحت في خبر كان. ‏

إن معاناة أهالي الحي موصولة على مدار العام، في الصيف القمامة تملأ المكان وخاصة وسط الحي بالقرب من سكة القطار ولا سيما في القناة التي حفرتها البلدية لتصريف مياه الأمطار، تحولت لمكب للقمامة وموطن لجيوش من الذباب والبعوض ومختلف الحشرات ومرتع خصب لتكاثرها، وللتأكد يكفي أن ترى آثار لسعاتها على أجساد الأهالي، أما الصرف الصحي فقصته طويلة فكل يومين أو ثلاثة تفيض المياه المالحة وتسيل على الطرقات من فتحات مغطاة بقطع اسمنتية كبيرة ليس لها علاقة بالريغارات، وتأتي ورش تعالجها بشكل مؤقت «تضربها بالصاروخ» تعمل لعدة ساعات ثم تعود لتفيض من جديد لتنشر الروائح الكريهة تمتزج «بالعطور» المنبعثة من القمامة المنتشرة في كل مكان لتعطي خلطة فريدة من الروائح كافية لتطفيش أي زائر للحي، أما مياه الشرب وكذلك الغسيل لها رواية خاصة تقترب من المأساة فالكثير من البيوت لا تصلها المياه رغم وجود الشبكات والتمديدات، ويضطر ساكنوها لجر المياه على أكتافهم من أقرب منهل أو مصدر مائي إلى الطوابق العليا. ‏

وفي الشتاء هناك نوع آخر من المعاناة إذ تتحول طرقات الحي إلى مسيلات مائية لعدم وجود قنوات لتصريف مياه الأمطار وتتجمع وسط الحي لتصل إلى القناة التي ذكرناه آنفاً وتشكل بحيرة من المياه تفيض بالأوساخ والقمامة وتدخل إلى المنازل المجاورة، وأترك لكم أن تتخيلوا الوضع وحجم المعاناة. ‏

طبعاً الأهالي ملّوا من الشكوى للجهات المسؤولة في المدينة والمحافظة وتوصلوا إلى أن الشكوى لغير الله مذلة، فالكل بات يعلم بأدق تفاصيل مأساتهم ومعاناتهم ولكن من دون جدوى ويقولون إن الجهات المعنية والمسؤولة مشغولة بأشياء أخرى يبدو أنها أهم من حياة المواطن في هذا الحي. ‏